اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
استعاد باب القطط التاريخي في قصر 'طوب قابي' العثماني بمدينة إسطنبول، رونقه الأصلي بعد اكتمال أعمال الترميم، ليعود كما كان في العهد العثماني حين صُمم خصوصا لمرور القطط التي كانت تعيش في القصر وتشارك سكانه حياتهم اليومية.
ومع إعادة افتتاحه في قسم 'الأسياد السود' داخل الحرم السلطاني، عاد مشهد القطط وهي تتسلل بخطوات هادئة بين الممرات الحجرية القديمة ليُنعش ذاكرة القصر ويعيد إلى الأذهان أجواءه في ذروة ازدهاره قبل قرون.
يقع باب القطط في القسم المعروف باسم 'الأسياد السود'، وهو الجزء الذي كان يضم غرف المسؤولين رفيعي المستوى في القصر، ومنهم كبير الآغوات (الخصيان) في الحرم، المسؤول عن أمن السلطان وأسرته.
ومع اكتمال الترميم، عادت القطط لتجوب الممرات وتتنقل بين أروقة الحرم، كما كانت تفعل قبل مئات السنين، في مشهد يجمع بين الأصالة والحياة.
** الحياة الإدارية والاجتماعية
في حديث للأناضول، أوضح إلهان قوجامان، رئيس إدارة قصر طوب قابي، أن قسم 'الأسياد السود' كان يحتل مكانة مهمة في الحياة الإدارية والاجتماعية للقصر.
وأشار إلى أن العاملين فيه كانوا ينقسمون إلى فئتين وهما الجواري من النساء، والأغوات (الخصيان) أو ما يُعرف بـ'الأسياد السود' من الرجال.
وأضاف أن أعمال الترميم وإعادة التأهيل تسارعت منذ انتقال إدارة القصر عام 2019 إلى رئاسة القصور الوطنية التابعة لرئاسة الجمهورية، حيث تمت إعادة القطع الأثرية الأصلية إلى أماكنها، ليصبح القسم اليوم جاهزًا لاستقبال الزوار ضمن جولة متكاملة داخل الحرم السلطاني.
** باب خاص للقطط.. رمز للرحمة والرفق
وقال قوجامان إن الحيوانات الأليفة كانت جزءًا من الحياة داخل القصر، إذ كانت تتجول بحرية وتعيش بين سكانه دون قيود، لافتًا إلى أن القطط كانت تحظى بمكانة خاصة لدى العثمانيين.
وأضاف: 'كان وجود هذه الحيوانات داخل القصر دليلاً على الرحمة والرفق اللذين تحلّى بهما الناس آنذاك. ولهذا صُمم باب صغير أسفل أحد الأبواب الكبيرة ليسمح للقطط بالدخول والخروج بحرية'.
وأشار إلى أن القطط كانت عنصرًا مألوفًا في الحياة الاجتماعية العثمانية، وأن ذلك ينعكس في المنمنمات والمخطوطات التاريخية التي صوّرت القطط كجزء من الحياة اليومية.
كما لفت إلى وجود أحواض مياه للغزلان في الساحة الثانية من القصر، ما يدل على أن أنواعًا أخرى من الحيوانات كانت تعيش فيه، وأن العثمانيين أنشأوا بنية تحتية خاصة لرعايتها، ولا تزال بعض هذه المعالم قائمة ومفتوحة أمام الزوار حتى اليوم.
** 'شربت' تسلك طريق جدتها 'ملائم'
وبيّن قوجامان أن باب القطط الواقع في الطابق الثاني من قسم الأسياد السود، اكتملت أعمال ترميمه مؤخرًا، وأن الطابق الأرضي فُتح بالفعل للزوار، فيما يجري التحضير لافتتاح الطابق العلوي لاحقًا.
وأضاف أن القطة 'ملائم' التي عاشت في القصر لسنوات طويلة كانت تعبر هذا الباب يوميًا، لكنها فُقدت قبل ثلاث سنوات، بينما تسير حفيدتها 'شربت' اليوم على خطاها، وتستخدم الباب نفسه مع غيرها من القطط المقيمة في القصر.
وقال: 'تترك بعض القطط المكان من حين لآخر، لكن غيرها يأتي ليأخذ مكانها. إنها دورة حياة مستمرة منذ العهد العثماني حتى اليوم. نرغب في إبراز هذا الجانب الإنساني الجميل من تراثنا، ونحن واثقون أنه سيحظى بإعجاب الزوار'.
ويُعدّ قصر طوب قابي من أبرز المعالم التاريخية في مدينة إسطنبول، إذ شُيّد بأمر من السلطان محمد الفاتح بين عامي 1459 و1465 عقب فتح القسطنطينية (إسطنبول)، ليكون مقرا لإقامة السلاطين العثمانيين ومركزا لإدارة الدولة لأكثر من أربعة قرون.
لم يكن القصر مجرد مقر للحكم، بل احتضن أيضًا مدرسة الأندرون التي خُصصت لتنشئة النخب السياسية والعسكرية، ما جعله رمزا للسلطة والعلم في آن واحد.
وبعد انتقال العائلة السلطانية إلى قصر طولمه باغجه (دولما باهتشه) في القرن الثامن عشر، تحوّل طوب قابي عام 1924 إلى متحف وطني يضم مقتنيات نادرة من العصور الإسلامية والعثمانية، من بينها بردة وسيف النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وشعرة من لحيته الشريفة، إضافة إلى عصا النبي موسى وسيف النبي داود، وأكثر من 33 ألف قطعة سلاح تعود لحضارات مختلفة.
واليوم يُعد القصر من أهم الوجهات السياحية في تركيا، ويستقطب آلاف الزوار يوميًا بفضل طابعه التاريخي وإطلالته الساحرة على مضيق البوسفور وخليج القرن الذهبي.













































