اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
الخرطوم – أثارت قصة الطالبة عائشة حماد عبد الرحمن عبد القادر من مدينة الدويم حالة واسعة من الجدل والتعاطف على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن تحوّل تفوقها المدهش في امتحانات الشهادة الثانوية السودانية لعام 2024 إلى أزمة حقيقية بسبب قرار مفاجئ بوضع حالتها تحت بند “غش في مادة الأحياء”، رغم أنها من ذوي الاحتياجات الخاصة وتعاني من ضعف البصر بسبب الجلوكوما.
تفوق استثنائي رغم الإعاقة البصرية
الطالبة عائشة، التي أدت امتحاناتها داخل غرفة خاصة وبوجود مراقب دائم نظرًا لحالتها الصحية، قدّمت أداءً متميزًا في معظم المواد الدراسية، محققة درجات وُصفت بأنها من أعلى المعدلات في ولايتها. فقد أحرزت 97 درجة في التربية الإسلامية، و98 في الرياضيات المتخصصة، و80 في الفيزياء، و82 في الكيمياء، و95 في اللغة الإنجليزية، و89 في اللغة العربية.
نتائجها كانت محل إعجاب أساتذتها وزملائها، قبل أن تفاجأ الأسرة بقرار إلغاء النتيجة العامة للطالبة بعد تصنيفها ضمن حالات “الغش” في مادة واحدة فقط، ما تسبب في صدمة كبيرة لعائلتها ولكل من تابع قصة كفاحها.
تساؤلات حول عدالة القرار
قرار الوزارة قوبل بردود فعل غاضبة وتساؤلات حادة من ناشطين ومهتمين بالشأن التعليمي، الذين تساءلوا عن كيفية وقوع حالة غش لطالبة تخضع لرقابة كاملة داخل غرفة منفصلة، لا سيما مع عدم تسجيل أي ملاحظات على سلوكها أثناء الامتحانات.
وطالب كثيرون وزارة التربية والتعليم السودانية بإجراء تحقيق شفاف ومستقل حول الواقعة، مؤكدين أن العدالة التربوية تقتضي إعادة النظر في القرار وتقييم المادة المعنية بشكل مهني، دون الإضرار بمستقبل طالبة أثبتت قدرات استثنائية في ظروف صعبة.
مطالب بإعادة تقييم المادة محل النزاع
ناشطون في مجال التعليم وحقوق ذوي الإعاقة دعوا إلى تشكيل لجنة مراجعة خاصة لإعادة تصحيح مادة الأحياء للطالبة عائشة، مع ضرورة الاستماع إلى لجنة المراقبة التي أشرفت على امتحانها. كما شددوا على أن حالات ذوي الإعاقة البصرية تتطلب إجراءات خاصة في المراقبة والتصحيح لتجنب الظلم أو الاشتباه غير المبرر.
العدالة التربوية والطلاب ذوو الإعاقة
قضية الطالبة عائشة فتحت الباب أمام نقاش أوسع حول معاملة الطلاب من ذوي الإعاقات البصرية في النظام التعليمي السوداني، إذ يرى خبراء التربية أن هؤلاء الطلاب يواجهون تحديات إضافية تتطلب تفهماً ومراعاة خاصة في التقييم والمراجعة.
وأكد عدد من التربويين أن هذه الواقعة تكشف الحاجة إلى مراجعة لوائح وزارة التربية والتعليم بشأن الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، وإلى تدريب إضافي للمراقبين والمصححين على التعامل مع مثل هذه الحالات الحساسة.
دعم شعبي وتعاطف واسع
من جانبها، حظيت الطالبة عائشة بدعم واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق ناشطون وسماً يطالب بإنصافها، مؤكدين أنها تمثل نموذجاً للإصرار والإرادة في وجه التحديات، وأن اتهامها بالغش دون أدلة قاطعة يمثل ظلماً فادحاً يجب تصحيحه فوراً.
وكتب أحد المعلمين في منشور متداول: “من المستحيل أن تكون طالبة مثل عائشة، التي تذاكر باستخدام عدسة مكبرة وتكتب بصعوبة، قد لجأت إلى الغش. بل هي مثال للطالبة المكافحة التي تستحق التكريم لا الاتهام”.
دعوات رسمية للتحقيق
وبحسب مصادر تعليمية، فإن وزارة التربية والتعليم تتجه لمراجعة ملف الطالبة عائشة بعد تصاعد الضغوط المجتمعية والإعلامية، وسط توقعات بتكليف لجنة فنية للتحقق من تفاصيل الواقعة.
ويأمل مراقبون أن تؤدي هذه القضية إلى إصلاحات أوسع في آليات التصحيح والمراجعة، بما يضمن حقوق جميع الطلاب، خاصة من ذوي الإعاقة الذين يحتاجون إلى دعم إداري وإنساني مضاعف.
أمل جديد لعائشة
ورغم ما واجهته من إحباط، لم تفقد عائشة الأمل، إذ أكدت في حديث مقتضب لأقاربها أنها ستواصل مسيرتها التعليمية وأنها تؤمن بأن الحقيقة ستظهر، داعية وزارة التعليم إلى التحقق العادل من قضيتها لتستعيد حقها المشروع.
قصة الطالبة عائشة لم تعد مجرد حادثة فردية، بل رمزًا لقضية أوسع تتعلق بالعدالة التعليمية والحقوق المتكافئة للطلاب ذوي الإعاقات في السودان، ورسالة للمجتمع بضرورة دعم كل من يواجه الظلم والإقصاء رغم الكفاح والتفوق.