اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد العربي
نشر بتاريخ: ١٩ حزيران ٢٠٢٥
رأي المشهد العربي
في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات، سجّل أبناء أرخبيل سقطرى لحظة فارقة في التاريخ الجنوبي الحديث.
ففي ذلك اليوم، توج الجنوبيون كفاحهم بتحرير الأرخبيل من براثن مليشيا الإخوان الإرهابية، التي سعت لاختطاف القرار المحلي ومصادرة إرادة الشعب، ضمن مشروع واسع النطاق لتقويض الهوية الجنوبية وتفتيت النسيج المجتمعي.
لقد كان يوم التحرير، يومًا مهيبًا في ذاكرة السقطريين والجنوب عموماً، فهو لم يكن مجرد انكسار لميليشيا مارست التسلط والتجنيد والتخريب، بل كان إعلاناً صريحاً بأن صوت الجنوب لا يُختطف، وأن كرامته لا تُساوم.
شهدت تلك المرحلة محاولات منظمة لطمس هوية الأرخبيل ونهب موارده الطبيعية والثقافية، وتفريغ مؤسساته من الكوادر الوطنية، واستبدالها بعناصر حزبية لا تمتّ للمكان ولا لأهله بصلة.
غير أن يقظة المجتمع السقطري وتكاتف أبنائه، من مختلف المكونات والشرائح، شكلت جداراً صلباً أمام هذه المخططات، حتى تحقق النصر بتحرير الأرخبيل وإعادته لحضن مشروع الدولة الجنوبية.
ما ميّز ذلك اليوم التاريخي هو الدور الشعبي الحاسم، فالإرادة الجماهيرية السقطرية سبقت التحركات العسكرية والتنظيمية، وأعلنت بوضوح رفضها لأي وصاية حزبية مفروضة من خارج الجغرافيا والقرار.
وقد كانت القيادة الجنوبية، ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي، حاضرة بقوة، مساندة لخيارات أبناء الأرخبيل، حريصة على صون المكتسبات، وعلى ترسيخ الأمن والتنمية.
منذ التحرير، شهدت سقطرى نقلة نوعية في تثبيت الأمن وتفعيل المؤسسات المحلية، بعيدًا عن الهيمنة الحزبية.
وانطلقت مشاريع خدمية وإنمائية تعيد الاعتبار للأهالي وتلبّي احتياجاتهم، كما استُعيدت مؤسسات الإعلام والتعليم والبلديات لتكون أداة في خدمة المواطن، لا منبراً للدعاية الحزبية.
يُعدّ تحرير سقطرى نموذجًا في الكفاح الجنوبي السلمي والمدني والعسكري، حيث استطاع أبناء الجزيرة، بإرادة صلبة، تغيير المعادلة وإفشال محاولات الاختراق الإخواني.
كما أن هذه الذكرى السنوية تمثل مناسبة لتجديد العهد بالحفاظ على المكتسبات والدفاع عن السيادة الجنوبية، في وقت لا تزال فيه قوى الهيمنة تحاول العودة بأشكال جديدة.
ذلك اليوم المجيد 19 يونيو ليس فقط يوم تحرير أرض، بل هو لحظة استعادة كرامة، وترسيخ انتماء، وتجديد عهد مع مشروع الاستقلال الجنوبي. وهو أيضاً يوم للتأمل في معاني التضحية والوحدة، التي تجسدت في أرخبيل سقطرى، حين توحّدت القبائل والنخب والمجتمع المدني والقيادة خلف هدف واحد: التحرير.
وبينما يحتفل السقطريون اليوم بهذه الذكرى الخالدة، فإن رسالتهم واضحة لا عودة للوصاية، ولا قبول بإعادة تدوير قوى الفساد والهيمنة، والجنوب، بأهله وتاريخه وهويته، ماضٍ بثقة نحو استعادة دولته كاملة السيادة على كل شبر من ترابه.