اخبار تونس
موقع كل يوم -أنباء تونس
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
من المضحك فعلًا أن يطرح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية بنيويورك المبادرة العربية مرة أخرى بعد طرحها في قمة بيروت 2002، أي قبل ثلاثة وعشرين عاما مضت، وزد على ذلك أخطأ في تاريخ القمة حيث قال 2003 والصحيح 2002. والحال أن الوضع في غزة اليوم مأساوي وكارثي يستدعي التدخل فورا وإدخال المساعدات الغذائية الضرورية لإنقاذ الشعب الفلسطيني من المجاعة التي تنهشه من كل الجهات بعد التعنت الصهيوني وإغلاق جميع المعابر التي تدخل منها المساعدات، وإتلاف المساعدات الشحيحة التي دخلت والتي أعلن عنها الكيان الصهيوني تخفيفًا للضغوطات التي كان يتعرض لها من الغرب.
فوزي بن يونس بن حديد
من المؤكد أن الجانب العربي في الاجتماع الذي حدث هذا الأسبوع في نيويورك وتبرأ منه دونالد ترامب لا يصل إلى شيء ولن يصل إلى شيء ما دام الطرح هزيلا بهذا المستوى من البيانات التي تطالب إسرائيل بالكف عن ما تقوم به، ويرد عليهم الكيان الصهيوني بإحكام السيطرة على القطاع وإدخال خطط جديدة على أسلوب الحرب والتهديد باحتلاله إلى جانب القصف المستمر على خيام النازحين والجوع المستشري حيث لا يجد الأهالي ما يأكلونه.
فبالله عليك يا الفرحان أيهما أوكد اليوم، إدخال المساعدات أم البحث في خطة بيروت المتهالكة التي رمتها إسرائيل وراء ظهرها، ولا تعترف بها، فقد قالها الكيان الصهيوني صراحة لا تحتمل التأويل أنه لا يعترف بالدولة الفلسطينية التي تعترفون بها، ولا تعترف بحق الشعب الفلسطيني، بل إن نيتها واضحة وضوح الشمس في كبد السماء أنها لن تخرج من غزة بل ستضمها إلى إسرائيل كما أنها ستضم الضفة الغربية، وإنها مقبلة على توسّع ونفوذ إلا إذا صدتها المقاومة الباسلة بصدور عارية وبإمكانات بسيطة.
إسرتئيل لا تعترف بالحل السلمي وتستهزئ بالعرب
فوزير الخارجية السّعودي ومن معه الذين يدعون إلى حل الدولتين عبر المبادرة العربية، مثله كمثل الذي يحرث في البحر، لا يجني شيئا من وراء هذه الدعوة سوى الخسران والوبال على الدول العربية التي أبدت ضعفا كبيرا ومستوى هزيلًا في التعامل مع القضية الفلسطينية التي تشهد اليوم أسوأ أحوالها من مجاعة مستشرية واحتلال للأراضي في غزة والضفة وتدنيس للقدس الشريف، فـبن فرحان وإن كان مبتهجا بما قدمته بلاده قبل ثلاثة وعشرين عاما من طرح لمشكلة فلسطين، فإننا نقول له لم تعد المبادرة العربية صالحة لهذا الزمان يا وزير الخارجية، وعلى العرب أن ينظروا بجدية لما يحدث في غزة، وألا يتعاموا عما يحدث حقيقة على الأرض من موت محقق لكثير من الأطفال والنساء الحوامل الذين يواجهون أسوأ أزمة في تاريخ البشرية.
وأقول هنا بيتيْن من الشعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد
المطلوب هو الصرامة والقوة ضد الكيان الصهيوني
ألم يعلم وزير الخارجية السعودي وغيره أن إسرائيل تواصل حربها الشعواء على غزة ولا تعترف البتة بالحل السلمي وتستهزئ بالعرب الذين مازالوا يدعون إلى المفاوضات وإنشاء دولة فلسطينية، لقد قال الساسة في إسرائيل، لن نسمح بدولة فلسطينية، ولن نوقف الحرب، ولن نجلس مع الفلسطينيين على طاولة واحدة، فبأي لغة يفهم العرب أن الكيان الصهيوني مسح المبادرة العربية ونسفها نسفا من رزنامته ومخططاته، وصارت له أجندات جديدة تعتمد على القوة ولا شيء غير القوة، فالاجتماعات والمؤتمرات والمطالبات سواء كانت في دول عربية أو في جامعة الدول العربية أو حتى في نيويورك وأوروبا كلها تضييع للوقت وإسراف للمال ولا تفيد شيئا ولا تقدم ولا تؤخر، بل ستزيد الطين بلة وسيزيد الكيان الصهيوني تعنتا وتوغلا.
فالمطلوب هو الصرامة والقوة ضد الكيان الصهيوني، واتخاذ قرارات جريئة من البلدان العربية، وبلاد فرحان وغيرها من البلدان العربية قادرة أن تصد الوباء الصهيوني، وتدخل المساعدات الفورية الجاثمة على معبر رفح إلى الفلسطينيين في الداخل بالقوة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والعمل على لسع إسرائيل لأنها حشرة سامّة وُضعت لتلسع كل من حولها، فإذا كانت لسعة العرب أقوى سيتضرر الكيان الصهيوني وسيختفي من الوجود ويخفت صوته للأبد لأنه دخيل على المنطقة وغريب على الوضع العربي السليم.