اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ١١ تموز ٢٠٢٥
في الوقت الذي تُعد فيه مواقع البناء من أكثر البيئات خطورة وتخلفًا في اعتماد التقنيات الحديثة، يشهد هذا القطاع في السعودية تحولًا جذريًا بفضل الذكاء الاصطناعي. لم يعد الذكاء الاصطناعي حكرًا على المختبرات ومراكز الأبحاث، بل أصبح حاضرًا في قلب مواقع الإنشاءات، متغلغلًا في السقالات والخرسانة وغرف التحكم.
شركة viAct، ومقرها هونغ كونغ، تقود هذا التغيير عبر منصة ذكية تشبه 'المراقب الآلي'، قادرة على تحليل الفيديوهات القادمة من الكاميرات والأنظمة الحسية داخل المواقع، وتحديد السلوكيات الخطرة أو الممارسات غير الآمنة في الوقت الحقيقي، دون الحاجة لتدخل بشري.
وفقًا لمؤسس الشركة غاري نغ، فإن النظام لا يكتفي باكتشاف الأشياء، بل يفهم السياق؛ مثل عامل يقف بالقرب من الحافة دون حزام أمان، أو شاحنة تتحرك عكسيًا بطريقة غير آمنة. هذه القدرة على 'الاستشعار السياقي' تُعدّ ثورية في مشاريع عملاقة مثل 'نيوم' و'ذا لاين' و'القدية'، حيث تصبح الرقابة الفورية ضرورة لا ترفًا.
viAct تستعد لدخول السوق السعودية، حيث ترى أن 'رؤية 2030' تتماشى مع رسالتها في رفع الكفاءة والسلامة والشفافية البيئية. ما يميز منصتها هو قابليتها للتكامل مع الكاميرات العادية، وسهولة تشغيلها عبر نظام 'التوصيل والتشغيل'، ما يجعلها مثالية للمشاريع التي تمر بمراحل انتقالية.
الأهم أن النظام يعمل بتقنية 'الحوسبة الطرفية'، ما يعني أنه يعالج البيانات في الموقع حتى لو كان الإنترنت ضعيفًا، وهو ما يناسب المواقع النائية في المملكة. كما يمكن تخصيص البرنامج حسب نوع المشروع، سواء كان مستشفىً أو مدرجًا جويًا، لرصد المخاطر التي تناسب بيئة العمل.
ورغم المخاوف العالمية من استبدال البشر بالروبوتات، يؤكد نغ أن هدفهم ليس تقليص الأيدي العاملة بل حمايتها. ويقول: 'نحن لا نصنع روبوتات تأخذ مكان العمال، بل أدوات تحميهم. عندما يتلقى العامل تنبيهًا يحميه من حادث، فهذا هو الذكاء الاصطناعي في أفضل حالاته'.
كما حرصت الشركة على تأمين البيانات واحترام الخصوصية؛ فلا يوجد تتبع للأفراد أو تقنية التعرف على الوجه. بل يتم تشفير البيانات وتقديم لوحات متابعة للمقاولين تُظهر التنبيهات ومؤشرات السلامة دون المساس بهوية العاملين.
ومع تطور التكنولوجيا، تسعى viAct إلى إدخال تحليلات تنبؤية، قادرة على توقع الحوادث أو التأخير في التوريد أو مشاكل الالتزام البيئي، لتنتقل من مجرد التفاعل مع المخاطر إلى التنبؤ بها قبل حدوثها.
في خضم الطفرة العمرانية السعودية، يبدو أن الذكاء الاصطناعي لن يكون مجرد أداة إضافية، بل شريكًا أساسيًا في بناء المستقبل، موقعًا تلو الآخر، وحياةً تلو الأخرى.