غزة – سبأ:

في لحظة واحدة، تحولت لحظات الطفولة البريئة إلى كابوس لا يُحتمل, الطفلتان سما (6 أعوام) وسلمى (4 أعوام) كانتا تلعبان في منزلهما شرق غزة، قبل أن يخرق القصف الصهيوني صمتهما، فينهار عالمهما بين الركام والدموع. قصتهما ليست مجرد حادثة، بل شهادة حية على المعاناة اليومية للأطفال في غزة، حيث تتحوّل البيوت إلى ساحات خوف، والضحكات إلى صرخات لا تنتهي.

في صباح يوم من أيام أكتوبر 2024، باغت القصف منزل العائلة، فاستشهد الجد الحنون الذي كان يحتضن حفيدتيه، بينما أصيبت الطفلتان إصابات بالغة. سما أصيبت بشظايا وحروق متفرقة، أما سلمى فكانت إصابتها في الرأس شديدة الخطورة، حتى إن الأطباء في مستشفى المعمداني اعتقدوا أن حالتها ميؤوس منها، ووُضعت بجوار الشهداء.

تروي الجدة أم إبراهيم مقاط (55 عامًا) لـ صحيفة (فلسطين): 'ما توقعنا نطلعهم من تحت الركام… طلعنا على المستشفى، والبحث عنهم كان مستمر. زوجي كان مسجّى بلا روح… شو ذنبهم؟ كانوا بس بيلعبوا!'

بينما كانت سلمى على وشك الموت، لاحظ أحد الأطباء حركة خفيفة بين الجثث. فحصها ووجد أن النفس لا يزال ينبض فيها. نقلت بسرعة إلى غرفة العمليات، وأُجريت لها جراحة دقيقة، ثم إلى مستشفى الخدمة العامة لاستكمال العلاج.

بعد ثلاثة أيام، بدأت سلمى تظهر علامات الحياة تدريجيًا، رغم إصابتها بشلل نصفي وفقدان القدرة على النطق. ومع جلسات العلاج الفيزيائي والنطقي، بدأت تستعيد تدريجيًا القدرة على تحريك يدها وقدميها، حتى نطقت أول كلماتها:

'وين سيدو؟'

تقول الجدة: 'ما قدرت أحكيلها الحقيقة مباشرة… يوم عرفت، صمتت ورجعت تبكي وما عاد بدها تحكي أو تلعب.'

أما سما، فقد بقيت الشظية عالقة بين العضلة والأعصاب، والجروح تتكرر التهابها، والألم يحرمها النوم ليالي طويلة.

و تضيف الجدة:'صارت تخاف من أي صوت عالي… أول ما تسمع دقة أو صوت بتغطي وجهها وبتصرخ: القصف رجع!'

ورغم كل الألم والخوف، تظل الطفلتان رمزًا للصمود والإرادة في وجه الحرب الصهيونية، ولكن الطريق إلى الشفاء لا يزال طويلاً وموحشًا. بين الجروح الجسدية والنفسية، وبين فقدان الأمان واستمرار النزوح، تبقى معركة سلمى وسما مع الحياة شاهدة على بشاعة الحرب وصرخة صامتة تطالب العالم أن يرى ما يحدث في غزة، قبل فوات الأوان.

إكــس