اخبار اليمن
موقع كل يوم -سما نيوز
نشر بتاريخ: ٢١ أيلول ٢٠٢٥
لقد أخذت العنوان حرفيا من نص شعري لنزار قباني ؛ إذ وجدت فيه ضالتي ، عندما وجدته يصور مانحن فيه اليوم بالفعل والصوت والصورة ، مع أن زمنهم كان أفضل بكثير إذا ما قارناه براهننا اليوم ، بل لاوجه للمقارنة ؛ لأمور كثيرة ، منها على سبيل التمثيل لا الحصر ؛ كان القادة في زمنهم يحاولون تقديم شيء للوطن والمواطن وإن رافقهم الفشل والإخفاق ، كان القلة منهم رجالاً ويتمتعون بشيء من الوطنية وإن كانت الغلبة للأكثرية المنبطحة منهم التي توالي الغرب على حساب أوطانها وشعوبها وأمتها ، كانت المصيبة التي تغلبت على الأكثرية منهم هي التعامل مع العدو الصهيوني من تحت الطاولة ، وعدم التوجه نحو بناء جيوش وطنية ، مهمتها الأولى هي الدفاع عن الوطن الكبير من المحيط إلى الخليج أو من طنجة إلى جاكرتا ، بل صنعوا جيوشهم على وفق عقيدة الاحتراب الداخلي البيني وحماية العروش من المواطن فقط .
نكتفي بهذا القدر من مصائب قادة الأمة في زمن نزار قباني ، وسوف ننتقل إلى سرد شيء قليل من كبائر قادتنا في الراهن المؤلم ؛ الكبيرة الأولى أنهم أفرطوا في القروية المقيتة ، وتعالوا وتبختروا في الجهوية اللعينة ، تمادوا وتجبروا وتكبروا في المناطقية المعيبة ، حقا لقد حصروا أنفسهم في حدود العائلة وحسب ، بل تجدهم أحيانا يذهبون إلى ماهو أدنى من ذلك أي يقفون عند حدود ترتيب وضع الأسرة وإطعامها فقط . أما الكبيرة الأخرى فهي أنهم انبطحوا للذي يسوى وللذي لا يسوى من الإقليم والخارج ؛ إذ قدموا أوطانهم وشعوبهم وثرواتهم ومقدراتهم وعزتهم وكرامتهم قرابين مجانية ؛ لخصومهم وأعدائهم مقابل ارتزاقهم هم وأسرهم وسفرياتهم إلى خارج البلاد ؛ تجدهم يمارسون رياضة التزلج على الثلج في البلدان الشرقية وشعوبهم تموت جوعاً ؛ إذ لم يعد الموظف في الصحة ، في التربية والتعليم ، في الجيش والأمن ، في الجامعات والمرافق الأكاديمية وغيرها يحصل على راتبه الذي ـ لايسد الرمق في الأصل ـ ولكنه سوف يساعد على شراء بعض الأمور الضرورية من قوت الموظف ومن يعولهم ، وكذلك تجد أولئك الشواذ يستمتعون على كباري الصين الشاهقة في القطارات السريعة ، ويتجولون في أعالي سور الصين العظيم ، وتكتض بهم نوادي الرقص الليلية ، ومراكز الدعارة في كثير من البلدان الأوربية والأسيوية والأفريقة ، وأوطانهم تدوس على طهارتها ، وتمزق عذريتها أقدام المحتلين والطامعين من الخصوم والأعداء والصهاينة الغاصبين .
ومن الكبائر أيضا أن تجد أولئك الشواذ يسعون جاهدين لبث الفرقة ، وزرع الضغينة ، ونشر الكراهية عبر إذكاء الطائفية والمذهبية والقبلية ؛ لتدمير نسيج المجتمع وتمزيقه تمزيقا شاملاً ، إرضاء لأسيادهم ومشغليهم وكافليهم .
غير أن المصيبة الكبرى والداهية العظمى هي أن هذا كله يحصل على مدار الساعة والغالبية العظمى من هذا الشعب لاتحرك ساكنا ، بل لاتهش حتى الذباب الذي تسلط عليها ـ جراء المجاعة ـ وأصبح يطرب في مساكنها ، ويرقص على أبدانها ، ويأكل من عيونها وأفواهها . حقا إننا في وطن مازال يذيع نشيد النصر على الأموات … لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .