شهدت أسواق العملات العالمية، الثلاثاء، تراجعًا واسعًا في قيمة الدولار الأميركي أمام الين الياباني والفرنك السويسري، وسط تجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما دفع المستثمرين إلى الإقبال على الملاذات الآمنة.

وجاء هذا التراجع عقب صعودٍ محدود للعملة الأميركية في بداية الجلسة، مدفوعًا بتصريحات أكثر هدوءًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية وإشارات إلى احتمال عقد لقاء قريب مع نظيره الصيني.

غير أن التفاؤل سرعان ما تبدد بعد سلسلة من الإجراءات والتصريحات التي أعادت التوتر إلى المشهد الاقتصادي بين القوتين.

فقد أعلنت بكين اتخاذ تدابير مضادة ضد خمس شركات تابعة لمجموعة «هانوا أوشن» الكورية الجنوبية ذات المصالح الأميركية، وفتحت في الوقت ذاته تحقيقًا رسميًا حول تأثير تحقيق واشنطن بموجب المادة 301 على صناعة الشحن الصينية.

كما تبادلت واشنطن وبكين فرض رسوم إضافية على شركات النقل البحري التي تتعامل في بضائع تتراوح من الألعاب إلى النفط الخام، في خطوةٍ زادت من حدة القلق في الأسواق.

نتيجة لذلك، تراجع الدولار أمام معظم العملات الرئيسية، إذ صعد اليورو بنسبة 0.14% ليبلغ 1.1585 دولار، وارتفع الجنيه الإسترليني بنحو 0.12% إلى 1.3351 دولار.

وفي المقابل، تراجعت العملات المرتبطة بالمخاطر مثل الدولار الأسترالي الذي انخفض 0.63% إلى 0.6475 دولار، والنيوزيلندي بنسبة 0.5% إلى 0.5697 دولار.

وقال فيشنو فاراتان، رئيس الأبحاث الاقتصادية في بنك «ميزوهو» لمنطقة آسيا (باستثناء اليابان)، إن بكين أوضحت رغبتها في مفاوضات قائمة على الاحترام المتبادل، إلا أن جذور الخلافات بين الجانبين 'عميقة ولن تُحل عبر لقاءات دبلوماسية محدودة'، مضيفًا أن النزاع التجاري بين البلدين بات «سمة دائمة من سمات الواقع الجيو-اقتصادي الجديد».

من جهتها، أكدت وزارة التجارة الصينية أنها أبلغت واشنطن مسبقًا بقيود تصدير المعادن النادرة التي أعلنتها الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن محادثات فنية بين خبراء الطرفين جرت يوم الاثنين لمناقشة تداعيات الخطوة.

في الوقت ذاته، استفادت العملات الآمنة من التوتر المتصاعد، إذ ارتفع الفرنك السويسري بنسبة 0.2% إلى 0.8027 مقابل الدولار، كما صعد الين الياباني بنحو 0.3% إلى 151.86، رغم استمرار حالة عدم اليقين السياسي في طوكيو بعد تعثر ترشح ساناي تاكاييتشي لرئاسة الحكومة.

وامتدت الموجة البيعية إلى سوق العملات الرقمية، حيث هبطت عملة «بتكوين» بنسبة 2.7% إلى 112,714 دولارًا، بينما تراجع «إيثر» 4.9% إلى 4,077 دولارًا، وسط عمليات تصفية للمراكز ذات الرافعة المالية تجاوزت قيمتها 19 مليار دولار.

وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد المخاوف من دخول العلاقات الأميركية الصينية مرحلة جديدة من التصعيد التجاري، إذ تُعد الحرب التجارية المستمرة منذ عام 2018 أحد أبرز مصادر القلق للأسواق العالمية، خصوصًا مع اشتداد التنافس على النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي بين واشنطن وبكين.