اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
لم تعد السيارات الكهربائية في الصين رفاهية أو خياراً للنخبة، بل أصبحت جزءاً من الحياة اليومية لملايين المواطنين. ففي عام 2024، شكّلت المركبات الكهربائية نحو نصف مبيعات السيارات في البلاد، وهو تحول جذري يقف خلفه تخطيط طويل الأمد ودعم حكومي غير مسبوق.
في محطة شحن بضواحي غوانغتشو، يقول ليو يونفينغ، سائق أجرة: 'أقود سيارة كهربائية لأنني لا أملك المال الكافي للبنزين'. ويؤيده زميله سون جينغقوه قائلاً: 'هي أرخص، وتساعد في حماية البيئة'. كلمات كهذه تمثل اليوم واقعًا في الصين، لكنها لا تزال حلماً في العديد من الدول الأخرى.
مع مطلع القرن، شرعت القيادة الصينية في رسم استراتيجية للتحول التكنولوجي، وكان من أبرز أهدافها السيطرة على قطاع السيارات الكهربائية. وفي وقت كانت فيه العلامات الغربية تهيمن على الطرق الصينية، أدرك المسؤولون أن دخول منافسة سيارات الوقود التقليدي أمر خاسر، فقرروا قلب المعادلة.
ويُنسب الفضل في هذه النقلة إلى وان غانغ، مهندس تلقى تعليمه في ألمانيا وتولى لاحقاً وزارة العلوم والتكنولوجيا. وضع غانغ رؤية واضحة: التحول نحو المركبات الكهربائية، وخلق صناعة محلية تنافس عالميًا.
رغم إدراج المركبات الكهربائية ضمن الخطط الاقتصادية الصينية منذ عام 2001، إلا أن الانطلاقة الحقيقية جاءت مع ضخ أكثر من 230 مليار دولار منذ 2009 وحتى 2023، وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).
شمل الدعم كل أطراف السلسلة الإنتاجية: من المستهلكين والمصنّعين إلى شركات البطاريات ومحطات الطاقة، وفقا لبي بي سي.
هذا الزخم الحكومي شجع شركات مثل BYD على الانتقال من تصنيع بطاريات الهواتف إلى قيادة سوق السيارات الكهربائية، وأتاح لشركات ناشئة مثل XPeng دخول المنافسة بقوة، مدعومة ببيئة تشجع الابتكار والمنافسة.
شبكة شحن هي الأضخم في العالم
من أبرز عوامل نجاح الصين إنشاء شبكة شحن هي الأكبر عالميًا، تتركز في المدن الكبرى، وتتيح للمستخدمين الوصول لمحطات الشحن خلال دقائق فقط.
وتُنتج شركة CATL الصينية، التي تأسست عام 2011، اليوم نحو ثلث بطاريات السيارات الكهربائية في العالم، وتزوّد علامات عالمية مثل تسلا وفولكسفاغن.
الصين لا تكتفي بصناعة سيارات كهربائية رخيصة، بل تقدّمها بميزات متقدمة تشمل القيادة الذاتية وخدمات الترفيه الذكية.
شركة XPeng مثلًا طرحت سيارتها 'Mona Max' بسعر 20 ألف دولار، وتضم تقنيات تُعد فاخرة في الأسواق الغربية. ويقول مديرها التنفيذي، براين غو: 'نحن لا نحابي أحدًا. المنافسة هنا شرسة، لكنها عادلة'.
مع تصاعد نفوذ السيارات الصينية، بدأت دول غربية بفرض رسوم جمركية لحماية صناعتها المحلية.
فرضت الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي ضرائب مشددة على واردات السيارات الكهربائية الصينية، في حين أبقت بريطانيا أبوابها مفتوحة، لتصبح سوقًا جاذبة لشركات مثل BYD وXPeng.
مخاوف أمنية وشبهات مراقبة
رغم الإشادة بتقدم الصين، أثار بعض الساسة الغربيين تحذيرات من 'التكنولوجيا الصينية'، واعتبروا السيارات الصينية 'أجهزة تجسس محتملة'.
وردت ستيلا لي، نائبة رئيس BYD، على هذه الادعاءات قائلة: 'نستخدم أعلى معايير الأمان. والادعاءات السياسية لن تغير الحقائق'.
مستقبل كهربائي.. بصناعة صينية
مع إعلان عدة دول، من بينها بريطانيا، حظر بيع سيارات البنزين والديزل بحلول 2030، تبدو الصين في موقع ريادي عالمي.
ويختم المحلل مايكل دان بقوله: 'الصين لا تسأل من ينافسها. بل تسأل: هل يستطيع أحد التفوق علينا؟'.
من غوانغتشو إلى الأسواق العالمية، أثبتت الصين أنها ليست مجرد مصنع للعالم، بل عقل تخطيطه وقلب تحوّله نحو المستقبل الكهربائي.