برامج التواصل.. مصادرة الأوقات

لم تعد برامج التواصل الاجتماعي مجرد تطبيقات في الهواتف، بل تحولت إلى وباء صامت يفتت الأسر ويهدم القيم، ويصادر أجمل الأوقات، لقد سرقت لحظاتنا الخاصة، فصارت ضيفًا ثقيلاً على موائدنا ومجالسنا ونومنا، حتى غزت مقاعد القيادة لتعرض حياة الناس وأرواحهم للخطر .

المؤسف أن هذه المنصات أصبحت مرتعًا للمحتوى الهابط، فهو الذي يتصدر المشاهدات ويحصد الملايين من المتابعين والإعلانات، بينما يتوارى المحتوى الجاد خلف الأرقام الباهتة؛ لأن غالب المشاهدين يطاردون التفاهة، والمعلنون لا يعنيهم إلا الربح، لتتحول المنصات إلى مسرح يهمش القيّم، والأدهى من ذلك، أنها صنعت جيلاً مخدوعًا ببريق زائف؛ عبارة عن بيوت فارهة، وسيارات فخمة، ورحلات جميلة ، وصور مصطنعة يستعرضها مشاهير لا يدفعون ثمنًا لها، لكنها تزرع في نفوس الأبناء شعورًا بالنقص، وتضع الآباء تحت ضغط المقارنات المستحيلة؛ فتصبح التربية أكثر تعقيدًا وتنهار القدوة.

إن هذه البرامج لم تعد مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة خطيرة تنخر في جسد المجتمع؛ لذلك علينا إعداد خطط مواجهة صريحة وحاسمة، تبدأ من الإعلام ومنابر الجمعة، مرورًا بصناع المحتوى الجاد، وصولًا إلى كل فرد في الأسرة، فالتقنية بريئة، لكن الاستخدام المنفلت كارثة، والمجتمع إن لم يتحرك بوعي، سيدفع ثمنًا باهظًا من قيمه وترابطه. وكلنا في خدمة الوطن.