أعلن باحثون عن تطوير نموذج ذكاء اصطناعي جديد يحمل اسم Centaur، قادر على التنبؤ بسلوكيات وتفكير البشر بدقة تفوق جميع النماذج السابقة، ما يفتح آفاقًا واسعة لفهم أعمق للإدراك البشري واستخدامات محتملة في مجالات التعليم، الصحة النفسية، والتجارب النفسية.

وبحسب ما نُشر في دورية Nature في 2 يوليو الجاري، يعتمد Centaur على قاعدة بيانات ضخمة تضم أكثر من 10 ملايين قرار اتخذه مشاركون في 160 تجربة نفسية، وهو ما يجعلها من أضخم قواعد البيانات المتعلقة بالسلوك البشري حتى الآن.

وقد حقق النموذج دقة بلغت 64% في محاكاة الخيارات البشرية، متفوقًا على جميع نماذج الذكاء الاصطناعي التي اختُبرت إلى جانبه.

وقال مارسيل بينز، الباحث الرئيسي من معهد هيلمهولتز للذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان في ألمانيا، إن النموذج يعتمد على عرض جميع تفاصيل التجربة النفسية للمشارك – بما في ذلك التعليمات والمحفزات والسلوكيات – ثم يتنبأ بردّ فعله، مع تكرار عملية التصحيح والتعلم حتى يصل النموذج إلى أعلى مستوى من الدقة.

وما يميز Centaur، بحسب الدراسة، هو قدرته على التعامل مع مواقف جديدة كليًا لم يتعرض لها أثناء التدريب، إضافة إلى قدرته على التكيّف مع التغيرات الزمنية والتنبؤ بسرعة استجابة الإنسان.

ويرى بريندن ليك، الباحث في علم النفس وعلوم البيانات بجامعة نيويورك، أن هذا النموذج 'يشكل خطوة متقدمة في مجال التنبؤ السلوكي'، مشيرًا إلى أن التحدي المقبل هو تحديد ما إذا كان Centaur يحاكي العمليات العقلية ذاتها، أم أنه يكتفي بإنتاج النتائج المتوقعة فقط.

ويسعى الفريق حاليًا إلى توسيع قاعدة بيانات Psych-101 بإضافة معلومات ديموغرافية ونفسية مثل العمر، الطبقة الاجتماعية، والسمات الشخصية، ما يعزز قدرة Centaur على التنبؤ بسلوك الأفراد استنادًا إلى خلفياتهم.

ومن الاستخدامات المستقبلية المحتملة للنموذج:

– توقع السلوك البشري في البيئات السريرية والنفسية.

– محاكاة تصميم التجارب النفسية لاختبار فرضيات معينة بأقل عدد من المشاركين.

– تحليل الفروقات في اتخاذ القرار بين الأشخاص الأصحاء والمصابين باضطرابات عقلية.

– ابتكار استراتيجيات تعليمية متكيفة مع أنماط تفكير وسلوك الطلبة.

ويأمل الباحثون أن يتحول Centaur إلى 'مختبر افتراضي' يسمح بدراسة العقل البشري على نطاق غير مسبوق، في حين يبقى التساؤل قائمًا حول ما إذا كان هذا النموذج يعكس التفكير البشري فعليًا، أم أنه مجرد محاكاة دقيقة لنتائجه دون فهم للآليات الكامنة.