اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
الحق المؤجل ظلمٌ معلن، أكثر ما يُوجع القلب أن يكون طريق العدالة في اليمن هو ذاته طريق المعاناة. ليس من السهل أن تبحث عن حقك بين أروقة المحاكم، فتكتشف أن الخصم الحقيقي ليس فقط من ظلمك، بل من يفترض أن ينصفك.
القضايا تتعثر، وتتأخر، وتُدفن في أدراج الانتظار، وكأنها لا تعني أحدًا. تمر الأشهر، وربما السنوات، دون أن يُفصل في أبسط الحقوق، وكل ذلك تحت ذريعة الإجراءات، أو الحاجة إلى مزيد من الأدلة. لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع – ويتهامسون بها – أن المال أصبح المفتاح السحري لتحريك الملفات، وتسريع الأحكام، وربما حتى لتغيير مسارها بالكامل.
في بلدي اليمن، أصبحت العدالة حلمًا مؤجلًا، لأن بعض من وُكِّل إليهم أمر القضاء يتعاملون مع القضايا كفرص للربح، لا كأمانة يجب تأديتها. تُقال لك الكلمات دون أن تُقال: 'ادفع لتُسمع'، و'من يدفع أكثر، فرصه أوفر'. هذه ليست مبالغات، بل واقع يعيشه الكثير من البسطاء الذين أنهكتهم طرقات المحاكم، وأرهقتهم الرسوم، وتعبت قلوبهم من الظلم الذي يُمارَس ببطءٍ شديد وتواطؤٍ مؤلم.
الأسوأ من ذلك، أن من لا يملك مالًا أو نفوذًا، يُترك وحيدًا في مواجهة خصم قد يكون أقوى، أو أعلى شأنًا. وهنا تبدأ المأساة الحقيقية؛ حين يشعر المظلوم أن العدالة ليست له، وأن الدولة تراه، لكنها لا تسمعه.
كم من إنسان فقد ثقته بالقضاء؟ كم من مكلوم قرر أن يأخذ حقه بيده بعد أن سُدت في وجهه كل الأبواب؟ كم من مظلوم انتهى به الإحباط إلى لحظة تهور دمرت مستقبله؟ هذا كله ليس لأنهم أرادوا الفوضى، بل لأنهم لم يجدوا طريقًا للإنصاف.
القضاء مسؤولية عظيمة، لا تحتمل التهاون، ولا تغفر الخيانة. من يجلس على كرسي الحكم ليس مجرد موظف، بل هو ضمير شعب كامل. وأقول لكل من بيده أمرٌ في هذه المنظومة: اتقوا الله، فالعدل لا يُشترى، والحق لا يُباع. تذكّروا أن هناك يومًا لا يُقبل فيه رشوة، ولا تنفع فيه وساطة، يوم تُرد فيه الحقوق إلى أصحابها، ويُحاسَب فيه كل من خان الأمانة.
في اليمن، نحن لا نحتاج سوى ضمائر حية، وقلوب تخاف الله، لتُعيد للعدالة هيبتها، وللمظلومين بصيص أمل بأن هذا الوطن لا يزال يحتضنهم.