اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ١٩ أيلول ٢٠٢٥
لم تكن معاناة الموظف الحضرمي مجرد انعكاس لأزمة مالية عابرة، بل تحولت إلى رحلة طويلة من الانحدار في الحقوق، بدأت بتآكل الراتب الذي كان يُفترض أن يضمن حياة كريمة، وانتهت إلى فتات تحت مسمى 'الحافز'، هذه الرحلة لم تكن قدراً محتوماً، بل نتيجة مسار سياسي وإداري مرتبك، تغذّيه الصراعات على النفوذ والمال، وتغيب فيه أي رؤية حقيقية لمستقبل حضرموت وأبنائها .
الراتب، كحق مكتسب وركيزة أساسية للعيش، تحوّل مع مرور الوقت إلى عبء على السلطة التي عجزت عن الوفاء بالتزاماتها، ومن هنا جاء 'الحافز' كحلّ ترقيعي مؤقت، يحمل في طياته إقراراً صريحاً بانهيار منظومة الدولة وعجزها عن القيام بوظائفها الأساسية، لكنه في الوقت نفسه جسّد سياسة ترويض للموظف، تقوم على منحه ما يسكت جوعه دون أن يحفظ كرامته أو يحقق استقراره .
الخطير في هذا التحول أنه لم يكن مجرد خطأ إداري، بل انعكاساً لصراع أكبر، حيث أضحت موارد حضرموت الهائلة مجالاً للمساومات والمحاصصة، بدلاً من أن تكون رافعة للتنمية ومصدراً لضمان حياة كريمة لمواطنيها، وهكذا أصبح الموظف هو الحلقة الأضعف، تُلقى عليه تبعات الفشل والفساد، بينما يزداد المتنفذون ثراءً ونفوذاً .
اليوم، لم يعد السؤال يتعلق بالراتب أو الحافز فقط، بل بمصير الإنسان الحضرمي ذاته، الذي يجد نفسه مهمشاً في معادلة سياسية واقتصادية لا تراعي حقوقه ولا تعترف بمعاناته، وإذا استمر هذا المسار، فإن سقوط الحقوق لن يتوقف عند حدود الموظف، بل سيمتد ليشمل كل ما تبقى من أمل في بناء دولة عادلة ومؤسسات مستقرة .
رحلة سقوط حقوق الموظف في حضرموت ليست نهاية القصة، لكنها إنذار مبكر بأن الأوضاع تسير نحو مزيد من الانهيار ما لم يتغير المسار، والتغيير لن يأتي من الخارج، بل من وعي الناس بحقوقهم وإصرارهم على استعادتها كجزء من معركة أكبر من أجل مستقبل حضرموت .