أحدث أسلحة العالم في حوزة الجيش المصري .. هل تبني القاهرة قوة ردع أم تستعد للحرب؟

في تطور لافت يعكس ملامح استراتيجية دفاعية جديدة، أعلنت مصر عن صفقة ضخمة مع كوريا الجنوبية لشراء 100 طائرة مقاتلة من طراز FA-50 بقيمة تتجاوز مليار دولار، على أن تتضمن الصفقة نقلًا جزئيًا للتكنولوجيا، ما يسمح بإنتاج عدد من الطائرات محليًا. وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي القاهرة لتعزيز قدراتها العسكرية، ولكن أيضًا كمؤشر على تحوّل في السياسة الدفاعية والاقتصادية، يثير نقاشًا مستمرًا حول دور الجيش في منظومة الحكم والاقتصاد المصري.

صفقة الطائرات الكورية: بداية تحول في الصناعة العسكرية

تصنيع محلي بدلًا من الاستيراد الكامل

الطائرات التي سيتم توريدها لمصر تحمل مكونات شبيهة بتلك الموجودة في طائرات F-16 الأمريكية، ما يسهّل عمليات التدريب والصيانة. لكن العنصر الأهم في الصفقة هو الجانب الصناعي، حيث تسعى مصر إلى تصنيع أجزاء من هذه الطائرات على أراضيها، ما يُعزز من قدراتها التقنية ويقلل من الاعتماد على الخارج.

خطوات نحو التصدير

مصر لا تكتفي بالاكتفاء الذاتي في التسلّح، بل تتطلع لأن تصبح مصدرًا رئيسيًا للسلاح، خصوصًا إلى الدول الإفريقية مثل نيجيريا والكونغو الديمقراطية والسودان والصومال. وهذه الطموحات بدأت في التحقق بالفعل من خلال تصدير مدرعات ومعدات عسكرية أثبتت فاعليتها في العمليات الأمنية.

تدريبات مصرية - صينية: رسائل متعددة

مشاركة لافتة في ظل توتر دولي

شهدت الأجواء المصرية في الآونة الأخيرة تدريبات جوية مشتركة بين القوات المصرية ونظيرتها الصينية، شاركت فيها طائرات نقل عسكرية من طراز Y-20 ومقاتلات J-10، إضافة إلى طائرة الإنذار المبكر المتطورة KJ-500، هذه المناورات تأتي في ظل توتر العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، على خلفية مقترح أمريكي بترحيل الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما رفضته القاهرة بشكل قاطع.

مناورات تتكرر

التحليق الصيني في الأجواء المصرية لم يكن الأول، حيث شهد معرض مصر الدولي للطيران عام 2024 مشاركة لطائرات صينية حربية، ما يدل على وجود علاقة دفاعية تتعمق تدريجيًا، وسط تلميحات بأن مصر تبحث عن تنويع مصادر تسليحها.

سباق التسلّح: بين الردع والطموح

بنية تحتية عسكرية متطورة

الجيش المصري، الذي يُعد الأكبر في إفريقيا والعالم العربي، يضم أكثر من 438 ألف جندي، ويتمتع بترسانة حديثة تشمل دبابات، مدرعات، غواصات هجومية، صواريخ ومنظومات دفاع جوي. وقد حصل الجيش المصري على نسبة كبيرة من تسليحه من ألمانيا خلال السنوات الأخيرة، وتحديدًا بنسبة بلغت 32%، ما يجعلها المورد الأول لمصر، متقدمة على الولايات المتحدة وروسيا.

صادرات ألمانية واسعة

تتضمن الواردات الألمانية الغواصات والفرقاطات ومنظومات الدفاع الجوي IRIS-T، بالإضافة إلى أنظمة المراقبة والاتصالات وطائرات التدريب، ما يضع ألمانيا في موقع محوري في تحديث المنظومة العسكرية المصرية.

الانتقادات الأوروبية

تجاوز تحفظات الاتحاد الأوروبي

رغم التحفظات الأوروبية بشأن بعض الملفات الحقوقية، تمكنت الدول الموردة للسلاح مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا من تجاوز هذه القيود القانونية واللغوية، ما أثار انتقادات حقوقية حادة داخل البرلمان الأوروبي.

تقارير أوروبية، أبرزها تقرير صادر عن مركز 'بون' الألماني لدراسات النزاعات، ركز على سرية ميزانية الجيش المصري، مع رقابة برلمانية روتينية على إنفاقه العسكري، وهو ما يُثير تساؤلات حول شفافية الإنفاق العام.

هل مصر تبتعد عن أمريكا؟

تحالفات جديدة... وصراع جيوسياسي

اتساع التعاون العسكري مع الصين وروسيا يُعطي إشارات بأن مصر تبحث عن بدائل لتحالفها التقليدي مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل دعم واشنطن للتفوق العسكري الإسرائيلي، وهو أمر ترى فيه القاهرة مساسًا بتوازن القوى في المنطقة.

الرد المصري على الانتقادات الإسرائيلية

إسرائيل أبدت مرارًا قلقها من التوسع العسكري المصري، خاصة في سيناء، بل طالب بعض المسؤولين الإسرائيليين بتقليص هذه القدرات، لكن الرد المصري كان حاسمًا: مصر ملتزمة بالسلام، لكنها في الوقت ذاته تمتلك كامل الحق في الدفاع عن أمنها القومي بقوة ردع شاملة.

التحديات الإقليمية: الحاجة لجيش قوي

محيط مشتعل بالأزمات

مصر تحيط بها أزمات متعددة: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الحرب الأهلية في السودان، الأوضاع المضطربة في ليبيا، تهديدات إثيوبيا في ملف سد النهضة، وأزمات اليمن وسوريا، فضلًا عن وجود داعش في سيناء، كل هذه الملفات تستدعي وجود جيش قوي قادر على المواجهة الشاملة.

بين الردع والاقتصاد

تتجه مصر بخطى سريعة نحو تعزيز قدراتها العسكرية، من خلال تنويع مصادر السلاح، والتوسع في التصنيع المحلي، مع رغبة في تصدير السلاح إلى إفريقيا، لكن في المقابل، فإن توسع الجيش في المجال الاقتصادي يثير انتقادات حول التوازن المالي، في وقت تحتاج فيه مصر إلى إصلاحات اقتصادية عميقة.

فهل تنجح القاهرة في الموازنة بين بناء قوة ردع عسكرية، وتحقيق استقرار اقتصادي؟ أم أن السباق نحو التسلّح قد يُعرقل خطط التنمية؟ الإجابة مرهونة بالقرارات القادمة، وبمدى التزام الدولة بمبدأ الشفافية والمسؤولية في إدارة مواردها الدفاعية والاقتصادية على حد سواء.

الجيش المصري، القوات المسلحة المصرية، صفقات تسليح مصر، FA-50، تصنيع السلاح في مصر، تدريبات مصر والصين، صادرات السلاح المصرية، الاقتصاد العسكري، ألمانيا سلاح مصر، الدور الاقتصادي للجيش، توازن الاقتصاد المصري، العلاقات العسكرية الدولية، الجيش والصناعة، التصنيع العسكري المصري، الشفافية العسكرية في مصر، القوات الجوية المصرية، الصناعات الدفاعية، ترسانة الجيش المصري، التوتر المصري الأمريكي، المناورات العسكرية