اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ١٤ تموز ٢٠٢٥
لقد أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي والعديد من البرمجيات المجانية المجال الرحب للتواصل بين الناس في مختلف المواقع والأماكن، وفتحت المجال لكل شخص بأن يقول ما يريد على تلك المواقع دون حسيب أو رقيب، إلا فيما بتعلق ببعض الأمور التي حددتها بعض الدول وأخضعتها للمراقبة والمسألة القانونية لمن يسيئون استخدام تلك المواقع.
وكل مستخدم لهذه المواقع لديه عدد كبير من الأصقاء والمتابعين على صفحاتهم، وفي كثير من الأحيان لا يعرف هؤلاء بعضهم سوى من العلاقة الأفتراضية التي جمهتهم عبر تلك الوسائل. وهنا يمكن الأمر بأن كل شخص يحاول التواصل مع الأخرين في التعليق على منشوراتهم سواء بالتعليق كتابة أو إعادة نشر تلك المنشورات أو إبداء الاعجاب.
وهنا يكمن مربط الفرس، فمن خلال الاطلاع على ما ينشره الأشخاص على صفحاتهم تجد كثير من المتابعين يبدون تفاعلاً مع تلك المنشورات سلبا وإيجاباً، ولكن الغريب في الأمر أن الغالبية تنحو باتجاه ميل صاحب المنشور في تأييده لما ينشره، والقليل جداً ممن يعارضونه وهذا ما يدعو للقلق بأن ذلك التعاطف غالباً ما يكون نوعاً من النفاق الاجتماعي.
والغريب في الأمر أن ظاهرة النفاق تلك تنسحب في غالب الأوضاع على البعد الاجتماعي والسياسي، بحكم أنها أكثر اهتمامات الأشخاص وخاصة في منطقتنا العربية. فما ان تجد مناسبة أو حالة اجتماعية معينة الا وتنهال التعليقات المباركة لأشخاص قد لا تربطنا بهم على سوى ذلك الواقع الافتراضي. ويتخذ ذلك البعد الاجتماعي مواسم معينة للتهنئة بالنجاح أو تقلد منصب جديد أو مباركة بالزواج وما إلى ذلك، وأيضاً في حالات المواساة والحزن كالوفاة أو الإصابة بمرض وغير ذلك. وقد اتخذ البعض ذلك وسيلة للتملص من المشاركة الفعلية في فرح في تلك المناسبات والاكتفاء بتعليق أمو منشور على صفحات التواصل الاجتماعي.
ومما يجعل الأمر أكثر سواء بأن تجد رفضا لحالة ما تهم جميع الناس من جهة، ومباركة لأشخاص من جهة أخرى. فقد رأينا خلال الأيام القليلة الماضية استهجاناً وامتعاضاً من غالبية المواطنين على قرار حل البلديات ومجالس اللامركزية وتعيين أخرين مكانهم. وعلى الرغم من رفض البعض لهذا القرار إلا أن ذات الأشخاص الذين عبر وا عن رفضهم لهذا القرار هم ذاتهم قاموا بتنهنئة الآخرين الذين تم تعيينهم في تلك المواقع بدلاً من الذين تم عزلهم. وكذلك الأمر في كثيراً من القضايا التي حدثت في بلادنا خلال الفترة الماضية، وكل الأراء والتعليقات بين مؤيد ومعارض لا للقضية ذاتها وإنما نفاقاً مع ناشريها. فأي نفاق هذا وأي مجتمع هذا الذي يرفض ويؤيد في نفس الوقت. لأرضاء أشخاص لا تربطه بهم صلات وثيقة.
وهذا يعطينا مؤشراً بأن الحالة الاجتماعية والنفسية للناس ليست مستقرة ومتباينة ولا يمكن الوثوق بهذه الارا والمنشورات على وسائل التواصل، وإنما هي نوع من النفاق الاجتماعي على وسائل التواصل.