اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٣ تموز ٢٠٢٥
وصف خبراء بالقانون الدولي قيام الجنود الإسرائيليين بإطلاق النار عمدًا على المدنيين العزل أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات إغاثية بقطاع غزة، بأنه من أوضح الأمثلة على جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين.
جاء ذلك عقب تقرير نشرته صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية في 27 يونيو/ حزيران كشفت فيه عن إصدار قادة عسكريين إسرائيليين أوامر مباشرة لجنودهم بإطلاق النار على الفلسطينيين الجوعى الذين يتجمعون عند نقاط لتوزيع المساعدات.
وفي أحاديث مع الأناضول، اعتبر خبراء القانون هذه الأوامر جزءا من سياسة الإبادة الجماعية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو/ أيار خطة لتوزيع مساعدات محدودة بواسطة 'مؤسسة غزة الإنسانية'.
ويوميا يقصف الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص، ما رفع حصيلة ضحايا هذه الآلية إلى '600 شهيد وأكثر من 4 آلاف و278 مصابا' منذ 27 مايو، وفق وزارة الصحة.
** نمط أكثر وضوحا للإبادة الجماعية
البروفسور مارتن شو، أستاذ العلاقات الدولية والسياسة المتقاعد من جامعة ساسكس البريطانية يقول إن إسرائيل 'على مدار العشرين شهرا الماضية استخدمت أسلحة ثقيلة ضد المدنيين، ودمرت مقومات الحياة الأساسية، وجعلت الناس يعتمدون على المساعدات الإنسانية بالكامل'.
ويضيف: 'إسرائيل تمنع وصول المساعدات لتجويع الناس عمدا، ثم تعرقل عمل المنظمات الإغاثية الحقيقية، وتجبر الفلسطينيين على الاعتماد على منظمة أمريكية (ما يعرف باسم مؤسسة غزة الإنسانية) تقدم كميات غذاء غير كافية، ثم تُطلق النار على من يحاولون الحصول على المساعدات'.
ويردف قائلا: 'من الصعب تخيل مثال أكثر وضوحا لنمط الإبادة الجماعية'، ويستشهد شو بتصريحات المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي، مشيرًا إلى أن 'إسرائيل تتحرك تحت غطاء ما تسميه المساعدات الإنسانية'.
وكانت ألبانيزي انتقدت بشدة 'مؤسسة غزة الإنسانية' التي أنشأتها إسرائيل بدعم أمريكي، مؤكدة أنها 'تعمل تحت إشراف عسكري بالكامل وتوزع المساعدات وفقًا لأجندة سياسية وأمنية'، وحذرت من أنها تثير مخاوف خطيرة من منظور القانون الدولي والمبادئ الإنسانية.
وقالت: 'المشاهد المرعبة من غزة تكشف كيف تعمل هذه الآلية، حيث تطلق قوات الاحتلال النار على المدنيين أثناء توزيع المساعدات'.
** لا معايير أخلاقية
ويؤكد شو أن الجيش الإسرائيلي 'لم يلتزم بأي معايير أخلاقية أو قانونية طوال هذه الفترة'، متهمًا إياه 'بإجراء تحقيقات صورية داخلية حول هذه الجرائم'.
ويتابع: 'لا يوجد دليل حقيقي على أن إسرائيل تحقق بجدية في جرائم الحرب التي يرتكبها جنودها (..) هذه الجرائم جزء من استراتيجيتها لتدمير الفلسطينيين بغزة، وتحقيق هدف الإبادة الجماعية'.
** من أوضح جرائم الحرب
من جهته يقول الدكتور لويجي دانييلي من جامعة موليز الإيطالية، إن 'استهداف الجنود الإسرائيليين للمدنيين الفلسطينيين المنتظرين للحصول على المساعدات من أوضح جرائم الحرب التي شهدناها منذ عقود'.
ويضيف دانييلي: 'هذه الجريمة وغيرها من جرائم الحرب المتكررة تحولت إلى عناصر واضحة لجرائم قتل جماعي تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية'.
ويشير إلى أن 'هذه الجرائم تندرج ضمن الجرائم التي يرفضها المجتمع الدولي بأسره'، مؤكدا أن جنود وقادة الجيش الإسرائيلي يجب ألا يواجهوا المحاكمة الدولية في لاهاي فقط، 'بل يجب اعتقالهم أينما سافروا حول العالم'.
وأعرب دانييلي عن قناعته بأن إسرائيل ستخسر القضية المرفوعة ضدها في محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية.
ونهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023 رفعت جنوب إفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية على أساس أنها انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية.
وفي 26 يناير/ كانون الثاني 2024 أمرت محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير مؤقتة تلزم إسرائيل بإدخال المساعدات إلى غزة، ثم أصدرت قرارا آخر في 28 مارس/ آذار 2024، يضيف تدابيرا أخرى للإجراءات المؤقتة تلزم تل أبيب بتوفير الخدمات والمساعدات لفلسطينيي غزة دون عوائق، وضمان عدم قيام قواتها بارتكاب أعمال 'تشكل انتهاكا لأي من حقوق الفلسطينيين'.
وفي 24 مايو 2024 أمر رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام (آنذاك)، إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية وجميع الأعمال التي تتسبب في ظروف معيشية يمكن أن تؤدي إلى القضاء على الفلسطينيين بشكل فوري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
من جهتها أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (2022–2024) لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الفلسطينيين.
ويضيف دانييلي: 'انطباعي هو أن الإدارة الإسرائيلية، وللأسف شريحة واسعة من المجتمع الإسرائيلي، غارقون إلى هذا الحد في هذه الأيديولوجية التدميرية التي تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، لدرجة أنهم غير مدركين لحجم الصدمة التي يشعر بها العالم من أفعالهم'.
** متاهة مليئة بالمعاناة
ويؤكد دانييلي أن الاحتلال الإسرائيلي بلغ ذروته في انتهاك القانون الدولي، موضحا: 'إسرائيل أقامت للفلسطينيين ما يشبه متاهة مليئة بالألم والمعاناة، حيث تقودهم كل الطرق إما إلى الإبادة أو إلى التعرض لهجمات غير قانونية'.
ويردف: 'ما نشهده من قتل لأفراد الجماعة، والتسبب بأضرار جسدية أو نفسية خطيرة للفلسطينيين، وفرض ظروف معيشية تؤدي حتما إلى تدمير جزء كبير من الشعب الفلسطيني، كلها تشكل أركان جريمة الإبادة الجماعية'.
ويشدد على أن 'واجب منع الإبادة الجماعية لا يبدأ بعد وقوعها، بل عند ظهور أول مؤشرات خطرها'، متسائلا: 'كيف يمكن للدول الأخرى تجاهل ثلاثة قرارات للتدابير المؤقتة أصدرتها محكمة العدل الدولية بشأن هذه المسألة؟'.
ويكمل: 'وفقًا لقانون مسؤولية الدول، فإن عزل النظام الإسرائيلي المتطرف الساعي للإبادة الجماعية ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا التزام قانوني واضح ومحدد على عاتق جميع الدول'.
** إنهاء الاحتلال دون قيد أو شرط
من جهته يشدد أستاذ جامعة تولين الأمريكية عطا هندي، على 'ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة فورًا'.
ويقول: 'الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية واضح، وهو أن على إسرائيل إنهاء الاحتلال فورا ودون قيد أو شرط'.
وفي 19 يوليو/ تموز 2024 أصدرت محكمة العدل رأيا استشاريا اعتبر الاحتلال الإسرائيلي 'غير شرعي' وطالب تل أبيب بإنهاء وجودها في الأراضي الفلسطينية.
ويشير هندي إلى أن 'المفاوضات مع الإسرائيليين قد تقتصر فقط على تحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال'، مؤكدًا أنه 'لا يمكن التفاوض على أي شيء آخر'.
ويصف هندي قيام جنود إسرائيليين بإطلاق النار على فلسطينيين ينتظرون الحصول على مساعدات بأنه 'لم يعد صادمًا، لكنه بالتأكيد مهين ووحشي'.
ويردف: 'هل شاهدتم صورة ريتشارد كيمب (عقيد بريطاني سابق مسؤول بمؤسسة غزة الإنسانية) وهو يتصور بجانب فلسطينيين ينتظرون الطعام وكأنه في متحف؟ هذا مثال آخر على الإهانة والظلم المستمر بحق الشعب الفلسطيني'.
ويضيف: 'تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة للسيطرة والعقاب بات ممارسة مستمرة بفلسطين، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو القدس الشرقية، حيث تسيطر إسرائيل على ما يدخل وما يخرج وكيفية استخدامه، في محاولة مستمرة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم ضمن الإبادة الجماعية'.
** الولايات المتحدة شريكة
ويؤكد هندي على 'ضرورة إعادة تقييم دور الولايات المتحدة في هذه الانتهاكات الإسرائيلية'، وقال: 'العامان الأخيران أظهرا أن تحميل إسرائيل وحدها المسؤولية بات مفهوما أجوف'.
ويتابع: 'علينا أن نكون واضحين تمامًا بشأن مسؤولية الولايات المتحدة كدولة، وأيضًا بشأن المسؤولية الجنائية الفردية'.
ويختم هندي قائلًا: 'من الخطأ الاعتقاد أن المسؤولية تقع فقط على عاتق الإسرائيليين'.
ويشدد على أن 'الأمريكيين مثل باقي الدول يتحملون مسؤولية مباشرة عن هذه الانتهاكات التي تشكل جزءًا من مخطط الإبادة الجماعية وترحيل الفلسطينيين قسرًا من قطاع غزة (..) هذا هو هدفهم الدائم، وقد ظل كذلك على الدوام'.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 191 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.