اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٨ نيسان ٢٠٢٥
علقت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير أعدته أبيغيل هاوسلونر وكارين دي يونغ بالقول إن الولايات المتحدة تعمل على إبعاد نفسها عن سوريا، رغم الإشارات عن عودة إيران وروسيا إليها، مع أن تأثيرهما تبخر بعد انهيار نظام الأسد.
وفي الوقت الذي حاولت فيه إدارة الشرع التواصل مع الغرب والقوى الإقليمية، باستثناء إسرائيل، فيما نظر إليه كفرصة لأمريكا للاستفادة من الوضع إلا أن إدارة ترامب لا تزال على موقفها من سوريا كما في عهد الأسد.
وقال مسؤول بارز في الإدارة “لا نزال نتعامل مع سوريا بحذر” حتى يثبت الشرع أنه طهر حكومته من المقاتلين الإسلاميين الأجانب. وقال المسؤول، وهو واحد من عدة مسؤولين أمريكيين وأجانب تحدثت إليهم الصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويتهم: “نحن لا نتطلع بالضرورة إلى إنقاذ سوريا من أجل الشعب السوري. نحن ننظر إلى عدم عودة إيران وعدم عودة [تنظيم الدولة الإسلامية] باعتبارهما المصلحة الحاسمة للشعب الأمريكي هناك”.
ويقول العديد من الحلفاء والخبراء الإقليميين والمشرعين الأمريكيين من كلا الحزبين إن تردد إدارة ترامب قد يضمن عودة نفس الأشياء التي تحاول منعها.
وبحسب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أيداهو، جيمس إي. ريش في جلسة استماع في شباط/ فبراير: “إن المشاركة المفرطة في وقت مبكر جدا قد تخلق المزيد من المعضلات الأمنية” و”لكن عدم المشاركة أو قلة المشاركة سيعطي روسيا وإيران القدرة على ممارسة نفوذ كبير مرة أخرى”. وأضاف ريش: “الوقت هو الجوهر هنا” و”الباب لا يزال مواربا، لكنه سيغلق في وجوهنا إذا لم نستغل وضعنا الحالي”.
وبعد شهرين، لم تقرر الإدارة بعد ما إذا كانت ستدخل من الباب أم تغلقه. وقال دبلوماسي أوروبي حث واشنطن على المشاركة في إعادة تأهيل سوريا: “من الواضح لدينا أن الأمريكيين وللأسف ليست لديهم سياسة”.
وأضافت الصحيفة أن مسؤولا أمريكيا سلم وزير الخارجية السوري الجديد في اجتماع دولي عقد في مركز الاتحاد الأوروبي ببروكسل الشهر الماضي، قائمة بثماني خطوات “لبناء الثقة” يتعين على حكومته اتخاذها للنظر في رفع العقوبات جزئيا
وتتضمن القائمة، التي اطلعت صحيفة “واشنطن بوست” على نسخة منها، السماح للحكومة الأمريكية بإجراء عمليات مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية ضد أي شخص تعتبره واشنطن تهديدا للأمن القومي. كما تلزم القائمة الحكومة السورية “بإصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع الميليشيات الفلسطينية والأنشطة السياسية” على الأراضي السورية، وترحيل أعضاء هذه الجماعات “لتهدئة المخاوف الإسرائيلية”.
وحتى مع بدء الإدارة في سحب جزء من القوات الأمريكية في سوريا، فإن قائمة المطالب تضمنت أيضا توجيهات لدمشق بإصدار إعلان رسمي لدعم عملية “العزم الصلب”، وهي مهمة ما يقرب من 2,000 جندي أمريكي متمركزين هناك ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
ومنذ توليه منصبه، لم يدل ترامب بأي تصريحات عن سوريا، وعندما سئل بعد توليه منصبه بفترة وجيزة عما إذا كان سيسحب القوات الأمريكية، وهو ما قيل إنه أمر به ثلاث مرات خلال ولايته الأولى قبل أن يقنع بالتراجع عنه، قال إنه “سيتخذ قرارا بشأن ذلك”. وأضاف أن سوريا “في فوضى عارمة. لديهم ما يكفي من الفوضى هناك. لا يريدون أن نتدخل في كل واحدة منها”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي بشأن خفض القوات قوله: “من الخطأ اعتبار هذا انسحابا”، مضيفا أن “عملية إعادة نشر القوات والجنود ستمضي حسب ما هو مخطط لها” وأن “الولايات المتحدة ستظل مركزة على مهمة هزيمة تنظيم الدولة”.
ومع أنه لا يتم الحديث حاليا عن سحب كامل للقوات الأمريكية من سوريا، إلا أن مسؤولا دفاعيا قال بأن الخطط تهدف إلى “تقليص” و”تعزيز” الوجود الأمريكي.
وأضاف المسؤول، في إشارة إلى المفاوضات بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني التي بدأت الأسبوع الماضي: “الأمور تسير على ما يرام بالفعل، على الرغم من أنهم على الأرجح لن يعلنوا عن أي شيء قبل محادثات إيران”.
ومن المقرر عقد جولة ثانية من المحادثات في روما نهاية هذا الأسبوع. وقال مسؤول أمريكي يراقب المنطقة إن هناك توقعات بأن تخفض الإدارة عدد القوات “إلى الحد الأدنى، أعتقد أننا سنحصر وجودنا في منطقة صغيرة جدا في الشمال الشرقي”.
ولم يتضح بعد مدى تأثر خطط الانسحاب الأمريكي بالأحداث على الأرض، في وقت بدأ فيه تنظيم الدولة الإسلامية بتصعيد هجماته في شرق سوريا، سعيا منه للاستفادة من أي فراغ قد يخلفه تقليص الوجود الروسي واحتمال انسحاب الولايات المتحدة.
ومن بين الأهداف الأكثر أهمية له، معسكرات الاعتقال في شمال – شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتضم حوالي 9,000 مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية و40,000 من أفراد عائلاتهم. وتعمل قوات سوريا الديمقراطية تحت إشراف القوات الأمريكية هناك، وبمساعدة استخباراتية وتسليح منها.
وأشارت الصحيفة إلى شكوك الحلفاء وخبراء المنطقة من قدرة الشرع على إقامة دولة شاملة ومركزية، ولكن بدون رفع تدريجي للعقوبات على الأقل، “لن يتمكن الشرع من تلبية احتياجات شعبه”، كما قال مروان المعشر، نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ووزير خارجية الأردن الأسبق. وقال المعشر: “الكهرباء متوفرة لبضع ساعات فقط في اليوم والاقتصاد في حالة يرثى لها” و”بدون رفع العقوبات، لن يتمكن من إحراز تقدم وما لم يتمكن من إحراز تقدم، فهو في ورطة”.
على الرغم من أن إدارة بايدن ألغت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار على رأس الشرع في كانون الأول/ ديسمبر، إلا أن تصنيف الولايات المتحدة لسوريا كدولة داعمة للإرهاب لا يزال قائما. وأشار جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي السابق لسوريا إلى أن إيران ستجد طريقا للعودة إلى سوريا “إذا لم تحصل دمشق على دعم شركاء دوليين” وكذا روسيا التي سترسل شحنات النفط وضروريات أخرى.
وترى الصحيفة أن سبستيان غوركا، المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، هو من يقود الحملة ضد أي تنازلات. وقال غوركا في مقابلة نشرتها “بريتبارت” الأسبوع الماضي: “لا أعتقد أن أحدا ذرف دمعة على سقوط نظام الأسد”. لكنه أضاف: “ما لديكم في دمشق الآن ليس ديمقراطيا جيفرسونيا”. وقال غوركا في المقابلة: “كل ما نعرفه هو أن ما يسمى بالرئيس المؤقت قد قال إن الشريعة الإسلامية ستكون قانون سوريا”،”لذا، لا يزال الجدل محتدما بشأن الجولاني وما يريد فعله في سوريا”.
وقال مسؤول آخر: “نحن ننظر إلى ما يفعلون لا ما يقولون”. ومع ذلك لا تزال واشنطن متشككة بشأن الحكومة السورية المعينة حديثا والتي تفتقر كما ترى إلى تمثيل جيد للأقليات، بينما تضم في مناصب بارزة مقاتلين أجانب متطرفين لعبوا أدوارا رئيسية في الإطاحة بالأسد.
وقال المسؤول إن الإعلان الدستوري للحكومة المؤقتة ليس أكثر من “شريعة إسلامية بغطاء أنيق”. ومع ذلك، أظهر كبير مفاوضي ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وجهة نظر أكثر تفاؤلا تجاه الحكومة الجديدة. وقال ويتكوف في مقابلة الشهر الماضي مع مذيع “فوكس نيوز” السابق، تاكر كارلسون: “تشير الدلائل إلى أن الجولاني أصبح شخصا مختلفا عما كان عليه في السابق”، مضيفا: “يمكن للناس أن يتغيروا”. وأشار إلى أن تطبيع العلاقات مع سوريا قد يكون جزءا من اتفاق سلام “ملحمي” في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
في غضون ذلك، اقترب حليفان إقليميان رئيسيان للولايات المتحدة في المنطقة: إسرائيل وتركيا من المواجهة المباشرة في ظل تنافسهما على دعم ترامب لأهدافهما المختلفة لمستقبل سوريا.
ولدى تركيا حوافز عديدة تدفعها إلى السعي لتحقيق الاستقرار في حكومة الشرع، بما في ذلك عودة ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا من الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاما. وكذا منع طموحات الأكراد السوريين بإقامة دولتهم الخاصة على الحدود التركية. إلى جانب لعب دور مهم في سوريا الجديدة وتحقيق مكانة أكثر هيمنة في المنطقة وفرص استثمارية لاقتصاد أنقرة المتعثر.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول تركي قوله: “على حد علمنا، تحاول الإدارة الأمريكية أن تقرر ما إذا كانت ستبقى في سوريا أم لا”.
وأضاف المسؤول أن وزير الخارجية التركي حقان فيدان أكد في محادثات مع مسؤولين أمريكيين أن دمشق، بدعم من تركيا، يمكنها إبقاء تنظيم الدولة الإسلامية تحت السيطرة مع القضاء على الحاجة إلى قوات كردية مسلحة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
أما إسرائيل، التي تعتبر الشرع إسلاميا متطرفا في ثوب حمل، فتفضل سوريا ضعيفة لامركزية على حدودها. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي توترت علاقاته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ فترة طويلة، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع ترامب الأسبوع الماضي: “لا نريد أن نرى سوريا تستخدم من قبل أي أحد، بما في ذلك تركيا، كقاعدة لمهاجمة إسرائيل”.
وبعد أيام من الإطاحة بالأسد في كانون الأول/ ديسمبر، بدأت إسرائيل بقصف منشآت عسكرية هجرها جيش الأسد، وكان آخرها قاعدة جوية في تدمر، جنوب دمشق، كانت تركيا تتطلع لإدارتها. كما واحتلت القوات الإسرائيلية أراضي على بعد عدة أميال داخل جنوب غرب سوريا، وعرضت حوافز مالية على الدروز وغيرهم من الأقليات لمقاومة الحكومة الجديدة. وفي اجتماعه الأخير مع نتنياهو في المكتب البيضاوي، أخبره ترامب أنه يحب أردوغان “و[أردوغان] يحبني”. وقال إن أي مشكلة مع تركيا “أعتقد أنني أستطيع حلها. أعني، طالما كنت متعقلا”.