اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥
د. إبراهيم النحاس
على المجتمعات العربية العمل بحزم لتعزيز وحدة الصف والكلمة، والسعي لتوحيد الجهود السياسية والاستراتيجية لمواجهة التهديدات المُتصاعدة من أعداء الأمن القومي العربي، حتى لا تتكرر الاعترافات الصهيونية بأقاليم عربية أخرى..
قد يُؤشر تاريخ 26 ديسمبر 2025م، الذي شهد اعترافاً صهيونياً إسرائيلياً أحادياً بجمهورية أرض الصومال، لمرحلة جديدة من مراحل الاستراتيجية الصهيونية الهادفة لوضع إسرائيل في المقدمة بمنطقة الشرق الأوسط. نعم، فبحسب CNN في 26 ديسمبر 2025م، 'قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن نتنياهو أعلن الاعتراف الرسمي بما يسمى بجمهورية أرض الصومال، أو ما يُعرف بإقليم صومالي لاند، دولة مستقلة ذات سيادة. وقال مكتب نتنياهو في بيان عبر حسابه الرسمي على منصة 'إكس': وقّع رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير الخارجية ساعر، ورئيس جمهورية أرض الصومال إعلانا مشتركا بالاعتراف المتبادل'.
ورداً على هذه السياسة الإسرائيلية المُتطرفة والمتناقضة مع القانون الدولي، بادرت دولة الصومال برفضها المُطلق لأي سياسات تستهدف وحدتها الوطنية، وهذا الذي تضمنه البيان، الذي بثته وكالة الأنباء الوطنية الصومالية (صونا) في 26 ديسمبر 2025م، وجاء فيه، الآتي: 'تؤكد جمهورية الصومال الفيدرالية مجددًا التزامها المطلق وغير القابل للتفاوض بسيادتها ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها، كما هو منصوص عليه في الدستور المؤقت لجمهورية الصومال الفيدرالية، وميثاق الأمم المتحدة، والوثيقة التأسيسية للاتحاد الأفريقي. وترفض حكومة الصومال الفيدرالية رفضًا قاطعًا لا لبس فيه الهجوم المتعمد على سيادتها، والخطوة غير القانونية التي اتخذتها إسرائيل بالاعتراف بمنطقة شمال الصومال. إن إدارة أرض الصومال جزء لا يتجزأ من أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية السيادية، ولا يمكن فصلها أو التصرف فيها بأي شكل من الأشكال'.
فإذا كان هذا الرفض القاطع صادر من جمهورية الصومال الفيدرالية، ومؤيد تأييداً تاماً من الدول العربية والإسلامية والأفريقية والدول الملتزمة بالقانون الدولي، فلماذا استهدفت إسرائيل الوحدة الوطنية لجمهورية الصومال الفيدرالية؟
والإجابة عن هذا التساؤل تنطلق من القراءة الدقيقة للأحداث السياسية في المنطقة مُنذُ أحداث 7 أكتوبر 2023م، والإدراك العميق للاستراتيجية الصهوينة انطلاقاً من المراحل التاريخية التي ابتدأت بالهجرة اليهودية المكثفة لفلسطين في القرن التاسع عشر (1800م)، ثم تبعها المؤتمر الصهيوني الأول ببازل في أغسطس 1897م، وصولاً إلى إعلان قيام دولة إسرائيل في مايو 1948م، وما تلا ذلك الإعلان من أحداث سياسية وأمنية وعسكرية ساهمت مساهمة مباشرة في تثبيت وجود إسرائيل على أرض فلسطين وتصاعد مكانتها الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط. فإذا أدركنا هذا التاريخ المُتطرف للصهيونية، ندرك أن إسرائيل تسعى من خلال الاعترف بـ 'جمهورية أرض الصومال' إلى تحقيق الأهداف الآتية:
زعزعة الأمن والسلم والاستقرار في جمهورية الصومال الفيدرالية لإضعاف سيطرة الحكومة المركزية على معظم الأراضي الصومالية.
إثارة الفتنة بين أبناء الصومال بهدف قيام حرب أهلية.
تقسيم دولة الصومال على أسس مناطقية لتصبح دويلات ضعيفة وممزقة يسهل بعد ذلك التحكم بها وسرقة ثرواتها.
استغلال الموقع الجغرافي الاستراتيجي لإقليم أرض الصومال للتحكم بالملاحة الدولية المتجهة والقادمة من مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
تشجيع الانقسامات الداخلية في الدول العربية لإشغالها بالشؤون الداخلية عن الأطماع الإسرائيلية في فلسطين والمنطقة.
تشجيع الخارجين عن القانون في الدول العربية للخروج على دولهم بهدف زعزعة سلمها وأمنها الاجتماعي واستقرارها السياسي.
تشجيع الأقليات في المنطقة على إعلان استقلالها عن الدولة التي يتواجدون فيها.
استغلال التنظيمات والجماعات والأحزاب المُتطرفة والإرهابية على حمل السِّلاح على المجتمع والدولة التي ينتمون إليها.
استهداف المنطقة العربية بالتقسيم المُمنهج بحيث تصبح إسرائيل الدولة الأولى في المكانة على حساب جميع دول المنطقة.
تشجيع حركات الانفصال المُسلحة في المنطقة العربية.
وفي الختام من الأهمية القول إن على المجتمعات العربية العمل بحزم لتعزيز وحدة الصف والكلمة، والسعي لتوحيد الجهود السياسية والاستراتيجية، لمواجهة التهديدات المُتصاعدة من أعداء الأمن القومي العربي مثل إسرائيل. نعم، إن الصهيونية نظرية وحركة سياسية استطاعت تحقيق الكثير من أهدافها، وتعمل على تحقيق المزيد في المستقبل على حساب المنطقة العربية، وهذا الذي تجب مواجهته والحذر منه حتى لا تتكرر الاعترافات الصهيونية بأقاليم عربية أخرى كما حدث بتعديها على سيادة ووحدة أرض 'جمهورية الصومال الفيدرالية'.










































