اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
تشهد دول جنوب أوروبا موجة حر شديدة دفعت السلطات إلى إصدار تحذيرات صحية وبيئية، وسط تسجيل درجات حرارة قياسية غير مسبوقة، في وقت يربط فيه خبراء هذه الظواهر المتطرفة بالتغير المناخي المتسارع.
وفي فرنسا، رفعت هيئة الأرصاد الجوية تصنيف 16 مقاطعة – بينها باريس – إلى مستوى 'الإنذار الأحمر'، وهو أعلى درجات التحذير المناخي، في حين أبقت 68 مقاطعة أخرى على 'الإنذار البرتقالي'. ووصفت وزيرة التحول البيئي الفرنسية، أنييس بانييه-روناكيه، الوضع بأنه 'غير مسبوق'، مشيرة إلى أن موجة الحر ستبلغ ذروتها الثلاثاء والأربعاء.
أما في إسبانيا، فقد سجّلت مدينة ولبة في الجنوب الغربي، قرب الحدود مع البرتغال، أعلى درجة حرارة لشهر يونيو على الإطلاق بلغت 46 مئوية، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجّل في إشبيلية عام 1965 (45.2 مئوية)، بحسب الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية AEMET.
كما حذّرت السلطات من خطر اشتعال الحرائق، خاصة في ظل اندلاع بؤر نيران في فرنسا وتركيا، وتزايد عدد البلاغات عن حالات الإجهاد الحراري في إيطاليا بنسبة 10%، وفق ما أفادت به الجمعية الإيطالية لطب الطوارئ. وشملت الحالات المسنّين والمرضى المزمنين والمشرّدين.
وشهدت إيطاليا أيضًا حالة تأهب قصوى في 21 مدينة، من بينها روما وميلانو والبندقية ونابولي وفلورنسا، حيث اقتربت درجات الحرارة من 40 درجة مئوية، فيما لا تزال منطقتا إكستريمادورا والأندلس في إسبانيا تعانيان من درجات حرارة تجاوزت 44 مئوية.
وفي البرتغال، وضعت هيئة الأرصاد IPMA العاصمة لشبونة وأغلب المناطق الجنوبية تحت التحذير الأحمر، بينما وُضعت ثلثا البلاد في حالة تأهب عالية بسبب مخاطر الحرائق والحرارة المرتفعة.
وفي تصريحات تلفزيونية، قال المصور الإسباني دييغو راداميس من مدريد: 'الحرارة لم تعد طبيعية في هذا التوقيت من العام. المدينة تزداد سخونة عامًا بعد عام، خصوصًا في وسطها'، في إشارة إلى ظاهرة 'الجزيرة الحرارية الحضرية' الناتجة عن كثافة البناء والتكدس العمراني.
ومن جهتها، أكدت الباحثة في معهد حماية البيئة الإيطالي، إيمانويللا بيرفيتالي، أن موجات الحر باتت أكثر تواترًا وحدة في حوض المتوسط، مشيرة إلى توقعات بمزيد من الارتفاعات المستقبلية في درجات الحرارة، ما يتطلب تكيّفًا مجتمعيًا واسعًا.
ولا تقتصر تداعيات الحرارة الشديدة على البشر فقط؛ إذ حذّر علماء البيئة في فرنسا من تأثيراتها الخطيرة على التنوع البيولوجي، بينما أطلق معهد ISPRA الإيطالي حملة تحذير من ظهور أنواع بحرية غازية وسامة في مياه الجنوب، من بينها أسماك الأسد و'الضفدع الفضي' و'السمك الأرنب'.
أما التفسير العلمي لموجة الحر، فقد قدّمه خبير الأرصاد الجوية الإيرلندي كاثال نولان، الذي أرجع السبب إلى 'قبة حرارية' متمركزة فوق أوروبا، وهي ظاهرة ناتجة عن مرتفع جوي يعمل كغطاء يحبس الهواء الساخن لفترات طويلة، ما يؤدي إلى تراكم الحرارة تدريجيًا.
وقال نولان إن هذه القبة الحرارية لا تؤثر فقط على إسبانيا والبرتغال، بل تمتد عبر فرنسا إلى وسط أوروبا والبلقان، وقد تصل تأثيراتها إلى اليونان لاحقًا، مع درجات حرارة تتراوح بين أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات خلال الأيام المقبلة.