اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٤ أيار ٢٠٢٥
بعد 20 شهراً من الحرب في غزة حانت اللحظة للتوقف، والإعلان عن النصر، والعمل على تحرير مخطوفينا ومحاولة إنهاء المهمة التي المتبقية لنا بطريقة سياسية، مثلما فعلنا في كل حروب إسرائيل. معظم الأهداف التي وضعتها إسرائيل لنفسها في بداية الحرب تحققت منذ زمن بعيد. جيش حماس (قوة عسكرية نظامية، مسلحة ومدربة، بألوية وكتائب ووحدات نخبة، والتي 20 ألف صاروخ تحت تصرفها تغطي أجزاء واسعة من إسرائيل) حسمت وأبيدت في غالبيتها الساحقة، ولم يتبق منها سوى مخربين أو خلايا إرهاب قليلة تحاول ملاحقة قواتنا العاملة في القطاع.
حماس ومنظومة خدمات الحكم والرفاه التي فعلتها انهارت تماماً، ولم يبق من قطاع غزة إلا الأنقاض وبات غير ملائم لسكن الإنسان. إسرائيل تسيطر اليوم على عموم أراضي القطاع عملياً، فلا أحد يخرج أو يأتي دون إذن ورقابة منها، ولها حرية عمل مطلقة تجاه أي تهديد تشخصه.
في وضع كهذا، بات واضحاً للجميع أن استمرار القتال في القطاع لا يخدم أي مصلحة إسرائيلية. فمن الصعب الافتراض أن ما لم نحققه في 20 شهراً من القتال سنحققه ببضعة أيام أو أسابيع أخرى، والمخطوفون يذوون في أنفاق الإرهاب، والجيش الإسرائيلي يدفع ثمناً باهظاً بحياة مقاتلينا كل أسبوع تقريباً. كما ينبغي أن نأخذ بالحسبان أن نافذة الفرص التي كانت تحت تصرفنا للعمل بشكل حر ولا قيد تقريباً في غزة، والتي كانت غير مسبوقة في تاريخ حروب إسرائيل، ها هي توشك على الانغلاق. ثمة تلميح بذلك في تصريحات الرئيس ترامب في الأيام الأخيرة وبموجبها يتوقع من نتنياهو تخفيف الضغط عن غزة والسماح بإدخال المساعدات والغذاء لسكانها، ولأنه يأمل في انتهاء الحرب ربما قبيل زيارته المتوقعة الأسبوع القادم إلى السعودية قطر والإمارات، التي اختارها هدفاً أول لرحلاته في العالم وفي الشرق الأوسط.
ولما بدا “النصر المطلق” غير عملي، بل ولا يمكن تحقيقه، فقد بات على إسرائيل التطلع إلى صفقة سياسية، تشبه تلك التي وافقت عليها في لبنان، مع تطلع أن تكون أفضل منها، بحيث تتضمن عودة عموم المحتجزين لدى حماس. محظور الاستخفاف بهذه المسألة ذات الأهمية الكبيرة ليست للحاضر فحسب، بل أيضاً لمستقبلنا كشعب وكمجتمع في دولتنا. هكذا سيحاكمنا وسيتذكرنا التاريخ، وهذا ما سيتبقى للأجيال القادمة من هذه الحرب – تحرير المخطوفين وليس بالضرورة تصفية خلية إرهاب أخرى أو نفق إرهاب آخر في القطاع.
صفقة كهذه ينبغي أن تهتم أيضاً باليوم التالي للقطاع، المسألة التي تخشى الحكومة البحث فيها كما تخشى النار. لكن على أي حال، واشنطن ستملي التفاصيل، وبالتالي يجدر بنا الاستعداد والدفع قدماً بخطوة نكون فيها المبادرين لا المجرورين. إلى جانب تحرير المخطوفين، يجب أن تتضمن صفقة إنهاء الحرب ثلاثة عناصر أساسية: الأول، حرية عمل مطلقة لإسرائيل في معالجة أي تهديد تشخصه في القطاع بالضبط كما في لبنان، وحرية عمل كهذه ستمنع نشوء تهديد مشابه لذاك الذي شكلته حماس عشية 7 أكتوبر.
الثاني، إدارة مدنية تدير شؤون القطاع بإشراف إسرائيلي وعربي ودولي. وأخيراً، إزالة أي وجود عسكري لحماس في القطاع. لا يدور الحديث عن “ضربة واحدة وانتهينا” وعن هدف يمكن تحقيقه في غضون يوم. فهذه الأهداف لم نحققها في عشرين شهراً من القتال القوي، وعلى ما يبدو لن تتحقق إذا ما واصلنا القتال في غزة لأشهر عديدة أخرى. وعليه فإن صفقة كهذه هي “العرض الأفضل والوحيد في المدينة” التي ستعيد لنا المخطوفين وتنقذ حياة كم يدري من الجنود، وتمنح إسرائيل مرابح هائلة في الساحة الدولية. وكل هذا دون تعريض أمننا ومستقبلنا للخطر.
وعليه، يجب الإعلان أننا انتصرنا، ليس نصراً مطلقاً، بل نصر ذو مغزى، والانتقال إلى الأمام إلى التحديات التالية التي بانتظارنا، إلى الموضوع الإيراني وإلى جانبه التقدم في اتفاقات إبراهيم بحيث تشمل العالم العربي كله.
أيال زيسر
إسرائيل اليوم 4/5/2025