اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٩ تموز ٢٠٢٥
يشدد الباحث المغربي المهدي مستقيم في الجزء الثالث من مشروعه ثلاثية الاعتقاد الموسوم «في حرية الاعتقاد من الحق في الامتناع عن الاعتقاد إلى الحق في الاعتقاد»، على فكرة رئيسية مفادها، أن مطلب الاحترام الوضعي لحق الإنسان في الاعتقاد، وحق الإنسان في الامتناع عن الاعتقاد، يعني ضرورة احترام حق المواطن في الاعتقاد، وفي الامتناع عن الاعتقاد، استنادا إلى الاعتبارات الإبيستِمية – الأخلاقية في المقام الأول، والاعتبارات القانونية الوضعية في المقام الثاني، بما هي مداخل رئيسية من شأنها ضمان تعايش المعتقدين والممتنعين عن الاعتقاد، من دون أن يلحقهم أدنى تحقير أو إهانة أو سخرية.
انطلاقًا مما سبق، يصوغ المؤلف الإشكال الذي ينطوي عليه مصنفه في السؤال المركزي الآتي: هل يمكن تشييد مجتمع ديمقراطي قوامه الحرية والاستقلالية، من دون ترسيخ ضرب من الوعي بالحق الإبيستِمي – الأخلاقي في الاعتقاد وفي الامتناع عن الاعتقاد؟
ومن أجل إخضاع إشكاله هذا لِمِحَكي الدراسة والفحص ارتأى تفريعه إلى مجموعة من الأسئلة أهمها:
• ألا يحق للإنسان أن ينزع إلى الاعتقاد بوجود الله؟ أيحق للممتنعين عن الاعتقاد صده بتعلة تدنيس الفضائل الإبيستِمية؟ هل في مكنتهم أن يأتوا بحجية كافية تُبطل نزوعه ذاك؟ ألا يحق للإنسان أن ينزع إلى الامتناع عن الاعتقاد بوجود الله؟ أيحق للمعتقدين صده بسبب وقوعه في الخطيئة العظمى؟ هل في مكنتهم أن يأتوا بحجية كافية تبطل نزوعه ذاك؟ ألا يحق لكل شخص أن يسلك السبيلَ الذي ارتضاه لنفسه؟
• هل يصمد الاعتقاد الديني الأعمى أمام الاستدلال المنطقي الصارم؟ أليس مشروعا، من وجهة نظر إبيستِمية – أخلاقية، أن ينزع الإنسان إلى الامتناع عن الاعتقاد في ظل غياب حجج تسوّغ صدق الاعتقادات الدينية السائدة؟ كيف يمكن أن نضمن للإنسان الممتنع عن الاعتقاد التمتع بهذا الحق داخل مجتمع ذي أغلبية تركن إلى الاعتقاد، من دون الاستناد إلى مسوّغات؟ أيُعَد الاعتقاد (الديني) حالة ذهنية عقلانية مشروعة من وجهة نظر إبيستِمية – أخلاقية؟ وهل يُعد الامتناع عن الاعتقاد (الديني) حالة ذهنية لاعقلانية تفتقد المشروعية الإبيستِمية – الأخلاقية؟ وتأسيسا عليه، قسم المؤلف مصنفه إلى قسمين، إذ وسم الأول بعنوان: الحق في الامتناع عن الاعتقاد، وقسمه بدوره إلى ثلاثة فصول:
الفصل الأول: لا عقلانية الاعتقاد الديني
الفصل الثاني: الاعتقاد الديني بين العلوم التطورية والعلوم المعرفية
الفصل الثالث: شفافية الاعتقاد
في حين وسمنا القسم الثاني بعنوان: الحق في الاعتقاد، وقسمناه بدوره إلى ثلاثة فصول:
الفصل الرابع: الأبعاد العقلية لمفهوم (الاعتقاد الديني)
الفصل الخامس: إبيستمولوجيا الفضائل
الفصل السادس: الإبيستمولوجيا المتواضعة أو رهان تطبيع الاعتقاد الديني
وذلك نتيجة سعي المهدي مستقيم إلى تسليط الضوء على السجال الذي نشب إزاء قضية الحق في الامتناع عن الاعتقاد، وقضية الحق في الاعتقاد؛ بالنظر إلى تشبث كل من المعتقدين والممتنعين عن الاعتقاد بضرورة معاملة بعضهم بعضا معاملة الشريك للشريك. وهو الأمر الذي من شأنه أن يحد من خلافهم الدائم. فقد أمسى الاعتقاد تحت رعاية مشتركة، تحرص على التوليف بين معتقدين أقل اقتناعا وممتنعين عن الاعتقاد أكثر تفَهما. لذا، تَرَكزَ اهتمامنا على الإجابة عن أسئلة، من قبيل: ألا يحق للإنسان أن يعتقد، من وجهة نظر إبيستِمية – أخلاقية، من دون أن يستند إلى حجج وأدلة معرفية؟ هل يحتاج الاعتقاد الديني إلى سيرورات المحَاجَجَة والتدليل المعرفيين؟ أليس بمقدورنا تسويغ الاعتقاد الديني استنادا إلى أسباب عملية؟ ألا يجدر بالإنسان أن يحمل نفسه على الاعتقاد بما يُرِيحُهُ عمليا ونفسيا، عوض الانغماس في سيرورات التسويغ النظري المنطقي العقلي؟ أليس في مُكْنَتِنَا تسويغ اعتقادين متناقضين من دون أن نرتكب غلطا بيّنا في الاستدلال؟ أين نحن من مطلب التسويغ، إذا كان بمقدورنا تحصيل أدلة متكافئة؟ وإلى أي حد يمكننا أن نتحدث عن حجية في حالة تكافؤ الحجج؟ ألا يحق للإنسان أن يمتنع عن الاعتقاد من وجهة نظر إبيستِمية -أخلاقية؟ هل بمقدورنا أن نحمل أنفسنا على الاعتقاد من دون فهم مسبق؟ وإذا امتنعنا عن تشييد اعتقاداتنا وفقا لما تمليه علينا واجباتنا الإبيستِمية، فكيف لنا أن نُصدق ما يعتقده الناس أو نتحاشى تصديقه؟ ما السبيل الذي من شأنه أن يُوجهَنا صوب قبول اعتقاد، ورفض آخر؟ كيف لنا أن نتحمل مسؤولية اعتقاداتنا؟ هل ثمة من حجية تتحاشى لوم الناس عن تشكيل اعتقادات خاطئة؟