اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ١٤ كانون الأول ٢٠٢٥
في خطوة أثارت تساؤلات واسعة حول مصداقيتها، أعلنت المليشيا الحوثية، التي تسيطر على محافظة المحويت، عن ضبط ما وصفتها بـ'العصابة المتخصصة' في سرقة الكابلات النحاسية التابعة لمؤسسة الاتصالات.
جاء الإعلان الأمني بعد فترة طويلة من عمليات السرقة المنظمة التي، وفق مصادر محلية، تمت بشكل علني وفي وضح النهار، مما يغذي اتهامات بضلوع جهات أمنية تابعة للمليشيا ومسؤولين في قطاع الاتصالات في هذه الأعمال.
ووفقاً لبيان أمني حوثي، تمكنت 'إدارة أمن مديرية الطويلة' من القبض على عصابة مكونة من خمسة أشخاص، بعد تلقي بلاغات متكررة من مؤسسة الاتصالات بشأن سرقات مستمرة.
زعم البيان أن الأجهزة الأمنية باشرت فوراً 'جمع الاستدلالات والتحري' حتى تمكنت من تحديد هوية المتهمين وضبطهم.
وأفاد البيان أن المتهمين اعترفوا بتنفيذهم عمليات سرقة متفرقة في عدة مناطق بالمديرية، مقدراً إجمالي الكابلات المسروقة بنحو 820 متراً.
وأضاف أنه تم استعادة 200 متر فقط من الكابلات المسروقة كانت بحوزة المتهمين، فيما تم إحالة القضية إلى 'النيابة العامة' لاستكمال الإجراءات القانونية.
لافتاً إلى أن البلاغات حول هذه السرقات كانت 'مجهولة المصدر' وتعود إلى عام 2022.
غير أن هذه الرواية الرسمية تصطدم بوقائع ميدانية وتقارير محلية تكشف جانباً آخر من القصة. مصادر أهلية في المحويت أكدت أن عمليات السرقة لم تكن خفية، بل تمت على مرأى ومسمع من الجميع، وعلى فترات متباعدة استمرت لأشهر، دون أي تدخل من الأجهزة الأمنية التابعة للمليشيا.
وتطال الاتهامات، بحسب المصادر، جهات أمنية حوثية ومسؤولين في مؤسسة الاتصالات، مشيرة إلى أن هذه العمليات لا يمكن أن تحدث بهذه السهولة والاستمرارية دون تواطؤ أو حماية من مسؤولين فاسدين يستفيدون من بيع هذه الكابلات في السوق السوداء.
يأتي هذا الإعلان الحوثي في سياق محاولة لعرض صورة 'إنفاذ القانون' والسيطرة الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، لكنه يكشف في الوقت نفسه عن حجم الفوضى والفساد المستشري داخل هياكلها الإدارية والأمنية.
ويرى مراقبون أن الإشارة إلى أن السرقات كانت 'مجهولة المصدر' منذ عام 2022 هو اعتراف ضمني بتقصير الأجهزة الأمنية أو تجاهلها المتعمد للجرائم المرتكبة.
كما أن استعادة جزء بسيط (200 متر فقط) من إجمالي الكابلات المسروقة (820 متر) يطرح علامات استفهام حول مصير البقية، وهل تم بيعها بالفعل بحماية مسؤولين؟
تؤدي هذه الجرائم إلى أضرار مزدوجة؛ الأولى، هي الخسائر المادية التي تتكبدها مؤسسة الاتصالات، والثانية والأهم، هي انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت عن المواطنين في مناطقهم، مما يعيق حياتهم اليومية وأعمالهم.
في الختام، بينما يحاول الإعلان الأمني الحوثي تصوير الأمر على أنه نجاح في مكافحة الجريمة، يبقى التساؤل المحوري حول دور الجهات التي يفترض أنها كانت مسؤولة عن حماية هذه الممتلكات العامة، وعن مدى جدية التحقيق الذي قد يطال كبار المسؤولين المتورطين إن وجدوا، وهو ما يعتبره الكثيرون أمراً مستبعداً في ظل الوضع الحالي.













































