اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في جلسة اتسمت بالتوتر والجدل القانوني، طالبت النيابة العامة، أمام محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في التجمع الخامس، بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمة سارة خليفة و27 متهمًا آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ'تصنيع المواد المخدرة الكبرى'، والتي تتضمن اتهامات بتصنيع مواد مخدرة بقصد الاتجار، وحيازة أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص.
وانتهت الجلسة بإصدار قرار بتأجيل المحاكمة إلى جلسة 8 ديسمبر، لنظر مرافعة الدفاع، وسط حضور مكثف من هيئة الدفاع وأسر المتهمين ووسائل الإعلام.
بدأت الجلسة بسرد النيابة العامة لمرافعتها، التي جاءت حادة اللهجة، معتبرة أن القضية تمثل جريمة تهز الضمير وتزلزل أركان المجتمع، وفق تعبير ممثل النيابة، الذي أكد أن هذه الوقائع لا تتعلق بترويج المخدرات فحسب، بل ترتبط بـ'نشاط تصنيع منظم يستهدف نشر الموت بين الشباب'.
وأوضح ممثل النيابة أن أوراق التحقيقات تكشف عن تشكيل عصابي إجرامي متكامل، تخصص في تصنيع المواد المخدرة بقصد الاتجار والتربح غير المشروع.
وخلال مرافعته، اتهم ممثل النيابة سارة خليفة، المتهمة الأولى في القضية، بأنها لعبت دورا جوهريا في نشاط التشكيل العصابي، قائلا إنها وفرت المسكن، وساهمت في إخفاء المواد المستخدمة في التصنيع، وكانت على تواصل مباشر مع عدد من المتهمين.
واستشهد ممثل النيابة بما قال إنه محتوى تم استخراجه من هاتفها المحمول، يتضمن رسائل وصورا للمواد المخدرة المتداولة بين المتهمين.
وأضاف أن التحقيقات رصدت دورا عمليا للمتهمة في تسهيل أنشطة التصنيع والتخزين والتوزيع، معتبرا أنها لم تكن مجرد واجهة إعلامية، بل واجهة لجريمة كبرى مكتملة الأركان.
وتطرقت النيابة إلى تصريحات المتهم الخامس أثناء التحقيقات، مشيرة إلى أنه قال في اعترافاته إن كمية صغيرة جدا من البودر المضبوط إذا وضعت في سيجارة قد تميت من يتعاطاها، بحسب ما سجله محضر النيابة.
وأكد ممثل الادعاء أن هذا الإفادة تكشف مدى خطورة المواد المضبوطة، وأن المتهمين أجروا تجارب فعلية على المتعاطين، كأنهم فئران تجارب، على حد وصفه.
وخلال المرافعة، عرضت النيابة جانبا من الأدلة الفنية، قائلة إن المتهمين خلال ثلاث سنوات أدخلوا المواد الأولية من الخارج عبر تكليفات للمتهمين من الحادي والعشرين حتى الثامن والعشرين، الذين قاموا ـ وفق التحقيقات ـ بإخفاء المساحيق داخل مكملات غذائية وحقائب شخصية.
كما أكدت النيابة أن وحدة سكنية تم استئجارها كانت تستخدم كمعمل مصغر لإنتاج المواد المخدرة، بينما كان المتهم الثالث يقوم بتصوير أشخاص أثناء تعاطيهم المواد المصنعة للتأكد من فعاليتها.
وفي مشهد آخر من الجلسة، استمعت المحكمة إلى شهادة خبير الكيمياء بالطب الشرعي، الذي أكد أن التحليل المعملي يعتمد على خصائص المركبات وليس نسبتها المئوية، مشيرا إلى أن الأدوات المضبوطة كانت ملوثة بأثار عمليات دمج وتسخين، وهو ما اعتبره دليلا على إجراء عمليات تصنيع داخل الوحدة محل التفتيش.
هذا الشاهد نفسه أوضح أن أطياف المواد تتغير بتغير تركيبها، وهو ما أثار نقاشا مطولا مع هيئة الدفاع، التي شككت في دقة الفحص.
وسألت المحكمة خبير الطب الشرعي عن أحد الأحراز التي قال الدفاع إنها لم تفحص، إلا أن الشاهد أجاب بأنه لا يتذكر تفصيلا ما إذا كان قد فحص هذا الحرز تحديدا، لكنه أكد أنه فحص كل ما ورد إليه من النيابة.
وهنا تدخل ممثل النيابة مجددا، موضحا أن الشاهد ليس مطالبا بمراجعة تقارير كل المتهمين، مؤكدا أن كل عينة ترسل ببيانات منفصلة، ووفق إجراءات منصوص عليها.
وبينما تمسكت النيابة بموقفها، أصر الدفاع على وجود نقص في الأحراز، وقال إن 30 حرزا أُرسلت من النيابة، بينما تقرير الطب الشرعي أثبت فحص 29 حرزا فقط، مشيرا إلى أن الحرز رقم 22 لم يرد ذكره في التقرير الرسمي، وطالب الدفاع بتحديد مصير هذا الحرز، معتبرا أن النقص يمس جوهر القضية.
كما استمعت المحكمة إلى شهادة الضابط مجري عملية ضبط المتهمين الخامس والسادس عشر، الذي قال إنه توجه لتنفيذ إذن النيابة بضبط المتهم الخامس، لكنه لم يجده في مسكنه، مشيرا إلى أنه لا يتذكر ما إذا كان قد أجرى تفتيشا كاملا للمسكن، وأن تفاصيل العنوان مثبتة في محضر التحريات.
وعندما سأله دفاع المتهم الخامس عن تفاصيل تنفيذ الإذن، أجاب الشاهد بأنه لا يتذكر، متمسكا بما قاله في تحقيقات النيابة.
ومن الأدلة التي أشارت إليها النيابة، شهادة حارس العقار الذي قال إن أحد المتهمين استأجر الوحدة السكنية محل الواقعة، وإنه لاحظ تردد المتهم عليها في أوقات متأخرة، ما أثار الشكوك.
وأكد الحارس أنه عند تفتيش الوحدة عثر على المواد المخدرة والأدوات المستخدمة في التصنيع، وهو ما اعتبرته النيابة دليلا حاسما على صلة المتهمين بمسرح الجريمة.
واختتمت النيابة العامة مرافعتها بمطالبة المحكمة بالأخذ بيد القانون دون رأفة، على حد تعبير ممثلها، مؤكدة أن الوقائع الثابتة بالأوراق تستوجب توقيع العقوبة القصوى، وطالبت صراحة بإعدام جميع المتهمين، وعلى رأسهم سارة خليفة.
وبعد ساعات من المرافعات والدفوع والمناقشات، قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى 8 ديسمبر المقبل، لإتاحة الفرصة للدفاع لتقديم مرافعته الكاملة، وسط ترقب واسع من الرأي العام، وانتظار لحسم واحدة من القضايا الجنائية التي أثارت جدلا خلال الأشهر الأخيرة.


































