اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة الحقيقة الدولية الاخبارية
نشر بتاريخ: ١٥ أيار ٢٠٢٥
لم يكن الوعيد والتهديد الذي اطلقه وزير التعليم الإسرائيلي المتطرف يؤاف كيش مؤخراً بقطع التمويل عن اي جامعة إسرائيلية تسمح لطلبتها العرب بإحياء ذكرى النكبة الا تفسيرا حقيقيا بأن مفتاح البيت الفلسطيني الذي حمله الجد والجدة كسلسلة دائمة في اعناقهم وأورثوا رمزه للأبناء والأحفاد ما زال يؤرق الجناة رغم مرور ما يقارب ثلاثة ارباع القرن على النكبة الفلسطينية، فهو المفتاح ذاته الذي أغلق فيه الأبوان باب بيتهم في عكا ويافا وحيفا والرملة و صفد وطبرية وبئر السبع وهم متيقنين من العودة اليه بعد ان اجبرهم القتل والتشريد من قبل جماعات الرعب والاجرام على مغادرته، فالعودة بالنسبة لصاحب الارض والبيت يرى فيه واجباً فضلاً عن كونه حق لا يسقطه تقادم السنيين.
سيبقى الخامس عشر من أيار عام 1948م هو العار الذي يلاحق دوماً ما تنادي به الحضارة الغربية العصرية والتي تبناها منتصرو الحرب الكونية الثانية حيث سقطت دعواهم على مذبح ما جرى في ذلك اليوم المشؤوم، وهو العار الذي يجدد نفسه في كل مناسبة وفصل من فصول ما بعد النكبة من خلال ازدواجية المعايير ودعم العدوان والقتل والتهجير مرة بدعوى حق الدفاع عن النفس ومرة بدعوة حفظ الأمن، وكل ما جرى ويجري على الارض الفلسطينية بمثابة تعميق لهذا العار الذي يبدو أن الكثير من صناع القرار في تلك الحضارة أدمنوه واصبح ملازماً لهم كشيء طبيعي لكنه ارتد أثره عليهم بعدة مواقع وليس ما حدث خلال الأعوام الأخيرة في أوكرانيا عن ذلك ببعيد.
«سيموت الكبار وسينسى الصغار» هذا ما قالته رئيس حكومة الاحتلال السابقة جولدا مائير للترويج بأن ذكرى النكبة ستكون اثراً بعد عين مع مرور الزمن، ولكن خلافاً لادعائها فمازالت العودة حلم يداعب مخيلة الصغار من الجيل الثالث الذين لم يوعى والديهم على ذكريات فلسطين بقراها ومدنها قبل النكبة، بل وفشل الاحتلال في ترسيخ أمن واستقرار ما أقامه بعد التشريد والقتل لعدم رغبته استيعاب ان معادلة السلام مع الاحتلال لا يجتمعان فأصبح كمثل الغريق الغشيم السباحة الذي لا تزيده تخبطاته العشوائية في الماء الا غرقاً، فقد سقطت اسس الدعاية الصهيونية المتطرفة الكاذبة لدى رجل الشارع الغربي بسبب حرب ابادتها الجارية في غزة فلا عجب اننا بدأنا نسمع هذا الرجل العادي يواجه متبني دعم الاحتلال وجيشه بعار ما يقوم به حالياً بل واستجرار ما حدث خلال النكبة، نعم كما اقول لكم خلال النكبة فهذه بركات طغمة التطرف في تل ابيب الغير مقصودة.
صورة مفتاح الحجة وصوت فيروز وهي تناجي بيتها المعتق في بيسان بأنها ستعود اليه مع رفوف السنونو ورتابة صوت كوثر النشاشيبي في رسائل شوق كل ذلك يؤكد للأذهان والخواطر ان العودة لأصحابها هي بمثابة الشمس التي لا تغطى بالغربال مهما تكاثرت الغربان على رفوف السنونو، لا زلت اذكر في طفولتي قصيدة فلسطين والعائد المدرسية للشاعر هارون هاشم رشيد وأذكر معلمي محمد الطراونة ذكره الله بكل الخير وهو يتنهد قائلاً «يا أبنائي أنها الأم ببساطة التي تنتظر أبناءها» وذلك عندما يقرأ مقطع فلسطين وهي تخاطب عائديها «من يناديني من وراء الجبل، من يناديني بصوت البطل، من تراه...أتراه أملي؟؟؟».