اخبار تونس
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٦ أيلول ٢٠٢٥
تلاسن في مؤسسة تجارية تطور إلى شجار وعراك استخدمت فيه الكراسي والعصي
على خلفية تكرار حوادث العنف بين مناصري حملات مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل وأعوان الحراسة في بعض المساحات التجارية الكبرى بتونس، تباينت الآراء حول أسلوب الدعوة إلى المقاطعة.
ففي حين يرى بعضهم أن المقاطعة واجب إنساني وأخلاقي لا بد أن يترجم ميدانياً عبر الوقفات الاحتجاجية أمام المحال التجارية للضغط على المستهلكين وتحسيسهم بأهمية الموضوع، يعتبر آخرون أن هذه الأساليب قد تؤدي إلى توترات غير ضرورية.
ويرى هذا الطرف أن المقاطعة يجب أن تمارس بوعي ومسؤولية من دون المساس بالأفراد، بل عبر حملات تحسيسية سلمية تستهدف المستهلك مباشرة.
شهدت ساحة أحد المراكز التجارية الكبرى بجهة المرسى الضاحية الشمالية للعاصمة تونس السبت الماضي أحداث عنف خطرة، بعد أن نشب صراع بين نشطاء يدعون إلى المقاطعة وأعوان حراسة بمركز تجاري. وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كيف تطور الخلاف من تلاسن إلى شجار وعراك استخدمت فيه الكراسي والعصي، مما أسفر عن إصابات بالغة في صفوف عدد من النشطاء. استوجب هذا الوضع المتوتر تدخل وحدات الأمن لفض الإشكال، والسيطرة على الوضع بإيقاف بعض الأفراد من الجهتين.
ويواصل عدد من الشباب التونسي منذ بداية الهجوم على غزة الدعوة إلى مقاطعة الشركات والمنتجات الداعمة لإسرائيل، وعلى رأسها شركة تجارية فرنسية يعتبرها النشطاء إحدى أبرز العلامات التجارية المستهدفة بالحملة في تونس.
من جانب آخر، يعيش نحو 5 آلاف عامل وعاملة بهذه الشركة مخاوف حقيقية من إمكان فقدان مواطن شغلهم، وتقول الشابة زينب التي تعمل بإحدى الفضاءات التجارية لهذه العلامة الأجنبية إنها تشتغل منذ خمسة أعوام، وإن المخاوف أصبحت حقيقية بعد الوقفات اليومية لبعض النشطاء الذين يدعون إلى المقاطعة، وتواصل زينب 'نحن أيضاً ندعم الشعب الفلسطيني ونشعر بالحزن لأجله، لكن بخسارة مواطن شغلنا لن يستفيد أحد، بل بالعكس ستتشرد آلاف العائلات'.
إلا أن الناشط في المجتمع المدني يوسف زياد الهاشمي يرى أن 'رواية خسارة آلاف مواطن الشغل هي رواية غير صحيحة'، موضحاً 'أن خروج هذه الشركة من المساهمة في رأسمال الشركة التونسية لا يعني بالمرة إقفال أبواب المؤسسات، بل هي مجرد حجة تسوقها أطراف تخدم مصالح أخرى، معتقداً أن 'وجود هذه الشركة في تونس قارب على الانتهاء، والمؤسسات لن تقفل أبوابها'، وفق تعبيره.
من جانب آخر، يقول عضو الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة السلام مع إسرائيل أيوب الحميري إن 'ما طلبناه من هذه الشركة الأجنبية كان بسيطاً وواضحاً، أولاً تغيير الاسم وتحويلها إلى شركة وطنية لا تتبع أية جهة أجنبية مشبوهة، بخاصة تلك المعروفة بدعمها للحرب التي تخاض ضد الشعب الفلسطيني في غزة'، وأضاف 'لكن ما هو أسوأ الاعتداء على المتظاهرين'.
من جانب آخر، يرى المحامي أمير الحزامي أن 'حملات المقاطعة التي نراها في العالم مخالفة لما نراه في تونس'، مواصلاً 'للأسف الحملات في تونس تعتمد التحريض والتخوين واعتداء على أملاك الغير وعلى الأشخاص'، مضيفاً أن 'هذه الشركة أو غيرها من الماركات العالمية الموجودة في بلادنا متحصلة على ترخيص قانوني من الدولة التونسية، وبالتالي من الأجدر أن يتظاهر هؤلاء أمام وزارة التجارة أو مقر رئاسة الحكومة للمطالبة بسحب الترخيص'، معتبراً أنه 'لا يحق لمن يدعون إلى المقاطعة التظاهر أمام العمال في المركز التجاري واستفزازهم'، ويعتقد الحزامي أن 'حملات المقاطعة تحولت في تونس إلى تبادل للعنف بين أبناء البلد الواحد'.
من جانب معاكس تماماً ترى النائبة بمجلس نواب الشعب فاطمة المسدي أن 'الدعوة إلى المقاطعة في حد ذاتها حق مشروع، مثلها مثل الدعوة إلى المشاركة'. لكن بحسب تعبيرها 'يكمن الإشكال عندما تتحول الدعوة إلى إلزام أو إكراه، أو عندما نعتبر كل من يختلف معنا خائناً أو خارجاً عن الصف، أو عندما نضغط على الناس بالتهديد أو الوصم الاجتماعي'.
وتواصل 'بهذه الطريقة تفقد المقاطعة قيمها الأخلاقية والسياسية، لأنها لم تعد تعبر عن وعي وحرية، بل صارت شكلاً آخر من الإكراه'.
وتعتقد المسدي أن المقاطعة ليست شعاراً على 'فيسبوك'، بل إن 'نجاحها مرتبط بتحقيق الاكتفاء الذاتي، وذلك من خلال تطوير الصناعة الوطنية'، مضيفة 'عندها تصبح المقاطعة سلاحاً حقيقياً، وليس الهدف تسجيل نقاط ورفع شعارات على مواقع التواصل الاجتماعي'.
وذكر بيان أصدرته الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة السلام مع إسرائيل أنهم يخوضون منذ أشهر 'نضالات سلمية من أجل إلغاء التعامل مع شركات تونسية وأخرى أجنبية داعمة للإبادة الجماعية والتطهير الإثني الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، والمنخرطة في الدعاية المضللة، بتنظيم حملات مقاطعة وحملات الضغط الميداني'.
وجاء في البيان 'إننا في الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة السلام مع إسرائيل نعبر عن مطلق تضامننا مع الشباب ضحايا الممارسات القمعية للشركة'.
كما دان أعضاء الحملة 'النهج في التعاطي مع حملات المقاطعة، الذي يكشف عن إفلاس إدارة هذه الشركة وزيف ادعاءاتها الكاذبة السابقة بالانحياز للحق الفلسطيني، ويفضح مدى انخراطها في المماطلة والتضليل الذي بلغ اتهام المحتجين السلميين مراراً بممارسة العنف، بينما يمارس أعوان حراستها أعمالاً إجرامية في حقهم'.
ودعا أعضاء الحملة جميع التونسيين إلى تنظيم تحرك وطني كبير أمام مقار هذه العلامة التجارية بكامل تراب الجمهورية وتكثيف مقاطعتها، لأنها 'لم تعد شركة متواطئة في دعم العدو فحسب، بل شركة صهيونية يجب مقاطعتها والضغط عليها'، وفق نص البيان.
هذه الشركة أكدت أنها شركة تونسية مملوكة لمجمع تونسي وتشغل أكثر من 5 آلاف عامل تونسي وتسوق منتجات الفلاحين والشراكات الصناعية التونسية، وأن الاسم المعروفة به يستعمل فقط كعلامة تجارية.
الشركة تقول أيضاً في بلاغ لها إن سياستها تونسية ومستقلة بصورة تامة، لذلك بادرت منذ البداية إلى إعلان دعمها للقضية الفلسطينية. وتعمل المؤسسة على تسويق المنتجات المحلية التونسية، بما في ذلك منتجات الفلاحين والشراكات الصناعية المحلية، بحسب نص البيان.

























