اخبار تونس
موقع كل يوم -أنباء تونس
نشر بتاريخ: ١٥ أب ٢٠٢٥
في أمسية فنية مفعمة بالعاطفة والإبداع، احتضن مسرح سيدي الظاهر في مدينة سوسة فعاليات الدورة 66 لمهرجان سوسة الدولي، وذلك في إطار الاحتفال باليوم الوطني للمرأة التونسية بتاريخ 13 أوت 2025. حملت هذه الأمسية، التي جاءت تحت عنوان 'سنتيفوليا: غناية لكِ'، توقيع الفنان والموسيقار المبدع رفيق الغربي، لتكون تكريمًا استثنائيًا للمرأة التونسية، التي تمثل رمزًا للإلهام والإبداع في الفن والحياة.
مزيج فني يجمع الأصالة والمعاصرة
افتتح العرض بمعزوفتين موسيقيتين تألقتا بالإبداع، وهما 'سنتيفوليا فلامنكو' و Tango sur le pont_neuf (جسر العشاق)، اللتان نقلتا الجمهور إلى عوالم موسيقية غنية بالمشاعر. هذه المقطوعات، التي أبدعها رفيق الغربي تلحينا و توزيعا ، مهدت الطريق لأمسية مزجت بين التراث التونسي والأنغام العالمية، معززةً بحضور فرقة موسيقية تضم نخبة من أمهر العازفين( رياض بن عمر،وليد بن عمر،سيف الغالي ،يوسف نقاش ،قيس صفر و محمد علي ملاح و ضرار الكافي ).
برزت الفنانة المتكاملة ليليا بن شيخة كنجمة ساطعة على الركح، حيث قدمت باقة من الأغنيات العالمية التي ألهبت حماس الحضور، ومنها 'Historia de un Amor' لـ C.E. Almaran، 'No Habra Nadie en el Mundo' لـ Buika، و'Padam' لـ Edith Piaf. ولم تقتصر إبداعاتها على الأغنيات العالمية، بل قدمت أيضًا أعمالًا تونسية مميزة، مثل 'فالس زمان' من كلمات رفقة ساسي وألحان رفيق الغربي، إلى جانب 'قديش كان في ناس' لزياد الرحباني، و'يمكن لو' لرشا رزق بألحان خالد مزنر. أداؤها العاطفي والقوي ترك أثرًا عميقًا في قلوب الحاضرين.
مع انتقال العرض إلى معزوفة 'Alchimie' من ألحان رفيق الغربي، صعدت الفنانة ميسون الفطناسي إلى الركح لتقدم عرضًا صوتيًا متميزًا. بدأت بأغنية 'Nesta Rua' من الفلكلور البرازيلي بتوزيع فني راقٍ، ثم أتبعتها بأغنيات تونسية أصيلة مثل 'همس الياسمين' و'تانغو جسر العشاق'من كلمات رفقة ساسي وألحان الغربي، إضافة إلى اغنية ' نبيهة كراولي' و'تناديني وأناديك' من ألحان أنور براهم. صوتها العذب، الممزوج بالحساسية والقوة، جعل كل أغنية لحظة فنية لا تُنسى.
غالية بن حليمة: موهبة صاعدة تسرق الأضواء
كانت إحدى أبرز لحظات الأمسية تألق العازفة الشابة غالية بن حليمة، عازفة العود الموهوبة التي أذهلت الجمهور رغم صغر سنها. عزفها الماهر، الذي جمع بين الحساسية الفنية والإتقان التقني، أضاف لمسة من العمق والرقي للعرض. حضورها القوي بين أساتذة كبار في المجال الفني عكس موهبة استثنائية، مما جعلها إحدى النجمات الواعدات في المشهد الموسيقي التونسي.
علام عون: ثنائيات تراثية ومعاصرة
أضفى ضيف الشرف الفنان علام عون لمسة خاصة على الأمسية من خلال ثنائيات مميزة. غنى مع ليليا بن شيخة أغنيتي 'بالله يا حمام' لمحمد الطاهر الفرجاني و'علاش تحيّر فيّا' لزياد غرسة، فيما قدم مع ميسون الفطناسي 'غناية لكِ' من كلمات رفقة ساسي وألحان رفيق الغربي، إلى جانب 'حلوة بلادي' لداليدا. هذه الثنائيات، التي جمعت بين الموسيقى التونسية والروح المعاصرة، شكلت ذروة العرض الفني.
ختام ساحر: وقت الورد
اختتمت الأمسية بفقرة 'وقت الورد'، حيث تناثرت بتلات الورد كزخات مطر صيفي على الجمهور، مما أضفى أجواءً احتفالية مفعمة بالجمال والإبداع. هذا الختام لم يكن مجرد لحظة فنية، بل احتفالية حقيقية جسدت روح المرأة التونسية، التي تمثل مصدر إلهام لا ينضب.
لم يكن عرض 'سنتيفوليا: غناية لكِ' مجرد حدث فني، بل كان تعبيرًا عميقًا عن هوية المرأة التونسية، التي تجمع بين الأصالة والحداثة. من خلال تنوع الأنغام والأصوات، ومزج التراث التونسي بالموسيقى العالمية، نجح العرض في تقديم رسالة فنية قوية تتجاوز الحدود الجغرافية. كما أن مشاركة مواهب شابة مثل غالية بن حليمة بجانب فنانين مخضرمين مثل رفيق الغربي وعلام عون عكست التزام مهرجان سوسة الدولي بدعم الأجيال الصاعدة وتعزيز الحوار بين الماضي والحاضر.
سنتيفوليا : ذكرى لا تُنسى
هكذا، شكلت هذه الأمسية محطة فنية بارزة في مسيرة مهرجان سوسة الدولي، الذي يواصل دوره كمنصة ثقافية رائدة في تونس. بفضل إبداعات رفيق الغربي وفرقته، وتألق الفنانات ليليا بن شيخة وميسون الفطناسي، وموهبة غالية بن حليمة، ومساهمة علام عون، بقيت هذه الاحتفالية عالقة في أذهان الحاضرين كتكريم فني رائع للمرأة التونسية، التي تظل ملهمة الفن والإبداع.
بشير حسني
صور : عبدو