تقدم الشيخ محمد صالح العتيقي، أحد أبرز مناضلي ثورة 14 أكتوبر، بمبادرة تهدف إلى كبح جماح العنف القبلي المتصاعد في محافظة شبوة، مقترحًا تشكيل قوة محلية ذات طابع أهلي تضم شخصيات دينية وقبلية ذات مكانة وثقة.

وجاء في مقترح الشيخ العتيقي، الذي وجهه إلى محافظ شبوة الشيخ عوض بن الوزير، توصيف دقيق لحالة الانفلات الأمني التي تعيشها مديريتا الصعيد وحبان، حيث تحولت النزاعات إلى صراعات دموية داخل الأسر والعائلات، وسط غياب واضح لدور الأجهزة الأمنية وانكفاء قوات النخبة، ما سمح بانتشار القتل والثأر حتى بلغ حدًّا وصفه بـ'المرعب'، حيث بات الأخ يقتل أخاه، والابن يفتك بوالده، ما ينذر بانهيار النسيج الاجتماعي.

في صلب المبادرة، دعا العتيقي إلى إنشاء قوة أمنية محلية تتكون من رجال القبائل المعروفين بالنزاهة ومن رجال الدين الذين يحظون بقبول اجتماعي واسع. هذه القوة، بحسب المقترح، تتولى مسؤوليات ضبط الأمن ومنع الجريمة، مع دور تثقيفي توعوي موازٍ للحد من ثقافة الثأر وتعزيز مفاهيم التصالح. وأكد على ضرورة أن تكون هذه القوة بقيادة شخصية أمنية محلية تمتلك الكفاءة والخبرة الميدانية.

ولم يقتصر المقترح على الجانب الأمني، بل تضمن تشكيل لجنة تحكيم مجتمعية، تضم نخبة من شيوخ القبائل والوجهاء، لتتولى معالجة قضايا الثأر عبر أدوات التحكيم القبلي والسلمي، بعيدًا عن دوامة الدم. وشملت أسماء اللجنة المقترحة: الشيخ لاحمر بن علي الأسود، والشيخ عبدالعزيز الجفري، والشيخ عبدالمجيد بن فريد، والشيخ نبيل ناصر الداحمة، والدكتور ناصر باعوم الخليفي، وجميعهم شخصيات ذات تأثير واسع في محيطهم الاجتماعي.

وفي ختام مبادرته، وجّه الشيخ العتيقي مناشدة إلى قيادة المحافظة برفع المشروع إلى حكومات دول التحالف العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فضلًا عن رجال الأعمال الجنوبيين والمبادرات المجتمعية، داعيًا إلى احتضان المشروع بوصفه مسارًا عمليًا للحفاظ على السلم الأهلي وتعزيز الاستقرار المحلي.

تكمن أهمية المقترح في كونه يعيد الاعتبار للدور الأهلي في إنتاج الأمن، من خلال دمج رجال القبائل والدين في تشكيل قوة ذات شرعية اجتماعية، بديلة عن الغياب الرسمي، كما يمثّل نموذجًا لتقاطع الحلول الأمنية والمجتمعية في بيئة يغيب عنها الحضور المؤسسي للدولة، ويستفحل فيها العنف كخيار أول لحل النزاعات.