اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في هذه الأيام، تتوالى الأخبار 'السارة' على مسامعنا، تتحدث عن صرف حوافز جديدة للمعلمين في عدن وأبين، تحت مسميات مختلفة: 'حافز منحة'، 'دعم مؤقت'، أو 'مكرمة خاصة'. وفي كل مرة، يتردد الخبر وكأنه انتصار كبير، وتُتداول صور الاستلام عبر وسائل التواصل، بينما الحقيقة المؤلمة تقول: الراتب مفقود منذ أربعة أشهر.
لا أحد يرفض الحافز، ولا يُنكر أهميته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، خاصة لمعلم يقف في الصف يوميًا، يؤدي رسالته التربوية في بيئة متدهورة، بمدارس تفتقر لأبسط المقومات. ولكن، ما قيمة الحافز إن لم يصرف الراتب الأساسي الذي يُفترض أن يكون مصدر العيش الكريم والثابت للمعلم؟
العديد من المعلمين في عدن وأبين وجدوا أنفسهم في موقف لا يُحسدون عليه. فمن جهة، تُمنحهم السلطات 'مكافآت' مؤقتة تحت عنوان 'تحفيز'، ومن جهة أخرى، تغيب رواتبهم لعدة أشهر، دون تبرير واضح أو حلول ملموسة. بل إن البعض بات يشعر أن الحافز أضحى وسيلة لتبرير التأخير، أو حتى لصرف النظر عن الأزمة الحقيقية.
هذا هو السؤال الذي يطرحه كثير من المعلمين اليوم. فهم لا يرفضون أي دعم أو مساعدة، لكنهم يتساءلون: لماذا تُصرف الحوافز بمبالغ رمزية، بينما يُهمل صرف الراتب المستحق منذ شهور؟ لماذا يُحتفل بالحافز إعلاميًا، بينما الراتب الذي يُعدّ حقًا قانونيًا لا يُذكر إلا في سياق على كل حال: التذمر والمعاناة؟
بل هناك من يرى أن هذه السياسة تكرّس حالة 'الاعتياد على الفتات'، حيث يُربّى الموظف على القبول بالمؤقت، والنسيان للمستحق، فيغدو الحافز مكافأة كبيرة رغم أنه لا يغطي حتى يومين من احتياجات الشهر.
والأكثر إيلامًا أن الحافز نفسه، الذي يُفترض به أن يخفف المعاناة، قد يزيد من الضغوط المالية على المعلم. إذ في غياب الراتب، يصبح الحافز مجرد مبلغ مؤقت يُستهلك في يوم أو يومين، ثم تعود الحياة إلى نفس الدائرة من الديون، التأجيل، والانتظار.
يا حكومة .. المعلمون لا يطلبون المستحيل، فقط يطالبوا بالحد الأدنى من الحقوق، وبالعيش الكريم. فهل يُعقل أن يُكرّم المعلم بالحوافز، في حين يُحرم من راتبه؟ هل يُعقل أن يتحول الراتب – الذي هو أبسط حقوقه – إلى حلم مؤجل؟