اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد العربي
نشر بتاريخ: ٢ كانون الأول ٢٠٢٥
بينما أحيا الجنوب العربي هذا الأسبوع الذكرى المجيدة لعيد الاستقلال في 30 نوفمبر، فقد جرى التأكيد مجددا بأن مسار التحرر لم يكن بشكل مفاجئ، بل تشكّل عبر محطات نضالية متتابعة، كان أبرزها تلك الشرارة الأولى التي انطلقت من عاصمة حضرموت المكلا في 1998.
شرارة المكلا مثَّلت أول تحدٍّ علني وشجاع ضد الاحتلال اليمني بعد أربع سنوات فقط من حرب 1994، وأسفرت عن سقوط شهيدين من خيرة أبناء المحافظة، ليصبح دمهما رسالة مبكرة بأن الجنوب العربي لا يموت، وأن الانتفاضة ضد الظلم والطغيان أمر حتمي مهما طال الاستهداف.
وكانت تلك اللحظة المفصلية في المكلا أكثر من مجرد احتجاج؛ حيث كانت إعلانًا واضحًا بأن حضرموت، بكل ما تمثله من ثقل، لن تقبل التذويب أو الصمت، وأن كرامة الإنسان الجنوبي لا يمكن أن تُختزل في سلطة القهر ولا في واقع الفقر والتهميش الذي فُرض عليه بعد الحرب.
كان خروج أبناء المكلا فعلًا نابعًا من الوعي، يعبّر عن بداية تشكل الهوية المقاوِمة، وبداية تبلور وعي جماعي يرفض الاحتلال، ويستعيد كرامة الإنسان وحقه في الأرض والقرار.
وجااءت ذكرى 30 نوفمبر هذا العام لتؤكد أن هذه الشرارة لم تكن حدثًا عابرًا، بل كانت بذرة الثورة الجنوبية التي تحولت لاحقًا إلى انتفاضات واسعة ثم إلى مشروع تحرري مكتمل الأركان.
ساعدت تلك الشرارة على إعادة ثقة المواطن الجنوبي بنفسه، وكشفت للعالم أن الجنوب، رغم الجراح، لديه القدرة على الوقوف، وأن حضرموت تحديدًا كانت وما تزال منارة الوعي الذي يتقدم الصفوف عندما يتعلق الأمر بالكرامة والسيادة.
تجديد زخم تلك اللحظة ليس مجرد استحضار للتاريخ، بل ضرورة وطنية اليوم. فمسار التحرر الجنوبي لا يستقيم إلا بتجديد جذوة الرفض الشعبي، وتذكير الأجيال الجديدة بأن ما نعيشه من وعي سياسي اليوم بدأ من تلك التضحيات الأولى.
ولعلّ أهمية هذا الزخم تتجلى في كونه الوقود الروحي والمعنوي الذي يدفع مشروع الدولة الجنوبية نحو الأمام، ويحميها من التراجع أو الالتباس وسط التحديات الراهنة.
ومع احتفالات 30 نوفمبر، تجدد الدعوة إلى الحفاظ على هذا الإرث النضالي، وترسيخه في الوجدان الجنوبي، بوصفه الرافعة التي تعزز الصمود وتقوّي الإرادة العامة في مواجهة مشاريع الإخضاع والتفكيك.
فثورة الجنوب لم تُبنَ على مصالح عابرة، بل على دماء وتضحيات تجلت بوضوح في المكلا، وما زالت تمثل اليوم جوهر المعركة التحررية التي يخوضها الجنوب بثبات وإصرار.













































