اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد العربي
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
رأي المشهد العربي
منذ عقود طويلة، يخوض شعب الجنوب العربي نضالًا مريرًا من أجل استعادة دولته، في مواجهة محاولات طمس هويته وتدمير إرادته وسحق مشروعه الوطني.
خلال هذا المسار الطويل، سطّر شهداء الجنوب أسمى معاني الفداء والتضحية، فسقطوا في ميادين الشرف، حاملين راية الحرية في وجه محتل غاشم ومشروع استبدادي لا يعترف إلا بالقوة والهيمنة.
دماء شهداء الجنوب، منذ اجتياح 1994 حتى معارك التحرير في عدن، والمقاومة في الضالع وشبوة وأبين وحضرموت، وصولًا إلى التصدي للإرهاب الحوثي والتنظيمات المتطرفة، لم تكن مجرد تضحية عابرة، بل كانت عنوانًا لحكاية وطن عظيم لم ينكسر رغم محاولات إخضاعه.
لقد واجه الجنوبيون كل موجات القمع والإقصاء بصلابة الرجال، فكانت دماء الشهداء بمثابة صرخة الحياة التي تمنع الجنوب من السقوط في وحل الاحتلال.
هؤلاء الشهداء لم يسقطوا عبثًا، بل سقطوا لأجل قضية عادلة تتجذر في وعي شعبهم، ولأجل حلم دولة تُدار بإرادة أبنائها، لا بأوامر غرباء يفرضون واقعًا بالقوة.
آمن هؤلاء الشهداء بأن الجنوب لا يُباع ولا يُشترى، وأن الوطن الحقيقي لا يُقايض بالوعود الزائفة، ولا يُختزل في اتفاقيات تخدم مصالح فئة ضد إرادة شعب بأكمله.
اليوم، تمثل دماء الشهداء جسر العبور نحو الدولة الجنوبية القادمة، دولة تقوم على العدالة والشراكة والتعددية، لا على الإقصاء والتهميش. فكل قطرة دم نزفت في الميدان، كانت بمثابة لبنة في بناء هذا المشروع الوطني المتين، الذي يقوده اليوم المجلس الانتقالي الجنوبي، برؤية واضحة وبقيادة وطنية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي حمل الأمانة في ظروف بالغة التعقيد، وما زال يمضي بها بثبات نحو استعادة السيادة الكاملة للجنوب.
الوفاء لدماء الشهداء لا يكون بالشعارات، بل بالعمل الجاد على استكمال مشروع التحرير والاستقلال، وبناء مؤسسات الدولة، وتثبيت الأمن، وصيانة الكرامة، وإعادة الاعتبار للجنوب في محيطه الإقليمي والدولي.
فالجنوب، الذي روى ترابه بدماء أبنائه، يستحق أن يكون حرا مستقلا، يمتلك قراره وسيادته، ويصوغ مستقبله دون وصاية.
في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ الجنوب، لا بد أن يدرك العالم أن إرادة شعبٍ ضحى بهذا القدر من الأرواح، لا يمكن كسرها أو تجاوزها، فدماء الشهداء ليست نهاية، بل بداية جديدة، تفتح أبواب الدولة القادمة، وتؤسس لمرحلة عنوانها الوفاء واستكمال النضال.