اخبار تونس
موقع كل يوم -أنباء تونس
نشر بتاريخ: ١٠ أب ٢٠٢٥
أضاء الفنان التونسي زياد غرسة سماء مسرح سيدي الظاهر في مدينة سوسة، مساء أمس 9 أوت 2025، ضمن فعاليات مهرجان سوسة الدولي في دورته الـ66، حيث قدم سهرة فنية أصيلة جمعت بين تراث المالوف التونسي وإبداعاته الخاصة. هذه الأمسية، التي جذبت جمهورا غفيرا، عكست ارتباط الفنان العميق بهذا المسرح الذي اعتلاه للمرة الثالثة عشرة على التوالي، مستحضرا ذكريات بداياته الفنية برفقة والده الراحل الشيخ الطاهر غرسة.
افتتح غرسة عرضه بكلمات مؤثرة، معبرا عن سعادته بلقاء جمهور سوسة الذي يعتبره 'رفيق الدرب' في مسيرته. 'هذا المسرح يحمل عبق التاريخ والذكريات'، قال الفنان، مشيرا إلى أيامه الأولى على هذا الركح مع والده، أحد رواد الموسيقى التونسية.
عرض فني بقسمين: المالوف والأغاني التونسية و الأغاني الخاصة
قسم زياد غرسة سهرته إلى قسمين متكاملين، مزج فيهما بين الأصالة والحداثة. في القسم الأول، استحضر الفنان روح المالوف التونسي، ذلك الفن الذي يمثل جوهر التراث الموسيقي التونسي. بدأ العرض بـ'شمبر نوى' من تأليف شيخ المالوف خميس ترنان، وهو مقطع تقليدي يُشكل مدخلا للوصلات الموسيقية في هذا الفن. الأداء تميز بالعمق والإتقان، حيث رافق غرسة فرقته الموسيقية ببراعة.
من أبرز لحظات القسم الأول، استخبار غرسة على العود التونسي ذي الأربعة أوتار، وهو عود تاريخي يعود إلى خميس ترنان، أهداه إلى الشيخ الطاهر غرسة عند تخرجه بدبلوم الموسيقى العربية. هذا العود، الذي يزيد عمره عن قرن بحسب الفنان، أضفى بعدا رمزيا على العرض، موصلا بين أجيال من الموسيقيين التونسيين. اختتم هذا القسم بوصلة بطايحي من تأليف غرسة، تلتها مجموعة من البراويل التي أشعلت حماس الجمهور، الذي شارك بالغناء والتصفيق الحار.
في القسم الثاني، اتجه غرسة نحو أسلوب أكثر خفة، حيث قدم باقة من الأغاني التونسية التقليدية إلى جانب أعمال من إبداعه الخاص. هذا التنوع سمح للجمهور بالاستمتاع بتجربة موسيقية شاملة، تجمع بين الإرث الثقافي ولمسات الفنان المعاصرة.
تفاعل وجداني مع الجمهور
استمر العرض لأكثر من ساعتين، قدم خلالها زياد غرسة 'طبقا فنيا تونسيا أصيلا'، كما وصفه أحد الحاضرين. الجمهور الغفير، الذي ملأ مدرجات مسرح سيدي الظاهر، تفاعل بحماس مع كل مقطوعة، من أنغام المالوف العميقة إلى الإيقاعات الشعبية الخفيفة. التفاعل الوجداني بين الفنان وجمهوره كان واضحا، حيث امتزجت التصفيقات بالهتافات والغناء الجماعي، مما جعل الأمسية تجربة لا تُنسى.
إرث فني ومسؤولية ثقافية
يُعد زياد غرسة من أبرز الفنانين التونسيين الذين يحافظون على تراث المالوف، مع إضافة لمسات إبداعية تعكس شخصيته الفنية. استخدامه للعود التونسي التاريخي، واختياره للمالوف التونسي ، يبرز التزامه بنقل هذا الإرث إلى الأجيال الجديدة.
غادر الجمهور المسرح وهو يتغنى بألحان المالوف والأغاني التونسية، هذه الأمسية، التي جمعت بين الأصالة والإبداع، تؤكد مكانة غرسة كفنان يحمل راية التراث التونسي بكل فخر وإتقان.
بشير حسني
صور : الصفحة الرسمية لمهرجان سوسة/ توفيق دغمان