النائب ديمة طهبوب تكتب : بالورقة والقلم: كم خسرنا بسبب اتفاقية وادي عربة؟

كتبت النائب ديمة طهبوب

ابتداءً، لا بدّ أن أؤكد رفضي المطلق لأي اتفاقية مع هذا الكيان المحتل. والحمد لله أنّي في وطني الأردن لا أجبر، لا كمواطنة ولا كنائب، على القبول بها، بل أُعبِّر عن موقفي بكل وضوح، من منطلق عقيدة لا ترى مع الصهاينة سلاما ثم من منطلق مواطنة لا ترضى لأي تهديد أن يلامس بلدها، ولو كان على شكل 'مفرقعات”كلامية صادرة ممن احترفوا الإبادة منذ قيام كيانهم.ة

وفي موسم الموازنة والمال والأرقام، لابد أن أُذكِّر بأن هذه الاتفاقيات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بل إنها كلّفت الأردن أثمانًا لا تُوزن بميزان ولا تُقاس بقبّان. موارد كان أهل الأردن أولى بها، ومشاريع كان يمكن أن تُبنى بأموال دُفعت تحت عنوان الارتباط الاقتصادي ، فأين تظهر هذه الكلف وفي أي المجالات؟

١. الطاقة والغاز…الكلفة الأعلى والأخطر

الكلفة الأولى: التزام طويل الأمد بثمن باهظ

في عام 2016 وقّعت شركة الكهرباء الوطنية عقدًا لـ15 سنة لاستيراد الغاز من حقل 'ليفياثان”، بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار وبكمية نحو 3.1 مليار م³ سنويًا.

يتضمن العقد بنودًا مرهقة من نوع 'خذ أو ادفع” بنسبة 75%، أي أنّ الأردن يدفع حتى لو لم يسحب كامل الكميات. وهذه البنود تنقل المخاطر التجارية إلى الخزينة مباشرة، وتقيّد قرارنا السيادي في إدارة ملف الطاقة

الكلفة الثانية: الاعتماد على مصدر واحد وغير آمن

في 2023، شكّل الغاز 62% من الكهرباء المولدة في الأردن، و83% من هذا الغاز جاء من الكيان. هذا يعني هشاشة كاملة أمام أي اضطراب سياسي، وقد رأينا الدليل المباشر في يونيو 2025 حين أوقف الاحتلال توريد الغاز، فاضطر الأردن لاستخدام بدائل مكلفة بكلفة إضافية بلغت 1.4 مليون دولار يوميًا، ما فاقم عجز شركة الكهرباء الذي تجاوز 8.74 مليار دولار.

الكلفة الثالثة: دفعنا ثمن بدائل كان يمكن أن تكون أردنية

فما الذي يعنيه دفع 10 مليارات دولار لمصدر واحد لا نثق به سياسيًا؟

إنه يعني ببساطة حرمان الأردن من استثمار المبلغ في:

الطاقة الشمسية (أرخص وأكثر استقرارًا)

مشاريع الرياح

تطوير مخزون الغاز المحلي

استغلال الصخر الزيتي

وهي مشاريع كانت ستخلق آلاف الوظائف، وتخفض فاتورة الاستيراد، وتمنحنا سيادة طاقية لا نملكها اليوم.

٢. المياه…خسارة تاريخية وتبعية خطرة

الكلفة الأولى : انخفاض حصتنا من نهر اليرموك

بعد ترتيبات ما بعد الاتفاقيه، انخفضت حصة الأردن من نهر اليرموك إلى 71.5 مليون م³ معدلًا عام (1999–2018)، بعد أن كانت قرابة 125 مليون م³.هذا النقص أجبر الأردن على مشاريع مكلفة جدًا للتحلية والنقل زادت الضغط على الموازنة والمواطن.

الكلفة الثانية: شراء مياه إضافية بأسعار مرتفعة

إلى جانب حقوق المياه في معاهدة 1994، اضطر الأردن في 2021 لشراء 50 مليون م³ إضافية بسعر 0.65 دولار/م³، أي 32.5 مليون دولار سنويًا، وتم تمديد الترتيب في 2024.

الكلفة الثالثة: تعميق التبعية بدل السيادة المائية

رغم أن الملحق المائي ينظم الحقوق، إلا أن شراء المياه الإضافية جعل الأردن معرّضًا لتقلبات سياسية وفنية، بدل أن تُسرَّع مشاريع السيادة المائية مثل:

التحلية الداخلية

تقليل الفاقد

إعادة استخدام المياه المعالجة

ولعل أوضح مثال على طبيعة هذا الكيان التي لا يمكن الوثوق بها قيد أنملة هو تهديد ابن الهالك شارون بتعطيش الأردن بعد استعادة الباقورة والغمر عام 2019؛ وهذه حقيقة تتكرر في كل محطة.

٣. أثر الاتفاقيات على الشركات الوطنية وعلى الموازنة

عجز الكهرباء والمياه الذي يمثل ربع الدين العام

تشير بيانات الموازنة إلى أن قطاعي الكهرباء والمياه يشكلان نحو ربع الدين العام، نتيجة:

(عجز التعرفة ، الفاقد ، عقود طويلة تضمن أرباحًا للمنتجين على حساب الشركات الوطنية ، الاعتماد على غاز مستورد ضمن عقود قاسية) ..

عجز شركة الكهرباء وحدها تجاوز 8.74 مليار دولار، وهو رقم كبير كان يمكن خفضه لو لم ترتبط سياسات الطاقة الأردنية بهذه الاتفاقية

في نهاية هذا الملف، نقف أمام حقيقة واضحة: الأردن لم يربح شيئًا من هذه الاتفاقية بل خسرنا طاقة كان يمكن أن تُنتج في أراضينا من شمس معان ورياح الطفيلة وغيرها، وخسرنا مياها حقنا فيها مكتوب بدم أجدادنا، وأموالًا كان يمكن أن تُستثمر في الأردنيين ومناحي حياتهم..

لكني أظل ازداد ايمانا أن الأردن، صاحب الكرامة الذي استعاد الباقورة والغمر وظلت الغالبية العظمى من شعبه رافضة للتطبيع سيستعيد الكهرباء والماء وكل ما سرقه الأنذال كل صاع بصاعين ، وإن كان في الموازنة أرقام ثقيلة، ففي قلب هذا الشعب رصيد لا ينضب من عزيمة الاصلاح وحماية البلد والعمل على رفعته وازدهاره ، لأن هذا الوطن، ببساطة، لا يُقايض.

مرفق سؤالي المطول والمفصل عن ملف المياه وسرقات الكيان وعدم التزامه بالمشاريع المائية والاضرار التي لحقت بالبحر الميت والاقتصاد الأردني، وجواب الوزارة بطريقة البرقيات التي يدفع فيها ثمن الأحرف لارسالها دون أي معلومة قيمة!!!

(مرفق السؤال النيابي والاجابة الرسمية ادناه )