اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد العربي
نشر بتاريخ: ٢١ حزيران ٢٠٢٥
رأي المشهد العربي
تشهد العاصمة عدن، منذ أعوام، تسللًا خطيرًا لعناصر حكومية تنتمي ولاءً وانتماءً للمليشيات الحوثية الإرهابية، تعمل تحت غطاء المؤسسات الرسمية وتُمارس أدوارًا مزدوجة تصب في خدمة مشروع زعزعة الاستقرار في الجنوب.
هؤلاء ليسوا مجرّد موظفين عاديين، بل خلايا نائمة تتحرك بتكليف مباشر أو غير مباشر من الحوثيين، مستفيدة من غطاء الوظيفة العامة لتقويض المنظومة الجنوبية من الداخل.
ما يزيد هذا التهديد تعقيدًا هو ارتباط هذه العناصر بجهات تنظيمية تابعة للمليشيات الإخوانية التي لم تتوقف لحظة عن مدّ الحوثيين بمسارات التخادم السياسي والإعلامي والأمني.
فتنظيم الإخوان الإرهابي، الذي يحتفظ بجيوب نفوذ في بعض مفاصل المؤسسات المدنية والرقابية والخدمية، يعمل كجسر تمر عبره التعليمات الحوثية، سواء عبر التمويل أو تبادل المعلومات أو تنفيذ أجندات مشبوهة، في محاولة لضرب الاستقرار الجنوبي من الداخل دون الحاجة إلى المواجهة العسكرية المباشرة.
هذه العناصر الحكومية المتحوثة لها دور مباشر يتمثل في عرقلة الخدمات، وصناعة الأزمات المعيشية، وتضخيم البيروقراطية الإدارية، بهدف خلق حالة من السخط الشعبي في الشارع العدني والجنوبي عمومًا.
كما تسعى هذه العناصر إلى تمرير معلومات حساسة عن سير العمل في مؤسسات الدولة لصالح شبكات استخباراتية حوثية، تعمل على استهداف نقاط الضعف وتوجيه ضربات ناعمة.
هذا الاستهداف المسعور لا يمكن فصله عن منهجية التنسيق العميق بين الحوثيين والإخوان، وهو تحالف لا يستند إلى الانسجام العقائدي بقدر ما يجمعه الهدف المشترك وهو إضعاف الجنوب وإجهاض مشروع استعادة الدولة.
ففي الوقت الذي يرفع فيه الحوثي شعارات العداء للإخوان، ينسّق معهم تحت الطاولة، في توزيع أدوار دقيق، يجعل من العاصمة عدن ساحة رئيسية لهذا التخادم.
المخاوف تزداد مع استمرار وجود بعض الشخصيات المتحوثة في مواقع وظيفية تُتيح لها التأثير المباشر في قرارات مصيرية بقطاعات رئيسية تمس حياة المواطن وتُعاني من اختلالات متكررة يُشتبه في أنها مفتعلة وتخدم سياسة الضغط غير المباشر التي تمارسها قوى الشر اليمنية ضد الجنوب.
الأخطر من ذلك أنَّ هذه العناصر تعمل أحيانًا على تشويه صورة الجنوب خارجيًا، من خلال تقارير مزيفة يتم رفعها إلى منظمات دولية، أو عبر تزييف الحقائق عن الوضع الأمني والإنساني، بما يعزز من مواقف خصوم الجنوب في المحافل الدولية.
إزاء ذلك، فإن بقاء هؤلاء داخل مؤسسات الدولة يُشكّل ثغرة أمنية كبرى، تتطلب الحسم الإداري والسياسي والأمني. فالمعركة لم تعد محصورة في الميدان العسكري، بل اتخذت طابعًا مؤسسيًا خبيثًا، يُدار بعقلية التسلل والانقضاض الناعم.
التصدي لهذه الظاهرة لا يجب أن يقتصر على الإجراءات الإدارية، بل يجب أن يترافق مع رصد استخباراتي دقيق وتطهير مؤسسي شامل، يعيد الاعتبار للوظيفة العامة كأداة لبناء الدولة، لا منصة لتفخيخها من الداخل.
معركة الجنوب اليوم ليست فقط ضد المليشيات المسلحة على الجبهات، بل ضد خلايا ناعمة ترتدي عباءة الدولة وتخدم مشروعًا شيطانيًّا يدّعي العداء بينما ينسج خيوط الفوضى في وضح النهار.