اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
حين يُذكر اسم نادي الهلال، لا نتوقف عند حدود البطولات والألقاب؛ رغم كثرتها وتنوّعها، ولا نكتفي باستحضار تاريخه الحافل داخل المستطيل الأخضر، بل نتجاوز ذلك إلى بعدٍ أعمق وأرسخ في الوجدان المجتمعي، وهو الجانب الإنساني.
فالهلال ليس مجرد نادٍ رياضي، بل مدرسة في القيم والوفاء، تنعكس ملامحها في مواقف إنسانية تتحدث عن ذاتها، وتؤكد أن النادي لا يُدار بعقلية تنافسية فحسب، بل بروح مسؤولة، وقلب نابض بالرحمة، يستشعر معاناة الآخرين ويبادر لاحتوائهم.
هذه المقدمة كتبتها بعد أن أهداني أخي وصديق العمر، الكابتن عبدالله بن حسن آل الشيخ حارس مرمى فريق الشباب الدولي، مقالًا رقراقًا كتبه الزميل الإعلامي خالد الدوس، عن البُعد الإنساني في الرياضة، مستشهدًا فيه بما فعله نادي ليفربول الإنجليزي عقب وفاة لاعبه البرتغالي دييغو جوتا، وهو موقف يستحق الاحترام- بلا شك. لكن الحقيقة أن نادي الهلال- وبشهادة التاريخ- سبق غيره في هذا المسار، وقدّم نماذج إنسانية تفوق الوصف، جعلت منه قدوة تُحتذى محليًا ودوليًا.
فالهلال لا ينسى أبناءه؛ فموقفه مع اللاعب الراحل سعد الدوسري- رحمه الله- لا يزال شاهدًا على وفاء نادر؛ إذ وقف النادي إلى جانب أسرته، وساندها بما يليق بالعائلة الواحدة. وتتجلى ذات الصورة مع المدافع الكوري'جانغ هيون سو”، الذي أُصيب بالسرطان في أواخر عقده، فاختار الهلال تجديد عقده، ليس لحاجة فنية، بل لوقفة إنسانية نبيلة، دعمت اللاعب نفسيًا وماليًا في رحلته العلاجية، وأحضرت والديه إلى السعودية؛ ليشعرا معه بالأمان في معركته الصحية، في مشهد يجسّد معنى الانتماء الحقيقي.
هذا النهج ليس وليد لحظة، بل ركيزة راسخة في سلوك الهلاليين منذ تأسيس النادي. فكم من لاعب ارتدى الشعار، ثم ابتعد، ثم فوجئ بيد الهلال تمتد إليه بعيدًا عن الأضواء؟ من مبارك عبدالكريم، وسلطان بن نصيب، إلى العمار وشمروخ وغيرهم، ممن كرّمتهم الإدارة في صمت، إيمانًا بأن العطاء الصادق لا يحتاج إلى إعلان،
بل إن الهلال وسّع رسالته لتشمل المجتمع بأكمله من خلال مبادرات المسؤولية الاجتماعية، التي تبنّاها بروح عالية من العطاء، بإشراف وجهود رائدة لسعود السويلم، ليصبح النادي مثالًا يُحتذى في الوفاء، وتتناقل وسائل الإعلام المحلية والعالمية قصصه بإعجاب وإشادة.
وفي زمنٍ تحوّلت فيه كرة القدم إلى ساحة تجارة ومنافسة ضارية، ظل الهلال متمسكًا بإنسانيته، مؤمنًا بأن الرياضة رسالة سامية، وأن قيمة الإنسان لا تنتهي بانتهاء عقد، أو باعتزال، أو حتى بابتعاد،
هذه الروح المتجذرة في ثقافة الهلاليين، هي ما جعلت 'الزعيم” مختلفًا، ومحبوبًا، وقادرًا على التأثير، داخل الملعب وخارجه؛ فالهلال لا يتجمّل بالإنسانية.. بل يتنفسها.