اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
لماذا تُعتَبر جماعة الحوثي في اليمن طرفا رئيسيا متضررا من جهود وقف الحرب في قطاع غزّة ؟
قيادي حوثي يحذّر امريكا وإسرائيل من أنّ أيّ تصعيد جديد في غزّة سيهدف إلى إبادة وتجويع الشعب الفلسطيني
استهداف الحوثيين مجدّدا لإسرائيل أوضح ردّ عملي على جهود التهدئة في غزّة ومحاولة التشويش عليها
هل سيواصل الحوثيون صراعهم ضد إسرائيل في حال نجحت جهود التهدئة في إنهاء الحرب في غزّة وما المبررات ؟
تُعتَبر جماعة الحوثي المسيطرة على أجزاء واسعة من اليمن طرفا متضررا من جهود وقف الحرب في قطاع غزّة والتي شهدت خلال الأيام الأخيرة تقدّما ملحوظا بفعل الدخول القوي لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خطّها.
ويعود ذلك إلى كون التهدئة في القطاع تنزع الذريعة التي يتخذها الحوثيون للدخول في صراع ضدّ الدولة العبرية والتعرّض لخطوط الملاحة الدولية في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر، وذلك ضمن خطّة تصعيدية يقول مراقبون إنّها مطلوبة بحدّ ذاتها من قبل إيران ضمن الأدوار الموكولة للجماعة التي تعمل كذراع لها ومن بينها مشاغلة خصومها وأعدائها الإقليميين والدوليين وتخفيف الضغوط عنها.
ورحب الحوثيون على استحياء بموافقة حركة حماس على خطّة ترامب للتهدئة، مظهرين شكوكا في التزام الجانبين الأميركي والإسرائيلي بها.
وقال محمد الفرح عضو المكتب السياسي لحركة أنصارالله الحوثية إنّ “ردّ حماس على خطّة وقف إطلاق النار كان ردا مسؤولا وواقعيا وقابلا للتنفيذ، ويظهر حرص الحركة والفصائل على وقف العدوان وحقن دماء المدنيين.”
لكنّه حذّر في الوقت ذاته “من أنّ أيّ تصعيد جديد في غزّة سيهدف إلى استكمال الإبادة واستمرار تجويع الشعب الفلسطيني، وستقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على الولايات المتحدة وإسرائيل.”
وعلى صعيد التوقيت جاء تسارع جهود وقف الحرب في القطاع في الوقت الذي اتجه فيه الحوثيون لزيادة وتيرة التصعيد، ليس فقط بتكثيف هجماتهم الصاروخية وبالطائرات المسيّرة على أهداف داخل إسرائيل، ولكن أيضا بمحاولتهم استفزاز الولايات المتحدة التي سبق أن أعلنت عن الدخول في هدنة معهم، وذلك بإعلانهم مؤخّرا عن فرضهم “عقوبات” على شركات نفط أميركية كبرى واستهداف سفن مرتبطة بها.
ومثّل ذلك، بحسب العديد من المحللين الذين علّقوا على هذا القرار الحوثي المفاجئ، دليلا إضافيا واضحا على ارتباط التصعيد الذي تمارسه الجماعة بإيران، ذلك كون قرار “العقوبات” جاء مباشرة بعد فرض بلدان غربية في مقدمتها الولايات المتحدة المزيد من العقوبات الاقتصادية الشديدة على طهران.
وشمل قرار الحوثيين بحسب ما أعلنه في وقت سابق مركز تنسيق العمليات الإنسانية الذي يتخذ من صنعاء مقرا له ثلاث عشرة شركة أميركية من بينها عملاقا الطاقة إكسون موبيل وشيفرون وتسعة تنفيذيين وسفينتين.
وفي أوضح ردّ عملي على جهود التهدئة في غزّة ومحاولة التشويش عليها بادر الحوثيون مجدّدا إلى استهداف إسرائيل بقصف صاروخي يعلمون جيدا أنّه سيستدعي ردا إسرائيليا حتميا ما سيفضي إلى إشاعة أجواء تصعيدية مضادّة لأجواء التهدئة وخفض التصعيد.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أول أمس الأحد اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن، فيما تبنى الحوثيون عملية الإطلاق.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان “بعد انطلاق صفارات الإنذار في مناطق عدة من إسرائيل، اعترض سلاح الجو الإسرائيلي صاروخا أُطلق من اليمن،” مشيرا إلى أن “صفارات الإنذار دوّت وفقا للبروتوكول”.
وأفاد الحوثيون من جهتهم في بيان أنهم استهدفوا “أهدافا حساسة للعدو الإسرائيلي في منطقة القدس المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين 2 الانشطاري متعدد الرؤوس”.
ويمثّل هذا النوع من الصواريخ أفضل ما في ترسانة الجماعة وغالبا ما يتضمّن إطلاقه على الدولة العبرية رسالة تصعيدية ورغبة في استفزاز تل أبيب.
ويطلق الحوثيون منذ سنة 2023 صواريخ وطائرات مسيّرة بانتظام باتجاه إسرائيل التي تنجح في إسقاط غالبيتها.
لكن طائرة مسيّرة تبنت الجماعة إطلاقها، أفلتت الشهر الماضي من الدفاعات الجوية الإسرائيلية وانفجرت في منتجع إيلات السياحي حيث أصيب اثنان وعشرون شخصا بجروح.
وردا على ذلك، شنت إسرائيل غارات جوية على أهداف في العاصمة اليمنية صنعاء أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وجرح أكثر من مئة وسبعين آخرين.
وعقب اندلاع الحرب في غزة، بدأ الحوثيون إطلاق صواريخ ومسيّرات باتجاه إسرائيل، وشن هجمات على سفن تجارية يقولون إنها مرتبطة بها قبالة سواحل اليمن، مؤكدين أن ذلك يأتي إسنادا للفلسطينيين.
وردا على ذلك، شنّت إسرائيل ضربات جوية دامية على مناطق سيطرة الحوثيين، استهدفت موانئ ومحطات طاقة ومطار صنعاء الدولي.
وبدأت الغارات الإسرائيلية على مناطق سيطرة الحوثيين باليمن تنحو نحو المزيد من الشدّة والعنف مستهدفة كبار المسؤولين في السلطة الموازية التي يديرونها في تلك المناطق ومرافق حيوية مدنية بالإضافة إلى الأهداف العسكرية.
وأودت إحدى تلك الغارات برئيس حكومة الجماعة أحمد الرهوي وعدد كبير من الوزراء والمسؤولين في حكومته.
وحوّلت سياسة اغتيال المسؤولين الحوثيين التي أعلنت إسرائيل عن الشروع في تطبيقها بشكل ممنهج جنبا إلى جنب تدمير البنى التحتية والمرافق الحيوية في مناطق سيطرة الجماعة، تمادي الأخيرة في مواجهتها مع الدولة العبرية إلى لعب على حافة الهاوية بدفع من إيران التي يبدو أنّها لا تنظر إلى حجم الخسائر التي يتكبّدها حلفاؤها بقدر ما تنظر إلى العائد السياسي الذي تجنيه من وراء انخراطهم في الصراع نيابة عنها.
وفي حين تبدو جماعة الحوثي قليلة الاكتراث بنتائج سلوكها على عيش السكان الواقعين ضمن سلطة الأمر الواقع التي تقيمها بالتوازي مع السلطة اليمنية المعترف بها دوليا في سبيل تحقيق أهداف إستراتيجية تتجاوز اليمن بحدّ ذاته وترتبط بمصالح طهران وسياساتها الإقليمية، تأمل تل أبيب في خلق المزيد من التعقيدات للجماعة في إدارة المناطق الخاضعة لها أملا في تعميق الفجوة بينها وبين سكان تلك المناطق.
وكثيرا ما يثير حجم الدمار الذي يخلّفه القصف الإسرائيلي في بنى تحية يمنية الأسئلة حول خيارات جماعة الحوثي في حماية تلك البنى والمرافق بالغة الحيوية للسكان الذين يعانون أصلا تبعات الصراع الطويل المستمر في بلدهم والذي أحدث وضعا اقتصاديا وإنسانيا كارثيا وفقا لتوصيفات دولية وأممية.
كما يثير بالنتيجة الأسئلة عن جدوى استمرار الجماعة في الصراع ضدّ إسرائيل التي تفوقها قدرات عسكرية وتقنية، والنتائج التي يمكن أن تتأتى لها من وراء ذلك، في ما عدا الناتج الدعائي الذي تجنيه من رفع شعار مساندة الفلسطينيين ودعمهم في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة.
ويدور التساؤل في الوقت الحالي حول ما إذا كان الحوثيون سيواصلون صراعهم ضد الدولة العبرية في حال نجحت جهود التهدئة بالفعل في إنهاء الحرب في غزّة وعن المبررات التي يمكن لهم أن يستندوا إليها في مواصلة ذلك الصراع الذي يبدو مطلوبا بحّد ذاته من قبل مشغّلتهم الأصلية إيران.