اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
لم يعد الاستثمار في البحث العلمي الزراعي خيارًا ثانويًا في الأردن، بل ضرورة وطنية لمواجهة تحديات الأمن الغذائي والمياه والطاقة، وتعزيز القدرة على التكيّف مع التغير المناخي. وبينما يمتلك الأردن قاعدة علمية ومؤسسات بحثية متقدمة، فإن المرحلة المقبلة تتطلب توسيع الاستثمار وتفعيل الشراكات ليصبح البحث الزراعي قاطرة للتنمية المستدامة.
مظلة وطنية موحدة للبحث الزراعي
الخبير الدولي في الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي أكد أن تشجيع الاستثمار بالبحث العلمي الزراعي أصبح أولوية وطنية، في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه القطاع من شحّ المياه وتغير المناخ وتقلبات الأسواق.
وأشار إلى أن المركز الوطني للبحوث الزراعية يقود جهودًا بحثية منذ عام 1958، تشمل اليوم أكثر من 20 محطة بحثية تعمل على تطوير أصناف مقاومة للجفاف والملوحة وتبني الزراعة الذكية مناخيًا.
وأوضح الزعبي أن بنك البذور الوطني ومختبر الأنسجة النباتية يمثلان ركيزتين أساسيتين لحفظ الأصول الوراثية وتطوير نباتات قادرة على التكيّف مع الظروف الصعبة، داعيًا إلى توسيع المختبرات البحثية وتزويدها بالتقنيات الحديثة لتسريع إنتاج أصناف محسّنة.
وشدد على الحاجة إلى مظلة وطنية موحدة للبحث العلمي الزراعي تجمع الجامعات والمراكز البحثية لتوحيد الأولويات وتجنب الازدواجية في الجهود، وتعزيز فرص التمويل المشترك للمشاريع ذات الأثر الوطني.
البحث العلمي لمواجهة الفاقد الغذائي وشح المياه
وأشار الزعبي إلى أن نسبة الفاقد الغذائي في الأردن تصل إلى نحو 30% من الخضار والفواكه قبل وصولها للمستهلك، ما يسبب خسائر بمئات الملايين من الدنانير سنويًا، لافتًا إلى أن تطوير تقنيات ما بعد الحصاد وسلاسل التبريد يمكن أن يقلل هذا الفاقد بشكل ملموس.
وأضاف أن نصيب الفرد من المياه لا يتجاوز 60 مترًا مكعبًا سنويًا، مقارنة بـ500 متر مكعب عالميًا، ما يستدعي تطوير أنظمة ري ذكية ومحوسبة يمكنها خفض الاستهلاك بنسبة تصل إلى 40%.
دعوة لزيادة الإنفاق على البحث العلمي
وأشار الزعبي إلى أن حجم الإنفاق على البحث العلمي في الأردن لا يتجاوز 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل متوسط عالمي يبلغ 2.2%. ودعا إلى رفع النسبة إلى 1% خلال السنوات الخمس المقبلة، مؤكدًا أن ذلك سيضاعف من مخرجات الابتكار الزراعي ويوفر فرص عمل جديدة للشباب.
كما أوصى بتقديم حوافز ضريبية للشركات التي تستثمر في البحث والتطوير الزراعي، ودعم برامج تدريبية تربط الباحثين بالمزارعين، وإنشاء حاضنات أعمال زراعية تعزز الابتكار وريادة الأعمال في القطاع.
البحث العلمي استثمار وليس عملاً خيرياً
من جانبه، قال وزير الزراعة الأسبق الدكتور سعيد المصري إن مفهوم الثروة تغيّر عالميًا، حيث لم تعد المصانع والعقارات هي المحرك الرئيس للاقتصاد، بل الأفكار والابتكارات والأصول غير الملموسة التي تمثل اليوم أكثر من 80 تريليون دولار من القيمة الاقتصادية العالمية.
وأضاف أن الأردن يمتلك رصيدًا علميًا وبشريًا متميزًا، لكن تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية ما يزال محدودًا، داعيًا إلى التحول من تمويل البحوث إلى الاستثمار فيها، عبر إنشاء صناديق وطنية تشارك في ملكية براءات الاختراع وتشجع التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص.
وأكد المصري أن الاستثمار في البحث العلمي ليس عملاً خيرياً، بل هو استثمار بعائد طويل الأجل، يعزز الاستدامة المعرفية ويحوّل البحث إلى مصدر تمويل ذاتي للابتكار.
البحث العلمي ركيزة للتنمية
بدوره، قال الباحث الزراعي الدكتور حسان العسوفي إن البحث العلمي هو الركيزة الأساسية لتقدم الشعوب، ولا يمكن النهوض بالقطاع الزراعي دون دعم وتمويل حقيقي للأبحاث التطبيقية التي تلامس احتياجات المزارعين وتحل مشكلاتهم الميدانية.
وأكد أن مستوى الدعم الحالي للبحث العلمي الزراعي ما يزال دون المطلوب، داعيًا إلى شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص لتوجيه التمويل نحو مشاريع بحثية عملية تدعم الإنتاج وتحقق التنمية المستدامة.
وختم العسوفي بالقول: 'إن الاستثمار في البحث العلمي الزراعي هو استثمار في بقاء الأردن الغذائي والمائي، وفي مستقبل أجياله القادمة.'












































