اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٨ أب ٢٠٢٣
كمال السلامي - الخليج أونلاين
منذ إعلان الرياض إعادة فتح مجالها الجوي وحدودها مع قطر، في يناير 2021، تغيرت أشياء كثيرة في العلاقة بين البلدين، وأصبح التقارب بينهما أمراً شائعاً بعد أن كانت القطيعة سيدة الموقف.
يوم الأحد الموافق 27 أغسطس، عقدت لجنة المتابعة القطرية السعودية اجتماعها الـ14، في العاصمة القطرية الدوحة؛ لاستكمال النقاش حول خطوات تنفيذ 'إعلان العُلا' الذي صدر في ختام القمة الـ41، لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، التي عُقدت في المملكة، مطلع يناير 2021، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
انتهت حينها المقاطعة التي بدأت في 5 يونيو 2017، وطويت صفحة ثلاث سنوات ونصف من القطيعة الشديدة التي أوصلت المنطقة إلى حافة الخطر، وسرعان ما عادت المياه لمجاريها مجدداً.
واليوم، بعد أكثر من عامين ونصف على المصالحة و'إعلان العُلا'، نحاول في هذا التقرير تلمُّس معالم العلاقة بين قطر والسعودية، إلى أين وصلت، وما آفاقها؟
اتفاق العُلا
تظل الملفات الحساسة، التي كانت مثار خلاف وأدّت إلى لحظة القطيعة، مطلع يونيو 2017، بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهةٍ أخرى، بعيدةً عن النقاش المعلن، وبالتقارب بينهم تدور عجلة التوافق في بقية المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
'إعلان العُلا'، الصادر يوم 6 يناير 2021، تضمن تسعة بنود معلنة، وثلاثة لم يتضمنها الإعلان، وهي التي يقوم عليها رهان التقارب بين العواصم الخمس، وخصوصاً الدوحة والرياض.
انحصرت أغلب بنود الإعلان 'المعلنة' في التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والأمنية، لكن نقاطاً أخرى ذكرها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عقب القمة المذكورة، كانت هي جوهر الاتفاق، وعليها ترتب ما تلا قمة العلا من تقارب.
تلك النقاط تمثلت، وفق الوزير السعودي، في الالتزام بعدم التدخل في شؤون الدول، واحترام سيادتها وأمنها، ومكافحة الإرهاب، ومحاربة الكيانات والجماعات الإرهابية، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية 'واس'.
زيارات وإشادة
مثلت الدعوة السعودية لأمير قطر لحضور قمة العُلا، مطلع يناير 2021، عنواناً لرغبة المملكة في طي صفحة الخلاف، وبحضور الشيخ تميم لتلك القمة كانت صفحة المقاطعة قد طويت.
ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الزيارات المتبادلة على مستوى قيادة البلدين، والوزراء، وكذا على مستوى اللجان والدبلوماسيين، وفي العاشر من مايو 2021، استقبل ولي العهد السعودي أمير قطر، في ثاني زيارة إلى المملكة منذ انتهاء المقاطعة.
ولي العهد السعودي بدوره قام بأول زيارة إلى قطر منذ بداية الأزمة الخليجية، مطلع ديسمبر 2021، حيث ترأس الزعيمان الاجتماع السادس لمجلس التنسيق المشترك بين البلدين، وبعدها بأيام وصل الشيخ تميم إلى الرياض لحضور قمة دول مجلس التعاون في دورتها الـ42، تلتها زيارة رابعة حضر خلالها 'قمة جدة للأمن والتنمية'، في 16 يوليو 2022.
وفي نوفمبر من العام 2022، وصل ولي العهد السعودي إلى الدوحة في ثاني زيارة له إلى قطر، لحضور حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم.
وشهد العام الحالي 2023 زخماً مهماً في الزيارات التي قام بها أمير قطر إلى المملكة، منها حضوره سباق 'فورمولا كور الدرعية إي بري 2023'، في 29 يناير الماضي، كما حضر في 19 مايو القمة العربية في دورتها العادية الـ32 بمدينة جدة، وفي 19 يوليو حضر أيضاً 'اللقاء التشاوري الـ18 لقادة دول مجلس التعاون، والقمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى'، اللتين استضافتهما الرياض.
وكان أمير قطر قد تسلّم، أواخر يونيو 2021، أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد منصور بن خالد آل سعود، بعد أشهر من طي صفحة الأزمة الخليجية، ثم في أغسطس 2021، عُيّن بندر محمد عبد الله العطية سفيراً فوق العادة مفوضاً قطرياً لدى المملكة، وبذلك انتهت رسمياً القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.
ووصف ولي العهد السعودي، الشيخَ تميم، في حوار مع مجلة 'أتلانتيك' الأمريكية، في مارس 2022، بأنه 'شخص رائع'، مؤكداً أن العلاقة مع قطر 'أفضل من أي وقتٍ مضى'.
واعتبر السفير السعودي لدى قطر، في سبتمبر 2022، الزيارات المتتالية للوفود الرسمية السعودية إلى الدوحة 'شاهداً على الزخم والحراك النشط الذي تشهده علاقات البلدين، وجسراً للتقارب والتواصل والتعاون'.
لقاءات عسكرية
وكان لافتاً أيضاً التعاون العسكري بين الجانبين، فخلال عامين ونصف كان هناك العديد من اللقاءات بين القادة والوفود العسكرية من قطر والسعودية.
آخر تلك اللقاءات عقدها وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد العطية، مع مساعد وزير الدفاع السعودي طلال العتيبي، مطلع يونيو الماضي، على هامش زيارة أجراها العطية إلى سنغافورة.
وفي أواخر يونيو من العام 2022، بحث رئيس أركان الجيش القطري الفريق الركن طيار سالم بن حمد بن عقيل النابت، مع نظيره السعودي الفريق الأول الركن فياض بن حامد الرويلي، تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين.
وكان أمير قطر قد بحث، في 7 مارس 2022، مع الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي حينها (وزير الدفاع لاحقاً)، آفاق تطوير العلاقات وتعزيز التعاون في المجال الدفاعي بين البلدين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية 'واس'.
الصعيد الاقتصادي
منذ إنهاء المقاطعة، وإعادة العلاقات، كان الاقتصاد والتجارة أكثر مجال يُنتظر أن يتأثر بهذا التحول، خصوصاً بعد إزالة العوائق وإعادة فتح المنافذ بين قطر والسعودية.
وفي الثامن من ديسمبر 2021، وقعت شركات قطرية وسعودية 6 اتفاقيات تعاون في قطاعات الطاقة والعقارات والسياحة، على هامش اجتماع ملتقى الأعمال القطري السعودي في الدوحة.
أواخر أكتوبر من العام 2022، عقد مجلس الأعمال القطري السعودي المشترك اجتماعه الأول، في مقر غرفة تجارة قطر؛ لبحث تطوير العلاقات في قطاع الأعمال، وفقاً لوكالتي 'واس' و'قنا' الرسميتين.
وبالرغم من هذه اللقاءات والملتقيات، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يزال ضعيفاً، إذ بلغ في النصف الأول من العام 2022 قرابة 791 مليون ريال سعودي، وفق بيانات رسمية سعودية، أي 210 ملايين دولار فقط، بينما يسعى الجانبان لمضاعفة هذه الأرقام خلال الفترة القادمة.
وضع جديد
ومما لا شك فيه أنه بعد عامين ونصف على قمة العُلا وإعلانها، دخلت العلاقات القطرية السعودية مرحلة جديدة، وهذا ما ذهب إليه الباحث والمحلل السياسي محمود علوش.
وقال علوش في حديثٍ لـ'الخليج أونلاين': 'نحن نتحدث عن وضع جديد في العلاقات بين الرياض والدوحة، يرتكز بشكل أساسي على معالجة خلافات الأزمة الخليجية، والتعاون بين البلدين في المجالات الإقليمية'.
وأشار إلى أن الدولتين لديهما رغبة في المضي قدماً لتطوير العلاقات، ليس على مستوى قطر والسعودية، بل على مستوى العلاقات الخليجية - الخليجية، من خلال تعزيز النهج الجديد الخليجي بعد مصالحة العُلا.
وحول إمكانية تطوير العلاقة بين السعودية وقطر، أشار علوش إلى أن 'الظروف اليوم مناسبة للدولتين من أجل المضي في تطوير العلاقات والتعاون بينهما'، مشيراً إلى أن 'الرياض اليوم حريصة على أن يكون الموقف الخليجي موقفاً موحداً، لا سيما أن منطقة الخليج تواجه تحديات جيوسياسية كبيرة على مستوى الحالة الإقليمية، وعلى مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية'.
وعلى الجانب الآخر، وفقاً لعلوش، تبدو 'قطر مستفيدة من تعزيز الوضع الجديد في العلاقات مع السعودية'، لافتاً إلى أن هناك 'وضعاً إقليمياً جديداً، وهناك تفاعلات إقليمية جديدة، إضافة إلى تحولات دولية تؤثر تأثيراً كبيراً على منطقة الخليج على وجه التحديد'.
تنشيط مجلس التعاون
وأوضح أن التحولات الدولية تؤدي دوراً في دفع صناع القرار في منطقة الخليج إلى التركيز على مسار المصالحات، وتعزيز هذا المسار، ليس فقط من خلال التهدئة، ومعالجة الخلافات الثنائية، بل أيضاً من خلال جعل مجلس التعاون الخليجي ناشطاً بشكل أكبر في السياسات الإقليمية.
وتوقع الباحث علوش أن تستمر ارتدادات الأزمة الخليجية، لكنه أشار إلى أن الرياض وقطر تحديداً تمتلكان رغبة في تجاوز ارتدادات الأزمة، مضيفاً: 'اليوم تدفع الظروف الحالية باتجاه أن يكون الخليج مستقراً وموحداً في التفاعل مع القضايا الخليجية'.
وشدد على أن 'أي وضع جيد ومستقر بين الدولتين له انعكاسات إيجابية على كل دول الخليج، وعلى استقرار المنطقة، وعلى وضع الشعوب أيضاً'، مبيناً أن الأزمة الخليجية الأخيرة 'كان لها وقع سيئ للغاية على الحالة السياسية والاقتصادية، وأيضاً المجتمعية في منطقة الخليج، ومن ثم فهذه المرحلة الجديدة في العلاقات الخليجية - الخليجية تسهم في دفع وتثبيت الاستقرار في منطقة الخليج'.
