اخبار تونس
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
تعاني البلاد من استمرار التغرير بشبابها لإرسالهم إلى بؤر القتال أو التسلل العكسي لإرهابيين من منطقة الساحل
قضت محكمة تونسية على متشدد بالسجن لمدة 24 عاماً، من دون الإعلان عن هويته، بتهمة تشجيع الشباب على الانضمام إلى بؤر القتال خارج البلاد والتهجم على مؤسسات الدولة في خطوة تكشف عن استمرار خطر استقطاب الشباب على رغم أن البلاد قطعت أشواطاً مهمة في معركتها ضد الإرهاب.
وكانت الأجهزة الأمنية التونسية قد كشفت أنها تمكنت من رصد تحركات المتهم بعد إحداثه قناة على موقع التواصل الاجتماعي 'يوتيوب' يقوم من خلالها بنشر مقاطع فيديو تحث الشباب على الالتحاق ببؤر القتال والانضمام إلى جماعات إرهابية.
وكثيراً ما أثار ملف تسفير التونسيين إلى بؤر القتال جدلاً وسجالات واسعة في البلاد، خصوصاً بعد ما شهدته خلال الفترة بين عامي 2011 و2013، حين جرى استقطاب الآلاف لصفوف تنظيم 'داعش' خلال الحربين الأهليتين في سوريا وليبيا إضافة إلى العراق.
وفي الأشهر الماضية، أعادت السلطات التونسية فتح ملف التسفير واعتقلت عدداً من المسؤولين الأمنيين والبارزين السابقين والنشطاء من أهمهم رئيس الوزراء السابق علي العريض، الذي يواجه عقوبة السجن 34 عاماً بسبب الملف المذكور، إذ كان يتقلد منصب وزير الداخلية إبان مغادرة الآلاف تونس نحو سوريا والعراق وليبيا وغيرها.
وقال المحلل الأمني المتقاعد من الحرس الوطني، علي زرمدين، إن 'هذا الحكم في الواقع يعد من رواسب الماضي، إذ اتُهم المدان بتسفير الشباب خلال الفترة الممتدة من عام 2011 إلى عام 2013، وجرى استكمال كل درجات التقاضي إلى أن حُكم عليه بالسجن أخيراً لمدة 24 عاماً'.
وأوضح زرمدين في حديث لـ'اندبندنت عربية' أن 'هذا لا يمنع أن تونس لا تزال تواجه خطر الإرهاب، خصوصاً في ظل ما تعرفه الساحل الأفريقي التي ليست بعيدة منها، إذ باتت المنطقة مسرحاً واسعاً يحتضن الجماعات الإرهابية، وتونس القريبة من هذه المنطقة توجد فيها خلايا نائمة تسعى إلى استغلال الفرص، خصوصاً أن الإرهاب فكر ما يعني أن حتى إرهابي وحيد يشكل خطراً كبيراً'.
وشدد على أنه 'مع ذلك، يجب الإقرار بأن تونس قطعت أشواطاً كبيرة بالفعل في المعركة ضد الإرهاب، لكن الخطر لا يزال قائماً في ظل الأحداث في منطقة الساحل الأفريقي'.
تسود في تونس شأنها شأن بقية دول شمال أفريقيا مخاوف من أن تشهد جولات عنف جديدة ناجمة عن تمدد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل على غرار جماعة 'نصرة الإسلام والمسلمين' المرتبطة بتنظيم 'القاعدة' الإرهابي، التي تعزز نفوذها بشكل كبير في مالي وبوركينا فاسو.
وعد الباحث السياسي التونسي المنذر ثابت، أن 'تونس تمكنت من كسب معارك حقيقية ضد الإرهاب، لكن الأخطار لا تزال قائمة لأن المؤشر العالمي للإرهاب يؤكد أن مركز الإرهاب تحول من الشرق الأوسط إلى جنوب الساحل والصحراء ما يعني أن المنطقة الجنوبية المحاذية لشمال أفريقيا على غرار بوركينا فاسو ومالي والنيجر أصبحت مركزاً لنشاط الجماعات الإرهابية'.
وقال ثابت في تصريح خاص إن 'أكثر من نصف القتلى جراء الإرهاب هم من منطقة الساحل وغرب أفريقيا لذلك لا تزال الأخطار قائمة في ظل النزاع في مالي بين الطوارق والسلطات العسكرية القائمة، وانعدام الاستقرار في الجنوب الليبي، إضافة إلى العمليات الإرهابية العنيفة جداً في بوركينا فاسو وهي كلها أمور تؤكد أن هناك شبكات لتمويل الإرهاب ووجود تسريبات للأسلحة وسوق سوداء للسلاح في تلك المنطقة وهي أخطار موضوعية ومادية ملموسة تهدد بلدان شمال أفريقيا وتونس ليست بمنأى عن هذا'.
ولفت إلى أن 'عملية الاستقطاب من خلال شبكات التواصل الاجتماعي لا تزال قائمة خصوصاً في ظل الوضع الهش في دول مثل سوريا، لذلك الاستنفار في تونس متواصل والمعركة مستمرة وحال اليقظة الأمنية يجب أن تستمر في ظل استهداف الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والمعركة مفتوحة ولا يمكن أن تغلق في واقع دولي متقلب ونزاعات متفجرة في العديد من المناطق'.
وذكر ثابت أن 'الوضع المتفجر في السودان أيضاً يعزز المخاوف في ظل الحديث عن معابر لنقل الأسلحة والإرهابيين ما يمكن أن يجعله مصدر خطر حقيقياً لتسرب إرهابيين'.
وتصاعدت التساؤلات أخيراً في شأن الجبهات التي يمكن أن يجري استقطاب التونسيين إليها، خصوصاً مع تراجع الأنشطة الإرهابية في سوريا وليبيا والعراق، حيث قاد التحالف الدولي ضد 'داعش' وغيره من الأطراف معركة شرسة ضد هؤلاء قادت إلى إنهاكهم بشكل كبير.
ولا توجد أرقام رسمية حول أعداد الشباب الذين جرى استدراجهم إلى الجماعات الإرهابية منذ عام 2011، الذي شهد سقوطاً لنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وما أعقبه من فوضى أمنية عرفتها البلاد.
وقال علي زرمدين، إنه 'من الواضح أن الساحل الأفريقي أبرز الوجهات، وبالفعل هناك عناصر تونسية تقاتل ضمن جماعة ’نصرة الإسلام والمسلمين’ في مالي، وعلى رغم أن عددهم لا يزال ضئيلاً إلا أن على السلطات الحذر من تسرب تونسيين آخرين إلى هذه الجبهة، وأيضاً من تسلل مقاتلين أفارقة إلى البلاد'.
وأكد أن 'الجماعة تضم جنسيات كثيرة من الدول المغاربية نفسها، لكن على تونس اليقظة من تسلل المزيد إلى هذه الجماعة التي تتمدد أكثر، أو من تسلل عكسي إلى تونس نفسها، وقد اكتشفنا في عمليات إرهابية سابقة في البلاد عن وجود عناصر أفريقية سواءً في تنظيم جند الخلافة أو غيره'.





 
 

 
  
  
  
  
  
  
  
  
  
 























 
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
 