قبل أربعين عامًا، كان من يمتلك في المملكة الجهاز الشهير'أتاري' وألعابه غريبًا، حيث كان الانطلاق والألعاب الخارجية هي محرك الشباب، أما البقاء في المنزل خلف شاشة صغيرة محركًا قطعة بلاستيكية في اليد أمرًا غريبًا بعض الشيء، ولكن مع مرور السنين نجد أنفسنا في خضم حدث يُعد الأضخم في تاريخ ما سمي بالرياضات الرقمية؛ حيث تستضيف المملكة النسخة الثانية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية (Esports World Cup 2025)،التي تمثل نقطة تحول عالمية من تسلية منزلية إلى اقتصاد رياضي رقمي بمليارات الدولارات؛ حيث تقام البطولة تحت إشراف هيئة الرياضات الإلكترونية ومؤسسة EWC وبرعاية صندوق الاستثمارات العامة.

الحدث يضم أكثر من 2000 لاعب من 200 نادٍ و100 دولة، يتنافسون في 25 بطولة، بجوائز مالية قياسية تبلغ 70 مليون دولار، ويُعد هذا الحدث تتويجًا لإستراتيجية المملكة الطموحة في جعل الرياضات الإلكترونية جزءًا أساسيًا من رؤية السعودية 2030، وتأتي استضافة هذه البطولة امتدادًا لإستراتيجية 'الألعاب والرياضات الإلكترونية الوطنية'(NGES) التي تهدف إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا لصناعة الألعاب، كما تنسجم البطولة مع مستهدفات رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد، وتحفيز السياحة، وتعزيز مكانة المملكة؛ كمركز إقليمي وعالمي للترفيه والتقنية.

يمثل كأس العالم للرياضات الإلكترونية نافذة قوية لتوجيه أنظار العالم نحو المملكة، ليس فقط بوصفها مضيفة لحدث رياضي ضخم، بل أيضًا كمركز عالمي للابتكار والتنظيم والترفيه، ويأتي تنوع الفعاليات المصاحبة، من المعارض التفاعلية، إلى المسابقات الثقافية، والحفلات الموسيقية، ليُظهر قدرة المملكة على دمج التقنية والثقافة والسياحة في حدث واحد. هذه الديناميكية في التنظيم تمنح المملكة ثقة دولية متزايدة، وتكرّس صورتها كدولة شابة، تخاطب جيل المستقبل بلغته.

تُقدم البطولة محتوى متنوعًا، يشمل أشهر الألعاب مثل Dota 2 ، Valorant ، PUBG Mobile ، وCall of Duty ، إضافة إلى ألعاب قتالية وإستراتيجية مثل Tekken 8 ، Street Fighter 6 ، وChess، وتواجد وجوه رياضية كبيرة تعطي المصداقية والأهمية مثل كريستيانو رونالدو، كونه سفيرًا عالميًا للبطولة، وبمشاركة نجم الشطرنج ماغنوس كارلسن.

يمثل الحدث دفعة قوية لقطاعات الإعلام، والرعاية، وحقوق البث، والسياحة، والتوظيف، مع توقعات بأن يصل حجم سوق الرياضات الإلكترونية إلى 3 مليارات دولار في 2025، وعدد المتابعين إلى 640 مليون مشاهد، وبهذه الاستضافة، تثبت المملكة العربية السعودية أنها في طليعة المستقبل الرقمي، وتسهم في إعادة تعريف شكل المنافسة، والفرص الاقتصادية، ومكانة الشباب في العالم الرقمي الجديد.