خلال الجلسة العامة المشتركة المخصّصة لمناقشة ميزانية وزارة الشؤون الثقافية في إطار مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، قدمت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي فجر اليوم، جملة من التوضيحات حول استفسارات النواب، مؤكدة التزام الوزارة بتطوير قطاع الثقافة وإعادة هيكلته بما يجعله رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وقالت الصرارفي إن الوزارة شرعت بالتزامن مع إعداد مخطط التنمية 2026–2030 في صياغة مدخل ثقافي تنموي جديد يرتكز على جعل الثقافة عنصرا محركا للاقتصاد وداعما للتماسك الاجتماعي، مع العمل على تكريس العدالة الثقافية في مختلف الجهات. وأوضحت أن الرؤية الجديدة للوزارة تقوم على ثقافة شاملة وناجعة ومستدامة توظف الإبداع والتراث الوطني لتعزيز الانتماء ودعم الإشعاع الدولي لتونس، بالإضافة إلى تثمين البعد الاقتصادي للثقافة عبر تشجيع الاستثمار وتمكين القطاع الخاص من خلق مواطن شغل جديدة وتسهيل النفاذ إلى التمويل.

وشددت الوزيرة على أن تطوير المنظومة القانونية لحماية التراث يمثل أولوية، وأعلنت أن نسبة تقدم مراجعة مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية لسنة 1994 بلغت 80% على أن يُستكمل النص النهائي بداية 2026.

إحداث 'الديوان الوطني للتراث' ومليون زائر للمعالم الأثرية خلال سنة 2024

وأكدت الصرارفي أن الوزارة بادرت بتنفيذ إصلاح هيكلي شامل لمؤسسات التراث عبر دمج عدد منها في منشأة عمومية جديدة تحت مسمى الديوان الوطني للتراث بهدف الحد من تداخل الصلاحيات وتعزيز نجاعة المحافظة والتثمين. وقدمت عرضا مفصلا حول تقدم مشاريع الترميم والصيانة في مختلف الولايات أبرزها تأهيل هضبة بيرصة ومتحف قرطاج (هبة أوروبية بـ10.75 مليون يورو) وترميم جامع الزيتونة المعمور(5 ملايين دولار من الصندوق السعودي للتنمية) وتثمين جامع القيروان وقصر الأغالبة (15 مليون دولار من الصندوق السعودي للتنمية) وترميم دار ابن خلدون (هبة بـ3 ملايين دينار من طرف مركز الشيخ زايد الكبير بالإمارات العربية المتحدة ). كما سجلت المواقع والمتاحف التراثية سنة 2024 مليون زائر مع توقع بلوغ 1.5 مليون زائر سنة 2025، ما سمح لوكالة إحياء التراث بتحصيل موارد ذاتية قاربت 16 مليون دينار.

وتطرقت الوزيرة إلى وضعية عشرات المشاريع في مختلف الجهات، مشيرة إلى تقدم الأشغال أو استكمال الدراسات في عدد كبير منها. وذكرت من ضمن هذه المشاريع متحف شمتو (380 ألف دينار / في طور الإنجاز) وإعادة تهيئة المتحف المسيحي المبكر بقرطاج (الأشغال منتهية)، إلى جانب مشاريع ببرج قليبية وبلاريجيا وجكتيس وسبيطلة والقصرين والجم، فضلا عن تهيئة رباط المنستير (250 ألف دينار / طور الدراسة) وتجديد الإضاءة الفنية لرباط المنستير (450 ألف دينار) والتي اكتملت أشغالها بنسبة 100%.

وأكدت أن جزيرة جربة تشهد تنفيذ سلسلة من التدخلات بعد تسجيلها على قائمة التراث العالمي لليونسكو، من بينها ترميم عدد من الجوامع وإنجاز دراسات فنية وتنظيم أنشطة توعوية لفائدة الشباب، إلى جانب إحداث مركز تقديمي للموقع بداية 2026.

وقدمت الوزيرة معطيات حول مشاريع مؤسسات التنشيط الثقافي من بينها دار الثقافة سوق الأحد (استكمال الدراسات التمهيدية) وتهيئة المكتبة العمومية بدوز (إعداد الدراسات / كلفة 750 ألف دينار)، إلى جانب مشروع دار الثقافة بمنزل عبد الرحمان (تعيين المقاول / انطلاق الأشغال قريبا) وكذلك دار الثقافة حومة السوق جربة وهو مشروع قالت إنه متعطّل بسبب إشكال عقاري ونزاع قضائي. وأوضحت أن إحداث مسارح الهواء الطلق يظل من مسؤولية الجهات لعدم قدرة ميزانية الوزارة على تحمل الكلفة العالية، مع استعداد الوزارة لتوفير الإحاطة الفنية وتمويل جزء من الدراسات.

  أكثر من 4 ملايين زائر للمهرجانات وخارطة وطنية جديدة قيد الإعداد

وبيّنت الصرارفي أن الوزارة تدعم 6 مهرجانات وطنية كبرى، إلى جانب 1229 مهرجانا جهويا ومحليا، منها 298 مهرجانا صيفيا سنة 2025 بكلفة جملية تفوق 20 مليون دينار ساهمت فيها الوزارة بأكثر من 10 ملايين دينار. وأبرزت أن المؤسسات الثقافية نظمت حوالي 40 ألف نشاط خلال 2024 من بينها 1600 نشاط خلال شهر التراث و1300 في ليالي رمضان.

كما قدمت تفاصيل دقيقة حول الدعم المالي لمهرجانات ولايات مدنين والقصرين والحوض المنجمي وسيدي بوزيد وغيرها، إضافة إلى دعم مهرجان سوسة الدولي لسينما الطفولة والشباب (105 آلاف دينار).

وأكدت الصرارفي أن الوزارة بصدد تنفيذ إصلاح إداري ورقمي شامل لبناء إدارة ثقافية عصرية تقوم على الشفافية واللامركزية والنجاعة وحوكمة التظاهرات مع اعتماد استراتيجيات اتصال حديثة للترويج للتراث والإنتاجات الفنية.

وشددت الصرارفي على أن تسوية وضعيات المتعاقدين تمثل أولوية قصوى للوزارة خاصة بعد صدور القانون عدد 9 لسنة 2025، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تطبيق مبدأ الشفافية والمساواة وتمكين الأعوان من حقوقهم، مشيرة إلى أن فئات مثل المنشطين بنظام الحصة وأساتذة الموسيقى تستوجب تسوية وضعياتهم إصدار نص قانوني خاص.

وتجدر الإشارة إلى أن تقديرات نفقات التصرف والاستثمار وصناديق الخزينة لوزارة الشؤون الثقافية قد تم ضبطها للسنة المالية 2026 في حدود 460,969 مليون دينار، مقابل 425,490 مليون دينار خلال سنة 2025، أي بزيادة قدرها 35,479 مليون دينار تمثّل نسبة 8 بالمائة. وتبلغ هذه الاعتمادات 0,73 بالمائة من الميزانية العامة للدولة.

وتقوم الرؤية الاستراتيجية لوزارة الشؤون الثقافية على اعتبار الثقافة رافعة للتنمية وعنصرا أساسيا للتماسك المجتمعي، وفق مقاربة شاملة ترتكز على خمسة محاور كبرى تشمل التثمين الاقتصادي والتحفيز والاستثمار، وحماية التراث والمحافظة عليه، ودعم الإبداع والمشاركة المجتمعية، والإشعاع الثقافي والفني، والحوكمة والتحديث الإداري.