×



klyoum.com
jordan
الاردن  ١٧ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
jordan
الاردن  ١٧ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار الاردن

»سياسة» صحيفة السوسنة الأردنية»

وشاح أبيض… ووصية قلب

صحيفة السوسنة الأردنية
times

نشر بتاريخ:  الخميس ١٧ تموز ٢٠٢٥ - ٠٢:١٨

وشاح أبيض ووصية قلب

وشاح أبيض… ووصية قلب

اخبار الاردن

موقع كل يوم -

صحيفة السوسنة الأردنية


نشر بتاريخ:  ١٧ تموز ٢٠٢٥ 

في أحد أحياء إسطنبول، مشت امرأة تركية مسنّة بخطى أثقلها العمر، تحمل حقيبة قماشية وذكرى أبناء رحلوا في ليل ترك بصمته على قلبها. فقدت اثنين من أبنائها وصهرها خلال محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، لكنها اختارت أن تزرع حبًا.

وصلت إلى مدخل القصر الرئاسي، وتقدّمت بثبات الأمهات اللواتي لم يعد يخيفهن شيء. لم تطلب موعداً، ولم تنتظر واسطة، فقط قالت للحرس: «أريد مقابلة الرئيس، أحمل له شيئًا».

سمحوا لها بالدخول. في تلك اللحظة، لم تمثّل المرأة نفسها فقط، إنما حملت معها صدى أمهات كثر، من تركيا وفلسطين. وقفت أمام الرئيس رجب طيب أردوغان بعينين تختزلان سيرة حياة، وأخرجت من حقيبتها رزماً صغيرة من المال، لفتها داخل وشاح أبيض كأنها تهدي ورداً من قلبها.

قالت له بصوت خفيض، حاسم: «جمعت هذا المال على مدار سنوات. كنت أعدّه لشيخوختي، لكني رأيت أطفال فلسطين، حفاة، جياعاً، يطاردهم الخوف بدل الأحلام. لم أستطع الجلوس بصمت. خذ هذه المدخرات، وأعطها لهم… لا أريد شيئاً، فقط أن تصل.

حمل أردوغان الكيس الأبيض بيده، وتلقى الوصية، دون أن يقاطعها. لم تقف المرأة لتتلقى التصفيق، ولم تطلب صورة تذكارية. اكتفت بأن وضعت في يده رسالة صامتة من أمّ، أرادت أن تحوّل وجعها إلى دفء.

لم ترو هذه العجوز حكاية أبنائها، لم تذكر أسماءهم، ولا تفاصيل موتهم. لم تشتك، لكنها قدّمت ما تبقّى من عمرها على هيئة محبة. لم تحوّل الخسارة إلى مرارة، إنما أعادت تدويرها إلى نور.

الناس يركضون خلف الادخار، وهي أدركت أن المال لا ينقذ العمر… أدركت أن المعنى هو ما ينقذ.

حين قرّرت أن تمنح مدخراتها، لم تفعل ذلك من فائض، إنما من احتياجها نفسه… كانت تحتاج أن تشعر بأنها تنتمي إلى العالم، بأن ألمها لا يضيع، بأن أبناءها لم يغيبوا عبثاً.

لم تختر فلسطين صدفة. هي رأت وجهها في وجوه الأطفال هناك.

هي، مثلهم، فقدت الأمان. هي، مثلهم، عرفت معنى أن ينهار البيت على قلب الأم.

لم تكن علاقتها بفلسطين سياسية ولا موسمية. كانت علاقة أمومة… خيط إنساني يتجاوز الجغرافيا.

أرادت أن تطبطب على رؤوس الأطفال هناك، وأدركت أن يدها لا تستطيع أن تصل، فبعثت بقلبها.

حين خرجت من القصر، لم تنظر خلفها. لم تسأل إن كانت القنوات صوّرتها، أو إن كان أحدهم سيذكر اسمها. مشت كما تمشي الجدّات، ببطء مطمئن، كأنها أتمّت مهمّتها الأخيرة في الحياة.

ربما جلست بعد أيام في ركن بيتها الصغير، تنظر من النافذة، وتشرب الشاي، وتشعر براحة نادرة.

لم تتغيّر حياتها ظاهرياً، لكن قلبها صار أكثر خفة.

في وقت لاحق، أكل طفل فلسطيني وجبة دافئة، حملت في طيّاتها حنان تلك العجوز.

ربما لم يعرف الطفل من أين جاءت الوجبة، لكن الدفء الذي شعر به، حمل بصمتها.

في زمن يتحدّث فيه الجميع عن القضايا، كانت تلك المرأة الوحيدة التي تصرّفت حسب ضميرها ومبادئها.

يا عجوز الأناضول، تركت المال، وأخذت القلوب. أعطيت أكثر مما امتلكت. بين تركيا وفلسطين، خلقت جسراً من وشاح أبيض.

الضاحكة على عظام الجوع

كانت تضحك. في مشهد بدا مأخوذاً من رواية سوداء، تضحك امرأة ترتدي الزي العسكري، وتمثل بجسدها صورة من المفترض أن تثير الخوف، لكنها هذه المرة أثارت الغثيان.

ضربت الأرض بعصا، وتمايلت كأنها تحاكي طفلاً فقد القدرة على المشي… طفلاً شلّه الجوع، أو كسرت صمته قذيفة. ضحكت كما لا يضحك البشر.

ضحكت في زمن تتعفّن فيه الأجساد في الأزقة، وتنتظر الأمهات وجبات لا تصل، وتتوسل الأطفال فتات الخبز من الهواء.

أمام الكاميرا، قدمت عرضاً لا يحتاج إلى ترجمة، مشهداً يختصر بوقاحته وجهاً آخر للاحتلال: وجها يجيد السخرية من الموت.

في الركن الآخر من أركان غزة المعذبة، وقف صبي في السابعة، لا يعرف معنى العار، لكنّه شعر به. رأى وجهها، وسمع ضحكتها، ولم يفهم. لماذا تسخر منه؟

لماذا تتمايل وكأن جسده الهزيل مادة للتهريج؟ ما الذي أضحكها؟ الجوع الذي خر ساقيه؟ أم الارتعاش الذي يسكن جلده منذ شهور؟

لم يسألها، لكن سؤاله بقي معلقاً في الهواء، مثل رائحة الجثث التي لم تدفن.

جندية فقدت إنسانيتها بالكامل…

لقد علمها نظامها كيف تضحك على وجع العدو، كيف تحوّل الطفل إلى مادة للسخرية، كيف تخلع قلبها وتلبس زيّها العسكري درعاً ضد الرحمة.

لكن الأرض لا تنسى.

والضحكة، وإن بدت عالية، لا تغلب الوجع.

على بعد كيلومترات من ساحة سخريتها، حملت أم طفلها الذي لم يتحرك منذ يومين.

لم تملك له دواء، ولم تجد له طعاماً… جلست قربه متجمدة. ففي زمن القصف والجوع، لم يعد البكاء ترفًا.

رأت الفيديو، تلك الأم، أو ربما لم تره… لكن ضحكة الجندية وصلت إليها بطريقة ما.

وصلت عبر عيون الصغير، عبر رجفة في صدره المنمنم، عبر تنهيدة قالتها ولم يسمعها أحد.

أي لغة تلك التي تتيح لجندية أن تضحك فوق الركام؟ أي عقيدة تلك التي تربي جندياً على محاكاة الجوع كما لو كان رقصة؟ أي قلب ذاك الذي لا يرتعش أمام طفل يتضور؟

في كل لحظة كانت الجندية تتمايل وتقهقه، ماتت فكرة من ضمير العالم.

كل قهقهة لها كانت صفعة على وجه العدالة. كل حركة من عصاها كانت إهانة لأم لا تعرف كيف تسكت صراخ بطن صغير.

في لحظة واحدة، أسقطت تلك الجندية قناعاً آخر عن وجه الاحتلال: الاحتلال الذي لا يكتفي بالقتل، بل يسخر من وجع القتيل.

أين العدالة؟ أين الرد؟

هل يعاقب أحد على الضحك فوق جراح الآخرين؟

ربما لا. لكن التاريخ يسجّل. وكما سجّل أسماء من عذّبوا، ومن قتلوا، ومن دمّروا، سيسجّل من سخر. لأن السخرية من الجرح، أقبح من الجرح نفسه. اليوم، العالم يتحدث عن القصف، عن السياسة، عن الخرائط.

لكن أحداً لم يقف أمام ضحكة الجندية طويلاً.

لم يقل أحد: «كيف وصلنا إلى هنا؟»

لم يعلّم أحد تلك الجندية أن الوجع لا يهزأ منه.

لم يقل لها أحد: «هؤلاء بشر… حتى وإن ولدوا في خيام، حتى وإن شربوا الماء من الطين، لا يصبحون مادّة للضحك».

ما الذي ستفعله تلك الجندية حين تشاهد نفسها بعد أعوام؟

ربما ستكمل حياتها، وربما لن تتذكّر شيئًا.

لكن الطفل… الطفل الذي شاهدها يهزأ منه، لن ينسى.

فالعار لا يحتاج إلى صوت مرتفع كي يعلن عن نفسه.

يكفي أن نشاهد مشهداً كهذا، لنفهم أن الاحتلال لم يدمّر فقط البيوت، بل شوه الأخلاق. وفي زمن صارت فيه الضحكة سلاحاً، وقف الأطفال بأجسادهم النحيلة، يدافعون عن كرامتهم بالصمت.

أيتها الجندية، ضحكتك لم تكسر طفلاً، إنما فضحت أمة. ضحكتك ليست مزحة… هي جريمة أخلاقية. وحين تنامين الليلة على سريرك الدافئ، فكّري… هل تشعرين بالراحة؟

أما نحن، فحفظنا الموقف، وسنرويه لأبنائنا كي لا يولد جندي آخر ويظن أن السخرية من الجوع بطولة.

كاتبة لبنانية

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار الاردن:

مكملات غذائية تُظهر فاعلية في تخفيف أعراض الاكتئاب

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
22

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2086 days old | 811,624 Jordan News Articles | 18,562 Articles in Jul 2025 | 919 Articles Today | from 31 News Sources ~~ last update: 9 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



وشاح أبيض ووصية قلب - jo
وشاح أبيض ووصية قلب

منذ ٠ ثانية


اخبار الاردن

جيش العدو الصهيوني يشق محور جديد في غزة لفصل مدينة خان يونس عن غربها - ye
جيش العدو الصهيوني يشق محور جديد في غزة لفصل مدينة خان يونس عن غربها

منذ ٠ ثانية


اخبار اليمن

صنعاء.. فعالية خطابية في جحانة إحياء لذكرى استشهاد الإمام زيد - ye
صنعاء.. فعالية خطابية في جحانة إحياء لذكرى استشهاد الإمام زيد

منذ ٠ ثانية


اخبار اليمن

الأولى وطنيا في شعبة الرياضة باك 2024، مهرجان سعيد بوبكر بالمكنين يكرم سلمى العجور (قائمة المتفوقين) - tn
الأولى وطنيا في شعبة الرياضة باك 2024، مهرجان سعيد بوبكر بالمكنين يكرم سلمى العجور (قائمة المتفوقين)

منذ ٠ ثانية


اخبار تونس

دوما أجمل البلدات حول العالم ٢: سياحة ريفية وعمارة تقليدية وأعمال ترميم - lb
دوما أجمل البلدات حول العالم ٢: سياحة ريفية وعمارة تقليدية وأعمال ترميم

منذ ٠ ثانية


اخبار لبنان

عراقجي يدين الغارات الإسرائيلية على سوريا ويطالب بتحرك دولي - eg
عراقجي يدين الغارات الإسرائيلية على سوريا ويطالب بتحرك دولي

منذ ٠ ثانية


اخبار مصر

شركة TSMC تحذر من تأثير العملة على الإيرادات بالربع الثالث - om
شركة TSMC تحذر من تأثير العملة على الإيرادات بالربع الثالث

منذ ٠ ثانية


اخبار سلطنة عُمان

ما سبب ابتعاد تيسير فهمي عن الفن؟.. رد صادم - xx
ما سبب ابتعاد تيسير فهمي عن الفن؟.. رد صادم

منذ ثانية


لايف ستايل

الشرع: الدروز جزء من الوطن.. وأصبحنا أمام خيارين إما مواجهة إسرائيل أو إصلاح الداخل - sa
الشرع: الدروز جزء من الوطن.. وأصبحنا أمام خيارين إما مواجهة إسرائيل أو إصلاح الداخل

منذ ثانية


اخبار السعودية

لاعب الأهلي: قطع إعارتي جاء في مصلحتي بسبب ريبيرو.. و النجوم مصعبين فرصتي - eg
لاعب الأهلي: قطع إعارتي جاء في مصلحتي بسبب ريبيرو.. و النجوم مصعبين فرصتي

منذ ثانية


اخبار مصر

إعلان حالة الطوارئ الصحية بسيراليون لمواجهة جدري القردة - ye
إعلان حالة الطوارئ الصحية بسيراليون لمواجهة جدري القردة

منذ ثانية


اخبار اليمن

قتلى إسرائيليين وعشرات الجرحى في معارك شمال قطاع غزة - ps
قتلى إسرائيليين وعشرات الجرحى في معارك شمال قطاع غزة

منذ ثانية


اخبار فلسطين

بيار جلخ للـ LBCI: تغادر البعثة الأولمبية لبنان في 21 تموز للمشاركة في حفل الافتتاح الذي سيقام في 26 تموز - lb
بيار جلخ للـ LBCI: تغادر البعثة الأولمبية لبنان في 21 تموز للمشاركة في حفل الافتتاح الذي سيقام في 26 تموز

منذ ثانية


اخبار لبنان

بعد مطالبتها بحجب تيك توك .. أسما إبراهيم تتصدر تريند جوجل - eg
بعد مطالبتها بحجب تيك توك .. أسما إبراهيم تتصدر تريند جوجل

منذ ثانية


اخبار مصر

حماس: لن نقبل بوجود الاحتلال في قطاع غزة - jo
حماس: لن نقبل بوجود الاحتلال في قطاع غزة

منذ ثانية


اخبار الاردن

القبض على يمني في الرياض لارتكابه أفعالا ذات إيحاءات جنسية وإتلاف مركبة آخر - sa
القبض على يمني في الرياض لارتكابه أفعالا ذات إيحاءات جنسية وإتلاف مركبة آخر

منذ ثانية


اخبار السعودية

نائب وزير الصحة تبحث إجراءات تقليل الولادات القيصرية غير المبررة في المنيا - eg
نائب وزير الصحة تبحث إجراءات تقليل الولادات القيصرية غير المبررة في المنيا

منذ ثانيتين


اخبار مصر

حفظ بلاغ اتهام أسرة محمود عبد العزيز للإعلامية بوسى شلبى بالتزوير - eg
حفظ بلاغ اتهام أسرة محمود عبد العزيز للإعلامية بوسى شلبى بالتزوير

منذ ثانيتين


اخبار مصر

أمن الدولة تمهل متهمين 10 أيام لتسليم أنفسهم (أسماء) - jo
أمن الدولة تمهل متهمين 10 أيام لتسليم أنفسهم (أسماء)

منذ ثانيتين


اخبار الاردن

رويترز: هيئة بحرية بريطانية تقول إنها على علم بوقوع حادث على بعد 70 ميلا بحريا جنوب غربي عدن اليمنية - lb
رويترز: هيئة بحرية بريطانية تقول إنها على علم بوقوع حادث على بعد 70 ميلا بحريا جنوب غربي عدن اليمنية

منذ ثانيتين


اخبار لبنان

لتأمين فرص عمل للمقعدين... افتتاح مقهى ببرنامج مختلف ومميز في وارسو! (صور) - lb
لتأمين فرص عمل للمقعدين... افتتاح مقهى ببرنامج مختلف ومميز في وارسو! (صور)

منذ ثانيتين


اخبار لبنان

سلسلة قرارات لوزير المالية تتعلق بتصاريح عن إيرادات وسندات وضريبة الدخل - lb
سلسلة قرارات لوزير المالية تتعلق بتصاريح عن إيرادات وسندات وضريبة الدخل

منذ ٣ ثواني


اخبار لبنان

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل