شهدت العاصمة الهولندية أمستردام مواجهات عنيفة بين مشجعي نادي مكابي تل أبيب الإسرائيلي وأنصار القضية الفلسطينية، على هامش مباراة في الدوري الأوروبي جمعت بين فريق مكابي تل أبيب وأياكس أمستردام، والتي انتهت بفوز الفريق الهولندي بنتيجة 5-0.

أثارت هذه المباراة، وما تبعها من أحداث واعتداءات، جدلًا واسعًا وتفاعلًا من الأوساط الشعبية والسياسية، وسط اتهامات بتسييس الرياضة من قبل حكومة الكيان الإسرائيلي.

بدأت الأحداث عندما وصل مشجعو نادي مكابي تل أبيب إلى أمستردام قبل انطلاق المباراة، حيث شوهد بعضهم يقومون بتمزيق الأعلام الفلسطينية المعلقة على المنازل والمتاجر في المدينة، مرددين هتافات معادية لفلسطين.

وأدى هذا التصرف إلى غضب واسع من الجالية الفلسطينية ومؤيدي القضية الفلسطينية في المدينة، حيث تصاعدت الأمور إلى مشادات كلامية تطورت إلى اشتباكات جسدية بين الطرفين.

اعتداءات على الممتلكات العامة وتخريب ممتلكات في أمستردام

لم تقتصر الحوادث على المواجهات مع أنصار القضية الفلسطينية فقط، بل قام عدد من مشجعي مكابي تل أبيب، الذين كانوا يرتدون ملابس سوداء، بالاعتداء على سيارة أجرة باستخدام قطع حديدية، ما أثار حالة من الفوضى في الشارع.

وذكرت صحيفة 'ديلي ميل' البريطانية أن هذا الاعتداء أدى إلى وقوع اشتباكات أخرى بين مشجعي مكابي وسائقي سيارات الأجرة في المدينة، في مشهد أثار استياء سكان أمستردام والمارة.

لم تتوقف أعمال الشغب عند حدود شوارع أمستردام، بل امتدت إلى داخل استاد أمستردام أرينا، حيث أطلق مشجعو مكابي تل أبيب صافرات الاستهجان أثناء دقيقة الصمت التي أقيمت تكريمًا لأرواح ضحايا الفيضانات في إقليم فالنسيا الإسباني.

وأثار هذا السلوك غضب الجماهير الهولندية الحاضرة، التي اعتبرت التصرف غير لائق، ويعبر عن قلة احترام تجاه الضحايا والمصابين.

في سياق تصاعد التوتر، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن نيتها إرسال طائرتين خاصتين لإعادة مشجعي نادي مكابي تل أبيب إلى إسرائيل، تجنبًا لمزيد من التصعيد والاحتكاكات.

وقد صرح أفيخاي أدرعي الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي للإعلام، بأن هذا القرار جاء بناءًا على توجيهات من الحكومة الإسرائيلية، بهدف 'حماية مواطني إسرائيل في الخارج'.

لكن أدرعي عاد لاحقًا وأعلن أنه، بناءًا على توجيهات سياسية، تقرر عدم إرسال طائرات لنقل المشجعين، في خطوة أثارت تساؤلات حول موقف الحكومة من هذه الأحداث.

وفتحت الشرطة الهولندية تحقيقًا موسعًا في أعمال الشغب التي وقعت في أمستردام، وأعلنت عن اعتقال 62 شخصًا متورطًا في هذه الأحداث، مؤكدة أنها ستتخذ إجراءات قانونية صارمة بحق المتورطين للحفاظ على الأمن والنظام العام في أمستردام.

في هذا السياق، أعرب زيد تيم، أمين سر حركة 'فتح' الفلسطينية في هولندا، عن استنكاره لأعمال الشغب التي قام بها مشجعو مكابي تل أبيب، مؤكدًا أن هذه التصرفات تعكس ممارسات تهدف إلى إثارة العنصرية والكراهية.

وأضاف تيم، في مداخلة مع قناة 'القاهرة' الإخبارية، أن 'الشعب الهولندي المحب للسلام يرفض مثل هذه التصرفات التي تسيء للتعايش السلمي'، متهمًا الحكومة الإسرائيلية بتسييس هذه الأحداث لتحقيق مكاسب سياسية.

وهبطت، الجمعة، أول طائرة إجلاء في مطار بن غوريون بتل أبيب، تقل إسرائيليين تم إجلاؤهم من هولندا.

وأوضحت ليزا دفير، المتحدثة باسم سلطات طيران الاحتلال، أن طائرة الإجلاء الأولى وصلت إلى تل أبيب في إطار جهود لحماية المشجعين.

حظر مؤقت على التظاهرات في العاصمة الهولندية

وأفادت فيمكي خالسيما، عمدة أمستردام، بأن عددًا من الأفراد اعتدوا على مشجعي مكابي تل أبيب باستخدام دراجات السكوتر بعد ما بدر من الجماهير الاسرائيلية من أعمال شغب مشيرة إلى فرض حظر مؤقت على التظاهرات في العاصمة الهولندية.

وأكد رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف أن الشرطة الهولندية كانت في حالة تأهب وسط تقارير عن 'حوادث متبادلة' بين الطرفين.

كما أشارت الشرطة إلى أن التوترات بدأت قبل المباراة بيوم عندما قام مشجعون من مكابي بإزالة علم من واجهة مبنى في منطقة روكين، إلى جانب إشعال علم فلسطيني في ساحة دام.

وتداولت منصات التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو لأعمال العنف، حيث أظهرت لقطات مشاهد مطاردات واعتداءات بين الطرفين، فيما شوهد مشجعون إسرائيليون يرددون هتافات ضد العرب وينزعون أعلامًا فلسطينية.

فيما ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بهذه الاعتداءات، مؤكدًا على خطورة الحادثة، وطالب الحكومة الهولندية بضمان أمن وسلامة الإسرائيليين، كما أمر بإرسال طائرات إضافية لإجلاء المشجعين.

وفي السياق ذاته، عبّرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما حيال العنف المتزايد، وأدانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الهجمات 'الدنيئة' على المشجعين الإسرائيليين.