اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة عمون الاخبارية
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
في ظل غلبة الدولة القُطرية على كامل مساحة الوطن العربي ' 22 دولة ' ضمن جامعة ' ديكورية ' و ' قمم سنوية ' بلا مردود ذو قيمة ، لأن الناتج الجمعي لقراراتها يعتمد على الحد الأدنى من توافق شكلي تفرضة المصالح الضيقة لكل دولة ، وإملاءات قوى خارجية ' أحياناً ' تُعطل أي فعل موحد ضد الكيان المحتل وممارساته العدوانية تجاه الدول الأعضاء ، تكتفي ' القمم ' في بياناتها النهائية ' بكلشيهات ' مليئة بعبارات ' ثالوث ' الشجب والاستنكار والإدانة ...
في نظر الكثيرين سقط 'المشروع الوحدوي العربي' الذي عاشت على آمالة أجيال وتنفعت على 'ظهره ' دول وأحزاب كانت ' تجلدنا ' صباح ، مساء بعبارات الوحدة والقومية ، والمصير المشترك ، وفي آخر النهار تذبح شعوبها من الوريد إلى الوريد بحجة مقاومة الإمبريالية والرجعية والاستعمار ، وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر .
في أدبيات الزيف والخداع للتمسك بالسلطة الثورية ' الدكتاتورية ' والحكم المطلق ، الطريق إلى القدس في ' قاموس التحرير ' لدى الحزب الواحد وعسكر الانقلابات يمُر على رقاب وأجساد الأبرياء من الشعب المقهور ، والإعداد لمقاومة الأعداء يتطلب مصادرة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ، لأن طبيعة المعركة ' المزعومة ' لهذة الكيانات والاحزاب مع دول الاستكبار الإمبريالية يتطلب منهم رص الصفوف خلف الحاكم الأوحد الملهم !!! ، الذي أصبح بمثابة ' إلٰه ' للدولة وهو الدولة على خُطَىَ لويس الرابع عشر الذي قال عبارته المشهورة ' الدولة أنا ، وأنا الدولة ' .
وفي ظل تصارع دول إقليمية مؤثرة ' غير عربية ' تسعى إلى الهيمنةِ على دول الوطن العربي وعلى القرارات السيادية لكل دولة وحتى المجتمعات داخلها ، كمواطن ' أردني ، عربي ، مسلم ' متابع لما يجري عبر عقود من الزمن ' منكوب ' بكمية القهر والإحْبَاط التي تتسلل إلى أعماق ذاكرتة عند كل منعطف خطير تمر به الأمة ، يقفز إلى ذهني وذهن كل مواطن تساؤل مشروع برسم الإجابة ' المكتومة ' أين المشروع الأردني من كل ما يجري ؟ ، هل سنبقى نعتمد على ردات الفعل اللحظي ، وإصدار بيانات الشجب والإدانة والاستنكار بأشد العبارات !!! في كافة المحافل المحلية والدولية ، واتّخاذ إجراءات التحوط الدبلوماسي بالهرولة تجاه عواصم القرار ، وأتباع سياسة النأي بالنفس ' المعهودة ' من خلال الانْحِنَاء حتى تمر العاصفة ؟ ، وهل لدينا خطط إستراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لمقاومة مشروع المد الإسرائيلي الذي يطرُق أبوابنا بأشكال مختلفة كل يوم ؟ .
عقل الدولة ومراكز صناعة القرار والمؤسسات الرسمية والشعبية المؤثرة في الدولة الأردنية تُدرك طبيعة الصراع التاريخي ' الوجودي 'مع العدو منذ إنشاء إمارة شرق الأردن وحتى اليوم ، وما هي أطماعة اللامحدودة في الهيمنة والسيطرة والتوسع شرقاً ، حيث سعت الدولة ' الوليدة ' ابتداءً إلى إخراج شرق الأردن من وعد بلفور ، وحصر الصراع العسكري والسياسي مع دولة الإنتداب والعصابات الإسرائيلية داخل فلسطين ، وقدم الأردنيون التضحيات الجسام منذ بداية القرن الماضي وحتى اليوم في كافة مدن وقرى فلسطين ، في سبيل الدفاع عن الأراضي الفلسطينية وإيقاف التوسع لدولة الإحتلال ، ولكن الصراع مع العدو في بداية الألفية الثالثة أخذ منحى تصعيدي خطير حيث كشف الكيان المحتل عن وجهه الأكثر قباحة ، وأصبح أكثر جرأة في إيضاح أهدافه داخل فلسطين وخارجها ، وها هو اليوم يقتل ويدمر ويهجر ويُهود داخل فلسطين التاريخية ، وفي عدد من الدول العربية المجاورة وحتى البعيدة ، ولا يكتفي باستخدام ألآلة الحربية في ضرب المواقع العسكرية والمدنية والبنى التحتية للدفاع عن حدود دولة الإحتلال ' المصطنعة ' بدافع الردع كما يزعم ، بل تعداه للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة من منطلق ' أخوي ' حماية للأقليات الطائفية والعرقية !!!،
يرى البعض أن من الخطأ أن نطالب الدولة الأردنية في هذه المرحلة بأكثر من استطاعتها في مواجهة العدو الإسرائيلي منفردة ، واتخاذ إجراءات أحادية مثل إلغاء معاهدة السلام مع الكيان المحتل أو إيقاف العمل بها ، وطرد السفير وإغلاق السفارة ، ووقف كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني والاقتصادي وغيرها ، ومن يطالبها بالتدخل فيما بجري في فلسطين أو فتح الحدود هو إنتحار ' دولة ' ، وتقديم خدمة مجانية لليمين الإسرائيلي المتطرف الحاكم في دولة الاحتلال لتسريع تنفيذ أجنداتهم التوسعية في المنطقة ، وعلى المطالبين بإشعال الحدود أيضاً أن يعوا تماماً أن موازين القوى الحالية بين الدولتين يميل بشكل صارخ للعدو نتيجة الدعم اللامحدود بأحدث الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية ، ولكن هذا لا يمنع من مناقشة أمر ردع العدوان والدفاع عن الوطن على كافة المستويات ومن كافة الاطياف لوضع الخطط المناسبة ضمن ما أشرت له في مقالة سابقة ' عسكرة دولة الإنتاج ' .
ما حدث من عدوان إسرائيلي همجي غادر على دولة قطر ' الوسيط ' في إيقاف الحرب على غزة ، ومحاولة قتل الوفد المفاوض من حركة حماس يُبرهن بشكل قاطع أن الكيان المحتل لا يلتزم بعهود أو مواثيق ، وصفة الغدر والخيانة هي الطابع السائد في سياسته القذرة ، والأردن في مخططاتهم ليس استثناء .
الأردن على كافة المستويات كان صاحب الرسالة الأبلغ في إدانة العدوان والوقوف إلى جانب دولة قطر الشقيقة ، وليس سراً أن نبوح بحقيقة أن الأردن على مدى عقود كان الأكثر إنفتاحاً على جميع خيارات الحل السلمي للقضية الفلسطينية مع الكيان المحتل ' قبل إتفاقية وادي عربة' ، وفي نفس الوقت لم يُسقط خيار البندقية من قاموس عقيدة جيشه القتالية . ولم يفرض خيار التطبيع على أي مواطن ، وهذا ما يدعونا للتفاؤل بأن مسار السلم والحرب يسيران بخطين متوازيين ، ولكن تبقى الحيطة والحذر والإعداد لردع العدوان ضرورة قصوى ، ومصلحة عُليا للدولة الأردنية إحقاقاً لقول رب العزة -( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ )- صدق الله العظيم .
نأخذ بالأسباب ، نتمسك بالتفاؤل ، نترفع عن الصغائر ، لأننا نُحب الأردن، حمى الله الأردن وأحة أمن و استقرار ، وعلى أرضه ما يستحق الحياة .