اخبار تونس
موقع كل يوم -تونس الرقمية
نشر بتاريخ: ٦ نيسان ٢٠٢٥
أحدث إعلان دونالد ترامب عن زيادات جديدة في الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية صدمة في الأسواق المالية العالمية. وقد وصف الرئيس الأمريكي السابق هذه السياسة بأنها 'يوم التحرر'، وتشمل فرض ضريبة عامة بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، إلى جانب تدابير خاصة ضد ما يقارب 90 دولة، من بينها الصين ودول الاتحاد الأوروبي.
ومنذ صدور بيان البيت الأبيض، شهدت البورصات الأمريكية والأوروبية والآسيوية والعربية تراجعًا، كما انخفضت أسعار النفط والغاز، ما يعكس قلقًا عالميًا بشأن تأثير هذه الاستراتيجية على استقرار التجارة الدولية.
المكاسب المتوقعة: إيرادات جمركية وفرص عمل صناعية
وفقًا لتقديرات إدارة ترامب، قد تدرّ هذه الرسوم الجمركية أكثر من 6000 مليار دولار من الإيرادات الضريبية بين عامي 2025 و2035. وفي عام واحد فقط، من المتوقع أن تدخل أكثر من تريليون دولار إلى خزينة الدولة، حسب ما نقلته شبكة CBS News عن ترامب.
أما بالنسبة للسيارات المستوردة، فقد تدر رسوم بنسبة 25% على المركبات وقطع الغيار حوالي 100 مليار دولار، بحسب ويل شارف، أحد أعضاء الفريق الرئاسي. ومع ذلك، يقدم مختبر ميزانية جامعة ييل تقديرًا أكثر تحفظًا يتراوح بين 600 و650 مليار دولار خلال عشر سنوات.
وتعتقد الإدارة أيضًا أن هذه الإجراءات ستساهم في تقليص العجز التجاري الأمريكي، الذي بلغ 1.2 تريليون دولار عام 2024، وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي.
في السياق ذاته، تؤكد إدارة ترامب أن آلاف الوظائف قد أُنشئت في قطاع الصناعة التحويلية، من بينها 10 آلاف وظيفة خلال شهر واحد فقط من عودة ترامب إلى السلطة، مقارنة بخسائر مستمرة سُجلت في عهد جو بايدن.
آثار سياسية محسوبة
تندرج هذه الهجمة الجمركية ضمن استراتيجية سياسية مدروسة، حيث يسعى ترامب إلى جعلها واجهة انتخابية وركيزة أساسية في شعاره 'أمريكا أولًا'.
ويأمل ترامب من خلال هذه الاستراتيجية تعزيز صورته كمدافع عن الاقتصاد الوطني، استعدادًا لاحتمال الترشح لولاية رئاسية ثالثة، وفقًا لما أورده نيويورك تايمز.
الخسائر المحتملة: تراجع الأسواق، التضخم، وعبء على المستهلكين
لكن هذه السياسة الحمائية لا تخلو من التبعات. ففي غضون يومين فقط، خسر عمالقة التكنولوجيا – المعروفون بـ'السبعة العظام' – حوالي 1.8 تريليون دولار من قيمتهم السوقية، بحسب وكالة أسوشيتد برس. وقد فقدت شركة آبل وحدها 311 مليار دولار من قيمتها في يوم واحد.
وعلى مستوى المواطن العادي، قد يكون هو المتضرر الأكبر. فقد حذر جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، من أن هذه الرسوم قد تبطئ النمو وتزيد الأسعار، ما يتناقض مع الرواية المتفائلة للإدارة. ووفقًا لـلوس أنجلوس تايمز، فإن المستهلكين الأمريكيين هم في الواقع من يدفعون كلفة الرسوم الجمركية، وليس الدول المصدّرة.
الفلاحة… الخاسر الأكبر من الرد الصيني
في سياق التصعيد، ردّت الصين بفرض رسوم جمركية بنسبة 34% على المنتجات الأمريكية اعتبارًا من 10 أفريل، بالإضافة إلى 20% كانت مطبقة مسبقًا. وتُعدّ الزراعة من أكثر القطاعات تضررًا، إذ خسر المزارعون الأمريكيون 27 مليار دولار خلال الولاية الأولى لترامب، بحسب رويترز.
وللتعويض، منحت الحكومة الأمريكية 23 مليار دولار من المساعدات عبر مؤسسة الائتمان السلعي، لكن هذا التعويض يظل ظرفيًا وغير مضمون على المدى الطويل، خاصة إذا استمرت الحرب التجارية.
وتُظهر دراسات أجراها الاحتياطي الفيدرالي وعدة جامعات أن الصناعات الأمريكية التي حظيت بالحماية من خلال هذه الرسوم لم تستفد إلا بشكل محدود، في حين كان الأثر المالي السلبي على المستهلكين واضحًا ومستمرًا، خاصة بين عامي 2018 و2020.
استراتيجية محفوفة بالمخاطر على المدى الطويل
تصف الخبيرة الاقتصادية فيرونيك دو روجي، في تصريح لـلوس أنجلوس تايمز، هذه السياسة الجمركية بأنها 'أسوأ من مجرد مقامرة'، مشيرة إلى أن المخاطر الماكرو-اقتصادية طويلة المدى – مثل اضطراب الأسواق، تباطؤ التجارة، وخسائر الاستثمارات – قد تفوق الفوائد المعلنة.
وبينما يراهن ترامب على عوائد قياسية وعودة للقطاع الصناعي، لا تزال الشكوك قائمة بشأن الفعالية العامة لاستراتيجيته. وبين مكاسب قصيرة الأجل واختلالات هيكلية، تجد أمريكا نفسها بين الوعود الانتخابية والحقائق الاقتصادية.
وسيعتمد نجاح – أو فشل – هذه الإجراءات على تطور المفاوضات الدولية، والقدرة على كبح التضخم، والأهم من ذلك، على مدى تقبّل الناخبين لتداعياتها في حياتهم اليومية.