غطّت العاصمة المؤقتة عدن، مساء الأحد، موجة من الظلام الشامل لم تشهدها منذ أشهر، بعد توقف آخر محطات توليد الكهرباء عن العمل جرّاء نفاد الوقود المشغّل لها بالكامل.

ويعتبر هذا الانقطاع الأسوأ على الإطلاق في الأشهر الأخيرة، إذ ترك مئات الآلاف من السكان دون كهرباء في ظل غياب أي بدائل مؤقتة.

وأفادت مصادر مطلعة داخل مؤسسة كهرباء عدن بأن محطة 'بترومسيلة'، التي كانت آخر محطة تعمل بشكل جزئي خلال الأيام الماضية، خرجت نهائياً عن الخدمة بعد استنفاد كامل مخزونها من النفط الخام.

ويأتي هذا التوقف المفاجئ في وقت تعتمد فيه المدينة بالكامل على هذه المحطة لتغطية جزءٍ من احتياجاتها الكهربائية، ما أدى إلى انقطاع تام للتيار في جميع مديريات العاصمة.

وبحسب المصادر، فإن جذور الأزمة تمتد إلى توقف إمدادات النفط الخام من مصدرين رئيسيين: الأول، حقول 'صافر' في محافظة مأرب، حيث استُهدِف الأنبوب الناقل للنفط بتفجيرٍ أدى إلى تعطيل ضخّه بالكامل؛ والثاني، حقول 'العقلة' في شبوة، التي توقفت عن الإنتاج مؤقتاً بسبب إضراب العاملين فيها احتجاجاً على ظروف العمل وتأخر الرواتب.

وتشير المعطيات الحالية إلى أن عدن لا تمتلك أي احتياطي استراتيجي من المشتقات النفطية، ما يضع المدينة أمام كارثة إنسانية وشيكة.

فالمستشفيات، التي تعتمد على مولدات الكهرباء لتشغيل أجهزة الإنعاش والعمليات الجراحية، باتت مهددة بالتوقف.

كما أن محطات ضخّ المياه، التي تخدم أحياءً سكنية بكاملها، قد تنضب خلال ساعات، في حين تواجه المحال التجارية والخدمات الأساسية شللًا تامًا في ظل غياب الكهرباء.

وفي سياق متصل، حذّرت مصادر اقتصادية من أن استمرار هذا الوضع دون تدخل عاجل قد يُشعل موجة احتجاجات غاضبة في الشوارع، خاصةً مع تزايد معاناة المواطنين اليومية وغياب أي مؤشرات على وجود خطة طوارئ من قبل الحكومة أو مجلس القيادة الرئاسي.

ويرى مراقبون أن غياب الحلول العاجلة لا يُهدّد فقط بانهيار الخدمات الأساسية، بل يُفاقم من حالة الاستياء الشعبي المتزايد تجاه الأداء الحكومي في إدارة الأزمات.

ويطالب سكان عدن، عبر منصات التواصل الاجتماعي، بتدخل فوري لتأمين وقود طارئ للمحطات أو تفعيل مصادر بديلة للطاقة، مشددين على أن الصبر بدأ ينفد، وأن 'الظلام لم يعد مجرد انقطاع في التيار، بل تهديد مباشر لحياة الناس'.