اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في أعقاب الحادث المأساوي الذي راح ضحيته عشرات الركاب إثر احتراق حافلة كانت قادمة من السعودية إلى اليمن، تقدم 'خالد نظيف'، وهو شاب سوري مقيم في السعودية ويملك خبرة طويلة في السفر براً إلى اليمن، بشهادة صادقة ومؤثرة كشفت عن جانب مظلم من معاناة المسافرين على طريق منفذ الوديعة البري، واصفاً إياه بأنه 'رحلة الموت' التي كانت نهايتها المأساوية حتمية ومتوقعة.
يبدأ خالد، الذي ولد وترعرع في السعودية ويحمل إقامة دائمة فيها، حديثه بالقول إنه كان يعود إلى اليمن مرتين أو ثلاث سنوياً، مما جعله شاهداً على تفاقم الأوضاع على هذا الخط الحيوي منذ توقف المطار وتحويل المسار عبر حرض ثم الوديعة. ويؤكد بحكم تجربته: 'وللأمانة هذا الخط متعب ومرهق جدًا جدًا'.
قيادة متهورة وطرق مهملة:
يكشف خالد عن واحدة من أخطر الممارسات على هذا الطريق، وهي استئجار سائقين يمنيين لاستكمال الرحلة بعد عبور الحدود السعودية. ويوضح السبب قائلاً: 'أغلب السائقين، خصوصًا السوريين والأتراك، ما كانوا يحبوا يسوقوا في طرق اليمن'.
ويضيف أن هذه القيادات كانت غالباً ما تكون 'متهوّرة، ياخدوا المطبات بسرعات عالية، لأنه ببساطة الباص مو حقهم، هو مجرد سائق بالأجرة'.
ويلفت إلى أن حالة الطرق السيئة كانت تلعب دوراً كبيراً في تدمير الحافلات، حيث 'كنا نشوف باصات جديدة، والسنة اللي بعدها تكون شبه منتهية من صعوبة الخط والتضاريس'.
في قلب الاشتباكات.. الرصاص فوق الرؤوس:
لم تكن المخاطر فنية فقط، بل كانت أمنية بالدرجة الأولى. يروي خالد إحدى كوابيسه التي عاشها قائلاً: 'أذكر مرة وصلنا تبة المصارية في مأرب بعد نِهم، والطرفين كانوا يتقاتلوا حرفيًا، والرصاص يمر فوق الباص!'. هذه المشاهد كانت جزءاً من روتين الخوف الذي يصاحب كل رحلة.
خزانات البنزين.. قنابل موقوتة في باطن الحافلات:
وصل خالد إلى أخطر نقطة في شهادته، والتي قد تكون السبب المباشر وراء كوارث مثل حادثة الاحتراق الأخير. يقول: 'وفوق هذا كله، كثير من السواقين كانوا يحطوا خزانين كبار للبنزين بمكان العفش عشان يبيعوه باليمن'. ويضيف بمرارة: 'وكنا دايمًا نقول: يا رب ما تجي رصاصة بالخزان، والله بيصير الباص شوربة!'، وهي جملة تنبأت بشكل مأساوي بما يمكن أن يحدث.
إرهاق السائقين وانهيار الأنظمة:
تتجلى مظاهر الفوضى في قصة أخرى يرويها خالد عن إرهاق السائقين: 'أذكر مرة وأنا جالس جنب السواق بعد ما طلعنا من الحدود السعودية، شفت باص لشركة ثانية يترنّح يمين يسار… طلع السائق نايم!'. كما يروي حادث تعطل حافلتهم في منطقة الجوبة في منتصف الليل، حيث بقوا عشرة ساعات لا يعرفون إن كانت المنطقة تابعة للحكومة أو جماعة أخرى، لينقذهم أهل المنطقة ويوفروا لهم سيارات إلى صنعاء.
تطبيع الموت والقلق الدائم:
يختتم خالد شهادته بخلاصة مؤلمة، مؤكداً أن رؤية السيارات المحروقة أو المنقلبة كانت مشهداً يومياً تقريباً. ويكشف عن حجم قلقه الشخصي قائلاً: 'بدون مبالغة، كنت ما أبلغ أمي وأبوي إنّي طالع من اليمن إلا لما أوصل للحدود السعودية، لأني كنت دايمًا حاط ببالي إنه ممكن يصير شي، وما أوصل وما كنت أبغى أقلقهم'.
يؤكد خالد نظيف في نهاية حديثه أن حادثة احتراق الباص 'للأسف ممكن تصير لأي واحد يعرف مشقة السفر برًّا عبر منفذ الوديعة. وما يستغربها'. ويختصر معاناة سنوات في جملة واحدة: 'كل وسائل الموت كانت متوفرة بهذا الخط، بدون مبالغة… بس ربنا كان دايمًا يسلم'.
وختم بالدعاء للضحايا: 'رحم الله جميع من توفّي في هذا الحادث، وألهم ذويهم الصبر والسلوان'.
شهادته تطرح أسئلة ملحة حول مسؤولية الجهات المعنية عن سلامة هذا الطريق ومصائر آلاف المسافرين الذين يجبرون على خوض 'رحلة الموت' هذه.













































