اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
شهدت بحيرة بيتر الكبرى بقناة السويس في الرابع عشر من فبراير عام 1945، حدثًا تاريخيًا شكل نقطة انطلاق لأطول وأهم علاقة استراتيجية جمعت الولايات المتحدة الأمريكية بأي دولة عربية.
تمثل هذا الحدث في اللقاء الذي جمع بين الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، على متن السفينة الحربية الأمريكية USS Quincy.
استغرق اللقاء قرابة ساعة وربع الساعة، تطرق خلالها الجانبان إلى قضايا محورية، من أبرزها ضمان أمن إمدادات النفط الحيوية للولايات المتحدة مقابل تقديم دعم عسكري أمريكي للمملكة.
اللقاء التاريخي انعقد في ظل ظروف بالغة الأهمية إبان الحرب العالمية الثانية، حيث كان الحلفاء يستعدون للمراحل النهائية من الحرب، وكان تأمين إمدادات النفط يمثل عنصرًا حاسمًا لدعم جهودهم العسكرية على الجبهتين الأوروبية والآسيوية.
وقد تم اختيار السفينة USS Quincy الراسية في موقع استراتيجي ومحايد في بحيرة بيتر الكبرى بقناة السويس كمكان لعقد هذا الاجتماع الرفيع المستوى، بعيدًا عن الأضواء السياسية في كل من واشنطن والرياض.
وحضر اللقاء من الجانب الأمريكي الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي كان يستند إلى كرسي متحرك بسبب إصابته بشلل الأطفال، برفقة كبار مستشاريه.
ومثل الجانب السعودي الملك عبدالعزيز آل سعود، يرافقه ثلاثة من أبنائه ووزيران من حكومته، وقد لعب المترجم الأمريكي الكولونيل ويليام إدي دورًا محوريًا في تسهيل الحوار والتواصل بين الزعيمين.
وتبادل الجانبان الأحاديث الودية لبضعة أمتار بين السفينتين عبر جسر مؤقت، حيث دارت مناقشات مستفيضة امتدت نحو ساعة وربع الساعة، وتركزت حول عدة قضايا رئيسية: تعهد الولايات المتحدة بالدفاع عن المملكة لضمان استمرار تدفق النفط إلى الحلفاء، وعرض الرئيس روزفلت تقديم معدات عسكرية ودعم لوجستي لتعزيز قدرات الدفاع السعودية، بالإضافة إلى مناقشة الاحتياجات الصحية للملك عبدالعزيز بعد الوعكة الصحية والعملية الجراحية التي خضع لها مؤخرًا.
وعقب انتهاء المباحثات الرسمية، دعا الرئيس روزفلت الملك عبدالعزيز إلى مأدبة غداء أقيمت على متن السفينة تكريمًا له.
وقد أسفر هذا اللقاء التاريخي عن نتائج بالغة الأهمية، حيث مثل نقطة البداية لتأسيس تحالف استراتيجي طويل الأمد بين واشنطن والرياض.
وقد أفضى هذا التحالف إلى اتفاقيات أمنية وتعاون وثيق في مجالات النفط والدفاع استمر لعقود طويلة، وشهد اللقاء تبادلًا للهدايا والرموز الدالة على التقدير والاحترام المتبادل، حيث أهدى الرئيس روزفلت الملك طائرة من طراز DC-3 لدعم قدرات النقل الجوي السعودي، فيما قدم الملك عبدالعزيز هدايا قيمة للرئيس روزفلت كرمز للعلاقات المتينة.
وقد ساهم هذا التحالف بشكل كبير في ضمان أمن الطاقة للحلفاء ودعم موقع الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط خلال فترة الحرب الباردة وما بعدها.
وتخليدًا لذكرى هذا اللقاء الهام، نظمت البحرية الأمريكية في فبراير 2020 احتفالًا خاصًا بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين على متنه الفرقاطة USS Farragut، بحضور كبار الضباط والمؤرخين.
وأصدرت العديد من المراكز البحثية دراسات ومقالات تاريخية تعيد تحليل تفاصيل هذا اللقاء وأثره العميق على السياسة الأمريكية في المنطقة، مثل مقالة “75 Years After a Historic Meeting” التي نشرتها مؤسسة بروكينغز.