اخبار تونس
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٢٦ أب ٢٠٢٥
تطالب الدول الإفريقية بإعادة رسم خريطة العالم التي وصفتها بـ'المشوهة'، بهدف الكشف عن الحجم الحقيقي للقارة السمراء التي ظلت 'مجسدة بشكل خاطئ لمئات السنين'.
ويأتي هذا الطلب بدعم من الاتحاد الإفريقي، الذي يقود حملة تدعو الحكومات والمنظمات الدولية إلى التوقف عن استخدام خريطة 'مركاتور' التي تعود إلى القرن السادس عشر، والتحول إلى خريطة أخرى تعرض حجم إفريقيا بشكل أكثر دقة وموضوعية.
واتهم الاتحاد الإفريقي، المكون من 55 دولة، خريطة مركاتور بتشويه الأحجام النسبية للقارات، حيث تظهر المناطق القريبة من القطبين، مثل أمريكا الشمالية وغرينلاند، بحجم أكبر من الحقيقي، في حين تصغر من حجم قارتي إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وأكد الاتحاد أن هذا التشوه البصري يسهم في التقليل من أهمية إفريقيا وحجمها الحقيقي، بينما يبالغ في تمثيل حجم أمريكا وأوروبا بشكل غير متناسب.
يذكر أن خريطة مركاتور، التي ابتكرها رسام الخرائط الفلمنكي جيراردوس مركاتور عام 1569 بهدف المساعدة في الملاحة البحرية، لا تزال واحدة من أكثر الخرائط استخداما حول العالم.
ويعيب هذه الخريطة أنها تكبر المساحات كلما ابتعدت عن خط الاستواء، مما يجعل قارة مثل إفريقيا تبدو أصغر بكثير من حجمها الفعلي. وعلى سبيل المثال، تظهر غرينلاند في هذه الخريطة بحجم يقارب حجم إفريقيا، بينما في الواقع فإن إفريقيا أكبر من غرينلاند بأربعة عشر مرة.
وعلقت سيلما مليكة حدادي، نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بالقول: 'قد يبدو الأمر مجرد خريطة، لكنه في الحقيقة أكثر من ذلك'، مشيرة إلى أن خريطة مركاتور تروج لانطباع خاطئ بأن إفريقيا قارة هامشية، على الرغم من أنها ثاني أكبر قارة في العالم من حيث المساحة، ويسكنها أكثر من مليار نسمة. وأضافت أن هذه الصورة النمطية الخادعة تؤثر سلبا على كيفية تصوير إفريقيا في الإعلام والتعليم وحتى في صنع السياسات.
وفي هذا الإطار، تبرز حملة 'Correct the Map' ('صحّح الخريطة') التي يروج لها الاتحاد الإفريقي، والتي تحث المنظمات الدولية على اعتماد خريطة 'إيكوال إيرث' (Equal Earth Projection) التي طورت عام 2018 كبديل أكثر دقة، إذ تحاول أن تعكس المساحات الحقيقية للدول دون تحيز.
وتشدد الحملة على أن تصوير إفريقيا بحجم مصغر يعزز مفاهيم خاطئة حول وزنها الجيوسياسي والاقتصادي في العالم، خاصة في عصر يربط فيه الحجم بالقوة والنفوذ. وتوضح الحملة أنه من الممكن أن تتسع أراضي إفريقيا للولايات المتحدة والصين والهند واليابان والمكسيك بالإضافة إلى جزء كبير من أوروبا، ومع ذلك لا تزال هناك مساحات شاسعة فائضة.
من جهتها، قالت موكي ماكورا، المديرة التنفيذية لمجموعة 'أفريكا نو فليتر' Africa No Filter: 'الحجم الحالي لإفريقيا على الخريطة خاطئ، إنها أطول حملة تضليل ومعلومات مغلوطة في التاريخ، ويجب أن تتوقف'.
وأضافت ندياي أن مجموعتها تعمل على الترويج لمنهج تعليمي يعتمد خريطة 'إيكوال إيرث' كمعيار رئيسي، على أمل أن تتبناها أيضا المؤسسات العالمية، بما فيها تلك الموجودة في إفريقيا.
وقد حظيت هذه الحملة بدعم من مناطق أخرى، مثل منطقة الكاريبي، حيث أيدها دوربين أومارد، نائب رئيس لجنة التعويضات في جماعة الكاريبي (CARICOM)، واصفا إياها برفض 'أيديولوجية القوة والهيمنة' التي تمثلها خريطة مركاتور.
من الناحية التقنية، أوضح نيك ميليا، أمين قسم الخرائط في مكتبة بودليان في أككسفورد، أن كل الخرائط المسطحة تحتوي على درجة من التشويه، لأنه من المستحيل نقل الكرة الأرضية بشكل كامل إلى سطح مستو دون بعض التضحية إما بالشكل أو المساحة. وأضاف أن خريطة مركاتور كانت مفيدة في الملاحة لأن الخط المستقيم على الخريطة يمثل مسارا مستقيما على أرض الواقع، لكن هذا لا يعني أنها الخيار الأمثل لتمثيل المساحات.
وفي ردود فعل عملية، ذكر متحدث باسم البنك الدولي أن المؤسسة أصبحت تستخدم إسقاط 'وينكل تريبل' Winkel Tripel أو 'إيكوال إيرث' في خرائطها الثابتة، كما أنها تتجه تدريجيا إلى التخلي عن خريطة مركاتور في خرائط الويب. أما خرائط غوغل، فقد تحولت على سطح المكتب إلى عرض globle view ثلاثي الأبعاد في 2018، لكن إسقاط مركاتور لا يزال الخيار الافتراضي في التطبيق المحمول.
يذكر أن الحملة قدمت طلبا رسميا إلى اللجنة الأممية المعنية بالخرائط (UN-GGIM) التابعة للأمم المتحدة، والتي ستخضعه، حسب متحدث باسم المنظمة، لمراجعة الخبراء واتخاذ القرار المناسب. وأكدت حدادي أن الاتحاد الإفريقي سيظل يدافع عن هذه القضية، وسيناقش مع دوله الأعضاء إجراءات جماعية لتشجيع اعتماد الخرائط الأكثر دقة، انسجاما مع هدفه الاستراتيجي في 'استعادة المكانة اللائقة لإفريقيا على الساحة العالمية'، خاصة في ظل النقاشات المتصاعدة حول تعويضات الاستعمار والعبودية.
المصدر: ديلي ميل