اخبار السعودية
موقع كل يوم -بي بي سي عربي
نشر بتاريخ: ٢ أيار ٢٠٢٥
نقل موقع مدى مصر عن مسؤولين مصريين نهاية أبريل/ نيسان الماضي أن السعودية عرضت السماح للولايات المتحدة بإقامة قاعدة عسكرية على جزيرتي تيران وصنافير، الواقعتين عند مدخل خليج العقبة.
وبحسب الموقع المصري فإن الغرض من القاعدة، هو تأمين قناة السويس ومنع دخول أي سفن 'مشبوهة' قد تستخدم لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى قطاع غزة أو الأراضي اللبنانية، خاصة من إيران.
ونقل الموقع عن دبلوماسي إقليمي، أن إسرائيل وأمريكا تحاولان تأمين وجود عسكري دائم للولايات المتحدة على البحر الأحمر شمال قاعدة ليمونييه البحرية الأميركية في جيبوتي.
وبحسب الموقع فإن 'ما تريده الولايات المتحدة وتناقشه مع حلفائها الإقليميين، هو تغيير جذري في منظومة الأمن بالبحر الأحمر، بما يضعها في طليعة القوى المراقبة لهذا الممر البحري'، مشيراً إلى أن مصر - بحسب مصادر دبلوماسية - ما زالت 'تقاوم الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين للاستجابة لهذه المطالب'.
وأكد مصدران مصريان لمدى مصر أن الولايات المتحدة طلبت من القاهرة تعاوناً عسكرياً ومالياً في البحر الأحمر، واستدرك أحد هاذين المصدرين أن واشنطن أبلغت السفارة المصرية في أمريكا حين رفضت القاهرة تقديم دعم مالي في مارس/أذار الماضي، أنها ستعيد النظر فيما ستطلبه من مصر.
الأكثر قراءة نهاية
وبحسب ذات المصدر، فإن الفهم السائد في القاهرة هو أن تصريح ترامب بالسماح بمرور السفن الأمريكية في قناة السويس 'مجانًاً'، هو نتيجة مباشرة لهذا الطلب السابق.
وأدى الحديث عن العرض السعودي إلى انقسام داخل مصر، حيث عبّر بعض المسؤولين - بحسب الموقع - عن رفضهم التام، في حين أشار آخرون إلى أن مصر ليست في موقع يمكّنها من رفض الطلب السعودي بشكل قاطع، وأنها قد تضطر في نهاية المطاف إلى البحث عن سبل تضمن تحقيق بعض التنازلات لصالحها.
وافقت مصر عام 2016 على نقل السيادة على تيران وصنافير إلى السعودية، في خطوة لتعزيز العلاقات الثنائية وجذب الاستثمارات السعودية إليهما، غير أن عملية النقل لم تستكمل رغم مصادقة البرلمان رسم على الاتفاقية وتوقيع الرئيس عليها.
وقال موقع أكسيوس الأمريكي عام 2022، إن الولايات المتحدة حاولت التوسط بين مصر وإسرائيل والسعودية لإتمام عملية النقل ضمن اتفاق تطبيع أوسع مقترح بين إسرائيل والسعودية، لكن مصر رفضت المشاركة، مما أدى إلى فشل الوساطة.
ويقول مصدران حكوميان - بحسب موقع مدى مصر - إن الخلاف بين مصر والسعودية بشأن تيران وصنافير يتعلق بكاميرات المراقبة التي تريد السعودية وضعها على الجزيرتين بالتنسيق مع إسرائيل، حيث تُظهر بيانات الأمن القومي المصري أن مدى تغطية هذه الكاميرات يتجاوز النطاق الذي تسمح به مصر.
ماذا نعرف عن جزيرتي تيران وصنافير؟
تبعد جزيرتا تيران وصنافير عن بعضهما بمسافة نحو أربعة كيلومترات في مياه البحر الأحمر، ما يجعلهما نقطة تحكم لدخول خليج العقبة، وميناءي العقبة في الأردن، وإيلات في إسرائيل.
تقع جزيرة تيران عند مدخل خليج العقبة، على امتدادٍ يتسم بأهمية استراتيجية يطلق عليه 'مضيق تيران'، وهو طريق إسرائيل لدخول البحر الأحمر.
وجزيرة تيران أقرب الجزيرتين إلى الساحل المصري، إذ تقع على بُعد ستة كيلومترات عن منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.
وتتمركز القوات المصرية في الجزيرتين منذ عام 1950، إذ كانتا من بين القواعد العسكرية الاستراتيجية لمصر في فترة 'العدوان الثلاثي' عام 1956، واستولت إسرائيل عليهما في ذلك الوقت.
كما سيطرت إسرائيل على الجزيرتين مرة أخرى في حرب 1967 لكنها أعادتهما إلى مصر بعد توقيع البلدين إتفاقية سلام في عام 1979.
وتنص بنود اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية على أنه لا يمكن لمصر وضع قوات عسكرية على الجزيرتين، وأن تلتزم بضمان حرية الملاحة في الممر البحري الضيق الذي يفصل بين جزيرة تيران والساحل المصري في سيناء.
والجزيرتان غير مأهولتين بالسكان، باستثناء وجود قواتٍ تابعةٍ للجيش المصري، وقوات حفظ السلام متعددة الجنسيات منذ عام 1982.
وأعلنت السلطات المصرية الجزيرتين محمية طبيعية بعد أن أعادتها إسرائيل إلى مصر، وباتت الجزيرتان مقصدا للسياح الذين يمارسون رياضة الغوص في البحر الأحمر.
وجاء قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أبريل/نيسان 2016 بتبعية الجزيرتين للسعودية ليفجر حالة من الغضب الشعبي، وأزمة داخلية بين مؤيد للقرار ومعارض له.
وواجه السيسي انتقاداتٍ حادة، لما اعتبره معارضون 'بيعا' للأراضي المصرية، لاسيما بعد أن جاء القرار أثناء زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، لمصر في ذلك الوقت. وأعلن الملك سلمان أثناء الزيارة عن مساعدات لمصر واستثمارات فيها.
وأكد السيسي أكثر من مرة على اقتناعه بأن الجزيرتين سعوديتان، واعتبر أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية ترد الحق لأصحابه.
وأصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر 'حكما نهائيا باتا واجب النفاذ' ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر السعودية، والتي نصت على أن الجزيرتين سعوديتان. وأشارت المحكمة إلى أن الجزيرتين هما ضمن الإقليم المصري، وخاضعتان للسيادة المصرية الكاملة، بينما قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بسريان الاتفاقية، ما اضطرّ الحكومة إلى اللجوء للمحكمة الدستورية العليا لتحديد أي من المحكمتين لها الولاية القضائية للفصل في هذا الخلاف.
وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2016، أحالت الحكومة المصرية الاتفاقية إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها، وهو ما رآه منتقدو الاتفاقية محاولة للالتفاف على حكم القضاء.
وفي يوليو/تموز 2017 وافق مجلس النواب المصري في جلسة عامة على اتفاقية إعادة تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وأقرّ سيادة الرياض على جزيرتي تيران وصنافير، ما رآه حقوقيون 'التفافاً' على القضاء.
وقال سامح شكري، وزير الخارجية المصري حينها، إن الاتفاقية وُقعت بعد 11 جولة من التفاوض، مشيراً إلى أن لجنة قومية تضم كبار مسؤولي وزارتي الخارجية والدفاع وأجهزة سيادية مثلت مصر في التفاوض، واستندت في المفاوضات لقرار الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1990.
ومنذ ذلك الحين، تشهد مصر جدلا قانونيا وسياسيا وإعلاميا واسعا، إذ يرى برلمانيون أن الحكم القضائي مُلزم للحكومة فقط، وأن قبول الاتفاقيات الدولية أو رفضها من اختصاص مجلس النواب، باعتباره أعلى سلطة تشريعية في البلاد، وبالتالي فهو صاحب الكلمة الفصل في هذه القضية.
وأكدت تقارير سابقة للحكومة المصرية أن السعودية وافقت على أن تحتفظ مصر 'بحق إدارة وحماية' جزيرتي تيران وصنافير، حتى إذا تمت الموافقة على نقل السيادة عليهما.
وبحسب التقارير، فإن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تضمنت نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية تنهي فقط الجزء الخاص بالسيادة ولا تنهي مبررات وضرورات حماية مصر للجزيرتين.
ورجح مسؤولان مصريان بحسب موقع مدى مصر أن يكون المقترح السعودي بشأن تيران وصنافير، على جدول أعمال زيارة ترامب المرتقبة إلى السعودية في منتصف مايو/أيار الجاري.