اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٩ حزيران ٢٠٢٥
بات اليمن ساحة جديدة من ساحات الصراع بالوكالة بين الولايات المتحدة والصين، في ظل تطورات عسكرية وسياسية كشفت عن تزايد التدخلات الصينية لدعم جماعة الحوثيين.
وفقًا لمعلومات حصلت عليها 'العربي الجديد' من مسؤولين ودبلوماسيين غربيين، يتصاعد التأثير الصيني في الصراع اليمني، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة في تعزيز إمكانيات وقدرات الحوثيين.
يتضح ذلك من امتلاك الحوثيين أسلحة متطورة في حربهم ضد الحكومة المعترف بها دوليًا والتحالف العربي، وفي مواجهتهم الأخيرة مع الولايات المتحدة، حيث ظهر استخدام الحوثيين لأسلحة وتقنيات وبرامج عسكرية صينية المنشأ، على عكس اعتمادهم السابق على السلاح الروسي والإيراني.
تطور القدرات الحوثية
شهدت القدرات الحوثية تطوراً ملحوظاً برز خلال العمليات العسكرية الأميركية الجوية والبحرية ضد الجماعة.
وتمكن الحوثيون من إسقاط عدد من الطائرات الأميركية المسيّرة، بالإضافة إلى دقة استهدافاتهم للسفن الغربية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، باستخدام تقنيات ورادارات حديثة.
وقد ذكرت الولايات المتحدة أن الصين هي من تزود الحوثيين بالصور والخرائط.
في أبريل الماضي، اتهمت الخارجية الأميركية شركة 'تشانغ غوانغ' الصينية لتكنولوجيا الأقمار الاصطناعية بدعم هجمات الحوثيين على المصالح الأميركية مباشرةً من خلال تقديم صور أقمار اصطناعية.
المتحدثة باسم الخارجية، تامي بروس، قالت إن الشركة 'تدعم بشكل مباشر الهجمات الإرهابية الحوثية المدعومة من إيران على المصالح الأميركية، واستمر الدعم من الشركة رغم تكرار المناشدات لبكين لوقف الدعم السري للحوثيين'.
وأضافت بروس أن 'دعم بكين للشركة، حتى بعد محادثاتنا الخاصة معهم، هو مثال آخر على ادعاءات الصين الفارغة بدعم السلام'. في المقابل، نفى المتحدث باسم الخارجية الصينية، لين جيان، علمه بالاتهامات الأميركية، نافيًا اتهامهم بتقويض السلام الإقليمي.
وتشير دلائل ومعطيات في اليمن إلى أن معركة من نوع آخر بدأت على الأرض اليمنية بين الولايات المتحدة والصين.
وكشفت مصادر عسكرية يمنية لـ'العربي الجديد' أن القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وقوات التحالف العربي تمكنت عدة مرات من مصادرة شحنات أسلحة وقطع غيار يستخدمها الحوثيون لتعزيز قدراتهم العسكرية.
بعض هذه المعدات وقطع الغيار منشأها إيران وبعضها من دول شرق آسيا، بما فيها الصين. وأكدت المصادر أن مئات المسيّرات الحوثية التي أسقطها الجيش اليمني والقوات المساندة له، بالإضافة إلى قوات التحالف، أظهرت أن الكثير من القطع والمعدات المستخدمة في صناعتها مستوردة إما من إيران أو من الصين، وقد تزايدت القطع الصينية خلال السنوات الأخيرة.
في مارس الماضي، تحدث تقرير نشرته منظمة أبحاث تسليح النزاعات (Conflict Armament Research) عن تهريب مكونات خلايا وقود الهيدروجين إلى الحوثيين في اليمن لتطوير طائرات مسيّرة ذات قدرة أكبر على التخفّي والتحليق لمسافات أطول. أظهر التقرير أن بعض مكونات هذه التقنية صُنعت في الصين. وفي موازاة ذلك، كشف تقرير لمركز أبحاث 'أتلانتيك كاونسل' في مايو الماضي، بعنوان 'كيف حوّلت الصين البحر الأحمر إلى فخ استراتيجي للولايات المتحدة'، أنه بينما كانت السفن التجارية الغربية تواجه سلسلة من هجمات المسيّرات والصواريخ الحوثية في البحر الأحمر، فإن السفن التي تحمل علامة 'سفينة صينية وطاقمها' تبحر عبر هذه المياه نفسها دون أن تُمسّ. وأشارت إلى أن بيانات التتبع البحري تكشف أن السفن الصينية تحظى بمعاملة خاصة في منطقة صراع مشتعلة.
تنسيق حوثي ـ صيني
وفقًا لتقرير 'أتلانتيك كاونسل'، هذه المعاملة التفضيلية ليست مصادفة، بل هي نتيجة تخطيط دبلوماسي دقيق.
وأشار إلى أن 'عقوبات وزارة الخزانة الأميركية الأخيرة تكشف أن قادة الحوثيين، بمن فيهم عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، نسقوا مباشرةً مع المسؤولين الصينيين لضمان عدم استهداف سفنهم.
وقد أُضفي الطابع الرسمي على هذا الاتفاق غير الرسمي خلال محادثات دبلوماسية في عُمان، تُوّج بضمانات صريحة للمرور الآمن، حتى مع تصاعد هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ ضد سفن الشحن الأميركية والغربية الأخرى'.
وتابع التقرير: 'بينما يدّعي المسؤولون الحوثيون علناً التمييز بين السفن الغربية والصينية، إلا أن أنظمة الاستهداف لديهم لا تزال بدائية وعرضة للخطأ، مما يؤدي أحيانًا إلى هجمات خاطئة على السفن الصينية العابرة لمضيق باب المندب الضيق، إلا أنها أظهرت تقدماً في تحسين دقتها، بفضل التكنولوجيا الصينية'.
حتى الآن، لم يصدر أي تصريح رسمي من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا يدين الصين أو يطلب منها أي توضيحات بشأن هذه التسريبات، بحسب مصدر دبلوماسي يمني في وزارة الخارجية.
وقد اعتبر المصدر في تصريح لـ'العربي الجديد' أن 'ذلك أصبح ملحًّا بعد تزايد الشواهد على أن الحوثيين يعتمدون على شركات صينية لتعزيز قدراتهم، وهو ما يوجب على الحكومة اليمنية طلب توضيح وتحديد موقف من بكين، إذ يبدو فعليًا أن الصين انخرطت ضمن حروب الوكالة بينها وبين الولايات في أكثر من منطقة وأكثر من مجال.'